أثار
بيان منظمات المجتمع المدني في
ليبيا الذي هاجم المؤسسات الدولية والدول الكبرى
واتهمها بالتقاعس بعض التساؤلات عن سبب هذا التقاعس في نجدة وإنقاذ مدن الشرق
الليبي التي تعرضت لأزمة فيضانات خلفت آلاف القتلى.
وأكد
البيان أن "هناك تقاعسا من قبل المنظمات الدولية وبعض الدول الكبرى تجاه أزمة
السيول في مدن الشرق الليبي، وأنها منظمات تكيل بمكيالين في الأزمات وتخضع لأهواء
سياسية.
وترددت
نفس الشكوى من قبل عمداء بلديات وناشطين في الشرق الليبي بأنه رغم
كارثة مدينة
درنة وسقوط آلاف القتلى وأضعافهم من المفقودين والمصابين إلا أنه لم تصل إلى
المدينة فرق إنقاذ ذات إمكانيات كبرى حتى كتابة التقرير.
"تنافس
تركي مصري"
ولوحظ
في الأزمة تنافس تركي-مصري في أسبقية التواجد، فرغم الخلافات السياسية بين تركيا
والشرق الليبي إلا أنها كانت أول دولة تصل هناك ومعها المئات من أطقم الإنقاذ
وأدوات الدعم والمساعدة الطبية واللوجستية، وهو ما دفع الرئيس المصري إلى إرسال
رئيس أركان الجيش، أسامة عسكر للشرق الليبي ولقاء حفتر.
ورأى
مراقبون أنه "رغم ما حدث في مدن الشرق الليبي من أزمة إنسانية عجزت عن تحملها
السلطات والأهالي إلا أن الأمر خضع لبعض الابتزاز السياسي من قبل بعض الدول أو
تحويلها لورقة سياسية.
"انقسام
الحكومات"
من
جهته، قال عضو مجلس النواب الليبي، بالخير الشعاب إن "الشكوى كانت تقصد أزمة
التنسيق فقط، وحكومات مثل تركيا وفرنسا وإيطاليا على سبيل المثال تقوم بالتنسيق مع
حكومة الوحدة الوطنية كونها المعترف بها دوليا، في حين دول مثل مصر والإمارات
وغيرها تتعامل مباشرة مع الحكومة الليبية في الشرق".
وأضاف
في تصريحات لـ"عربي21" أن "معظم المساعدات من الدول وصلت إلى شرق
البلاد رغم صعوبة التنسيق من حيث تصاريح الدخول والموافقات وأذونات الهبوط
والإقلاع وما زالت الجسور الجوية من وإلى المطارات الليبية مستمرة والمؤسسات غرب
البلاد وشرقها تعمل في اتجاه واحد لصالح إغاثة المناطق المتضررة"، وفق قوله.
"تحسين
الصورة الذهنية"
في
حين رأى المتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إسماعيل الشريف
السنوسي أن "الكارثة في مدن الشرق الليبي ودرنة خصوصا كبيرة جدا ولا أعتقد
أنه يمكن توظيفها سياسيا في الوقت الحالي، لذا فالغالبية سارعوا في تقديم
المساعدات".
وأكد
في تصريحه لـ"عربي21" أنه "رغم ذلك يمكن لأي دولة تساعد الليبيين
أن تستفيد مستقبلا من خلال تحسين صورتها الذهنية في الشارع الليبي كدولة صديقة
وقفت مع ليبيا في عز أزمتها وهذا مكسب سياسي وليس ورقة سياسية"، حسب كلامه.
"ورقة
للتقارب"
الناشطة
الحقوقية الليبية المقيمة في تركيا، نادين الفارسي قالت من جهتها، إن "الأزمة
لم تخضع حتى الآن لتوجهات سياسية، بل تضامن الجميع وشارك في دعم مدينة درنة
المنكوبة والمدن المتضررة بجميع تياراتهم وتوجهاتهم وجاء الدعم من مدن الجنوب
والغرب وحتى الكتائب العسكرية ساعدت".
لكنها
أشارت إلى أن "هناك دولا سوف ترى في هذه الأزمة فرصة وورقة سياسية للتقارب مع
الشرق الليبي والساسة هناك، مثل دولة تركيا التي لم تكن حليفة مع الشرق وبينهم
خلافات لكنها سارعت في التواجد لتكون ورقة للتقارب وإنهاء هذه الخلافات عبر بوابة
المساعدات"، وفق تصريحها لـ"عربي21".
"مزايدات
أكثر منها مساعدات"
لكن
الصحفي من الشرق الليبي، عاطف الأطرش رأى أن "التخبط والفوضى كانا سيد
الموقف، وكل طرف حاول بشكل مبطن استثمار الوضع لصالحه عبر أبواقه الإعلامية لتلميع
نفسه أمام الجماهير المكلومة، أما بخصوص وصول فرق الإغاثة التركية قبيل المصرية
فهذا جاء بناء على طلب رسمي من حكومة "الدبيبة" للحكومة التركية ومن ثم
تلاها بقية الحكومات الأخرى".
وتابع
لـ"عربي21": "أما مسألة تحويل هذه الأزمة إلى ورقة سياسية رخيصة فهي
مسألة حتمية وسنشهد حفلة من المزايدات السياسية البائسة في جلسة البرلمان الطارئة
التي ستنعقد بعد ثلاثة أيام من الكارثة مثل التي سبقتها في جلسة رفض
"التطبيع" مع الكيان الصهيوني السابقة"، وفق تقديره.
"مصر
الأقرب"
أما
رئيس تجمع "فزان" والناشط الليبي، وسام عبدالكبير فأكد أن
"الاستجابة الدولية مع فاجعة "درنة" تأخرت من كافة الدول، ولم
يتشكل موقف دولي أو إقليمي سريع يتناسب مع الكارثة في ساعاتها الأولى وكان للدول
الإقليمية حساباتها السياسية سواء كانت تركيا أو مصر".
وأضاف:
"مصر هي الأقرب جغرافيا ولها دور كبير الآن في درنة ومدن الشرق الليبي، ونحن
في ليبيا نعول على اللحمة الوطنية والتكاتف الذي يميز الشعب في سد كل ما تحتاجه
المدن المتضررة، والمطلوب من الدول الأخرى المساندة والدعم الفني واللوجستي خاصة
أن ليبيا سباقة في مساندة كافة الدول حينما تتعرض لكوارث"، بحسب قوله
لـ"عربي21".