ملفات سياسية واجتماعية واقتصادية توصف بـ"الساخنة"، تنتظر الحكومة
المغربية التي يرأسها رجل الأعمال، عزيز أخنوش، وذلك على بعد أسابيع قليلة من "
الدخول السياسي الجديد"، بالتزامن مع نقاش مواز بين
الأغلبية الحكومية والمعارضة البرلمانية.
ويرى محللون للشأن السياسي المغربي، أن حكومة أخنوش، في عامها الثالث من الولاية الراهنة الممتدة على خمس سنوات، تعيش على إيقاع دخول سياسي "حاسم" فيما يتعلق بالخطط الإصلاحية المفتوحة التي تحتاج إلى تنفيذ، كي يلمس المواطنون نتائجها على أرض الواقع.
والخطط التي أشار إليها الخطاب الملكي الأخير؛ يجب أن تؤطر عمل مختلف الفاعلين في الحياة السياسية المغربية، خلال السنوات القليلة المقبلة.
آمال حكومية.. هل ستتحقق؟
وخلال إشرافه على أشغال المجلس الحكومي، الخميس الماضي، أشار رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، إلى أن الحكومة منذ تنصيبها، اتسم السياق الدولي بتوالي الأزمات وتصاعد التوترات الجيوسياسية، مبرزا "نجاحها في مواجهة هذه الضغوط، وتدبير الأزمات المركبة من خلال الحد من تداعياتها وتقليص آثارها المباشرة على الاقتصاد الوطني، وعلى المستوى المعيشي للمواطنين".
وأكد أخنوش، أن "الحكومة ستواصل العمل، خلال سنة 2024، على توطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية، وتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، ومواصلة الإصلاحات الهيكلية، مع تعزيز استدامة توازنات المالية العمومية".
وفي هذا الصدد، يقول البرلماني السابق عن حزب العدالة والتنمية، ورئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، نبيل الأندلوسي، إن هناك "تحديات كبرى تنتظر الحكومة المغربية في الدخول السياسي المقبل، على المستوى السياسي، والاجتماعي والاقتصادي، خاصة في ظل فقدان مكونات الأغلبية الحكومية للمصداقية أمام فئات عريضة من الشعب المغربي، حتى بالنسبة لتلك الفئات التي وثقت في وعودها الانتخابية".
ويوضح الأندلوسي، في حديثه لـ"عربي21" أن "أزمة ارتفاع الأسعار وأثمنة المواد الأساسية، وعدم قدرة الحكومة على إيجاد حلول لها، ستكون من أبرز التحديات التي واجهت ولا زالت تواجه حكومة عزيز أخنوش، التي تفتقد للقدرة على التواصل، وتفقد في كل يوم مزيدا من النقاط في علاقتها بالشعب".
وأضاف: "ملف المحروقات، من الملفات الحارقة التي تواجه الحكومة، بسبب الارتفاعات المتتالية التي تشهدها المواد النفطية، خاصة مع وجود شبهة تواطؤ من قبل الشركات المهيمنة على القطاع بما يناقض مبادئ المنافسة والشفافية، وهو ما يعقد من أزمة هذا القطاع، بتداعياته الاجتماعية والاقتصادية".
وأشار المتحدث لـ"عربي21" إلى "أن تطبيق التوجيهات الملكية على مستوى تفعيل الحماية الاجتماعية، سيكون من بين تحديات الدخول السياسي، خاصة وأن الملك محمد السادس، في آخر خطاب للعرش، أعطى موعد نهاية هذا العام، للشروع في منح تعويضات لفائدة الأسر المعوزة، وهو ما يسائل الحكومة حول قدرتها على الوفاء بهذه المتطلبات".
وأكد الأندلوسي على أن حكومة عزيز أخنوش "فشلت في إقناع المغاربة بجديتها في إيجاد حلول للإشكاليات التي تواجه المواطن، وفقدت كل مصداقية، مما يصعب من مهامها، ويفتح الباب على مصراعيه لإمكانية حدوث تعديل حكومي، من المرجح أن يكون موسعا، رغم أن الرهان على التعديل لإعادة الأمور إلى نصابها يبقى محدودا".
ملفات متراكمة على الطاولة
وتزامنا مع الدخول السياسي المقبل، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، بعدد من المنشورات التي يقول أصحابها، إن "الحكومة خلال الأشهر الماضية من عمرها التشريعي الثاني، سجّلت فشلا في تدبير الأمن المائي والغذائي، والنتيجة كانت ارتفاعا صارخا في أسعار المواد الغذائية، وارتفاع أسعار المحروقات".
وفي الوقت الذي يصف فيه عدد من المواطنين المغاربة، سنوات حكومة أخنوش، بـ"التخبّط الحكومي" مطالبين بضرورة "ضمان تزويد المواطنين والمواطنات بالماء الصالح للشرب، في عدد من المناطق، وإيقاف إنتاج الثمار التي تُجهد الثروة المائية"، تم تسجيل انخفاض المخزون المائي للسدود بأكثر من سالب خمسة في المئة، في ظرف ثلاثة أشهر ماضية.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي، رشيد لزرق، أن "أبرز تحدٍّ يواجه حكومة عزبز أخنوش، في الدخول السياسي والاجتماعي هو العديد من الملفات الساخنة التي ما زالت مطروحة على الطاولة، على رأسها الأزمة الاقتصادية وغلاء أسعار المواد الغذائية والمحروقات، والأزمة الاجتماعية الخانقة وتنزيل الدولة الاجتماعية".
ويوضح لزرق، في حديثه لـ"عربي21" أن تحقيق الدولة الاجتماعية، يستدعي "بذل الجهود لتمكين الأفراد وحماية خاصة للفئات الهشة" مشيرا إلى أن "أكبر تحد هو الحد من غلاء الأسعار، مما يستدعي من الحكومة ابتكار حلول وبذل جهود كبيرة لتعزيز الحماية الاجتماعية في ضوء التشخيص الكامل لحالات الضعف في المجال الاجتماعي، ونهج سياسة عمومية لمعالجة المسائل المنهجية المرتبطة بالعجز في هذا الميدان".
وأكد المتحدث نفسه، أن "الحكومة تستطيع الاعتماد على قانون المسؤولية المجتمعية لمؤسسات الدولة، لدفع الشركات نحو تعزيز استثماراتها في الحماية الاجتماعية باستخدام تدابير ملزمة وكذلك طوعية" مردفا أن "الحكومة مُلزمة بحسن تنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي، دون الإخلال بالتوازنات المالية" مشيرا إلى أن ذلك "لا يتأتَّى إلا بتحصين السيادة الوطنية عبر توفير الأمن الغذائي والطاقي والصحي".
من جهته، وصف عضو الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في البرلمان المغربي، العياشي الفرفار، سياق عمل الحكومة بـ"الصعب والمعقد، نتيجة التغيرات والتحولات العالمية والجيوستراتيجية والمناخية، التي يعرف حجم تأثيراتها الكبيرة على السياق الوطني اقتصاديا واجتماعيا، من قبيل أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، وتأثيرها على مستوى التوريدات والتضخم وارتفاع أسعار المحروقات".
وأضاف، الفرفار، في حديثه لـ"عربي21" أنه "صحيح أن هناك توجيهات ملكية تؤطر عمل الحكومة، وتركز على استمرار الإصلاحات، وعلى البحث عن السيادة الغذائية والطاقية والعلمية، لكن هناك أربعة تحديات يجب أن تشتغل عليها الحكومة، إذ أن المواطن يجب أن يشعر بدفء الدولة وهو ما يطلبه الملك".
وأول تحدّ بحسب الفرفار، هو "تثبيت وتدعيم فلسفة الدولة الاجتماعية عبر التعليم والصحة والتشغيل، إضافة إلى تقديم الدعم المباشر لمن يستحق" فيما أشار إلى كون التحدي الثاني يتعلق بـ"استكمال الخطط الاستراتيجية بما يضمن السيادة الغذائية والمائية والطاقية والعلمية".
وتابع: "يتعلق التحدي الثالث بالحكامة، بما يعني القدرة على الإنجاز مع الكشف عن النتائج، ثم إن الرابع يخص استدامة الموارد المالية، أي التدبير بكثير من العقلانية والترشيد تفاديا لأي أزمة"، مردفا أن "الحكومة كذلك مطالبة بوضع مجموعة من النصوص التشريعية القادرة على تقديم إجابات لبعض المشاكل التي أصبحت ملفتة للانتباه، من قبيل مدونة الأسرة والقانون الجنائي وبعض القوانين المتعلقة بالأنظمة الأساسية لرجال التعليم والبحث العلمي، والمسطرة المدنية".
أي تعديلات حكومية في الواجهة؟
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن اقتراب أول تعديل حكومي من أجل تجديد دماء حكومة أخنوش؛ فيما قال مصدر لـ"عربي21" فضل عدم الكشف عن اسمه، أن كلا من "حزبي الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية يصرّان على رفضهما الانضمام إلى مكونات الحكومة الحالية، مشيرين لكون البرنامج الحكومي لا يليق بهما، ولا يليق بكافة المغاربة".
وأضاف المصدر نفسه، أن "حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، المعارض كذلك، يبدو أنه الأكثر استعدادا للالتحاق بالتحالف الحكومي، حسب ما أكّده رئيس فريقه بمجلس النواب، عبد الرحيم شهيد".
في سياق متصل، تقول عدد من المصادر المتطابقة، إن حزب الاستقلال، مهدد بعدد من الصراعات الداخلية، بين كل من أمينه العام الذي يشغل منصب وزير التجهيز، نزار بركة، وبين رئيس مجلس المستشارين، نعمة ميارة؛ حيث قد يصل هذا الخلاف إلى "الخروج من الائتلاف الحكومي" الذي يتكون حاليا من ثلاثة أحزاب: حزب التجمع الوطني للأحرار، وحزب الأصالة والمعاصرة، وحزب الاستقلال.