تسائلت صحيفة الغارديان البريطانية عن مدى تحكم الحكومة
السعودية بالخط التحريري لوسائل إعلام عالمية.
وقالت "الغارديان" في
تقرير لها، إن مجلة "فايس" الأمريكية الكندية تراجعت عن نشر تقرير كان يحوي نقدا لاذعا للسعودية في ما يخص سياساتها تجاه المثليين.
ولفتت إلى أن "فايس" التي وقعت سابقا اتفاق شراكة مع مجموعة "إم بي سي" التابعة للحكومة السعودية، أجلت ابتداء نشر التقرير، قبل أن تقوم بإلغاء فكرة نشره تماما.
وأشارت "الغارديان" إلى أن تبرير "فايس" للتراجع عن نشر التقرير هو للحفاظ على سلامة صحفييها المتواجدين في الرياض.
ونوهت "الغارديان" إلى أن 20 من آخر 29 وظيفة عرضتها "فايس" كانت في السعودية، وهو ما يفسر تأثرها وحساسيتها تجاه أي تقرير أو مقال ينتقد الرياض.
ولاحقا، نشرت "الغارديان"
مقالا للكاتبة جميمة ستاينفيلد، قالت فيه إن "المشكلة ليست في منع نشر مقال في صحيفة ما، فهو أمر يتكرر في الدول السلطوية مثل الصين وروسيا، أو قد يحدث أحيانا في المملكة المتحدة إذا تضمن المقال انتقادات لفاحشي الثراء الذين يستغلون النظام القضائي البريطاني الذي يتبنى سهولة إجراءات التقاضي".
وأضافت: "تواصلنا في الغارديان مع كاتبي المقال، الذين يفترض أنهم في دولة تتوافر فيها قيم الحرية والديمقراطية وحرية التعبير عن الرأي، وعرضنا عليهم أن تفرد مساحة لما كتبوه من انتقادات عن السعودية".
وأشارت ستاينفيلد إلى أن "فايس" ليست هي وسيلة الإعلام الوحيدة في دول الغرب التي تربطها علاقة وثيقة مع دولة من الدول الغنية بالنفط؛ "فهناك الإندبندنت وإيفيننغ ستاندرد اللتان تواجهان اتهامات بأن السعودية تمتلك نسبة منهما، وسط تقارير أشارت إلى أن رجل الأعمال البريطاني الروسي يفغيني ليبيديف باع 30 في المئة من حصته في كلتا الصحيفتين لرجل الأعمال السعودي سلطان محمد أبو الجدايل".
وأشارت إلى أن هيئة تنظيم الاتصالات في
بريطانيا "أوفكوم" أكدت في تحقيق نشرته في 2019 أن تغطية الصحيفتين للشأن السعودي لم تتأثر بتغيير الملكية.
وأعربت "الغارديان" عن دهشتها لـ"السرعة التي نسي بها العالم مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في واقعة أكدت المخابرات المركزية الأمريكية أنها تمت بأوامر من ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان".
وساقت بعض الأمثلة على استمرار السعودية في الممارسات القمعية ضد معارضي النظام السعودي، من بينهم طالبة الدكتوراه في جامعة ليدز البريطانية سلمى الشهاب التي حكم عليها بالسجن لمدة 34 سنة.
وذكرت ستاينفيلد أنه رغم مقتل خاشقجي واستمرار قمع المعارضة السعودية وتأكيد الرئيس الأمريكي جو بايدن في عدة مناسبات فور وصوله إلى سدة الحكم على أن بلاده سوف تعتبر السعودية دولة "منبوذة"، فقد زار بايدن السعودية العام الماضي، علاوة على ترحيب المملكة المتحدة بزيارة ولي العهد السعودي لها رغم أن الرياض لم تتوقف عن انتهاكات حقوق الإنسان.
وقالت إنه رغم ما ينشر عن السعودية من مقالات براقة عن إحراز تقدم في ملف حقوق الإنسان وإصلاحات اجتماعية وانجازات هائلة مثل مدينة نيوم التي زرعت في الصحراء السعودية، والسماح للمرأة بقيادة السيارات، فإنها لا تزال صورة السعودية مشوهة أمام العالم بسبب استمرار انتهاكات حقوق الإنسان المتكررة من قبل النظام السعودي.
وليس أدل على ذلك من "حبس الناشط والمؤثر السعودي البارز محمد الحاجي قبل أيام، دون وجود أي دليل على أنه تحدث في الشأن السياسي وسط مخاوف لدى كثيرين حيال أن يكون سبب اعتقاله أن لديه أعدادا كبيرة من المتابعين".
وختمت مقالها قائلة: "نشر أي مقال هو إجراء بسيط، لكن الإجراء الخطير هو ألا تنشر هذا المقال"، معربة عن أملها في أن تجد "فايس" مخرجا من المأزق الذي وضعت نفسها فيه.