اقتصاد دولي

لماذا تحارب "أوبك+" من أجل رفع أسعار النفط.. وكيف ينظر الغرب لذلك؟

يعتبر الغرب أن ارتفاع أسعار النفط والغاز يمثل تهديدا اقتصاديا وسياسيا جديا لهم- جيتي
نشر موقع "أويل برايس" الأمريكي تقريرًا، تحدث فيه عن دور منظمة "أوبك+" في زيادة أسعار النفط، وسعيها بكل الطرق لدفع أسعار النفط للارتفاع.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي 21"، إن الولايات المتحدة وحلفاءها الأساسيين يرون أن ارتفاع أسعار النفط والغاز يمثل تهديدًا اقتصاديًا وسياسيًا جديًا لهم. ونظرًا لإزالة القيد الأمريكي على رفع أسعار النفط والغاز إلى أعلى مستوى ممكن، ترغب السعودية ونظراؤها في "أوبك"، في دفعها إلى أعلى مستوى ممكن.

وأضاف الموقع أن إصرار "أوبك+" على مواصلة زيادة أسعار النفط - كما تنبأ  موقع "أويل برايس" قبل وقت قصير - يتجلى في تمديد الخفض الكبير الإضافي للتخفيضات الأولية في الإنتاج التي تم وضعها لأول مرة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.



وكانت السعودية، التي تتزعم مجموعة أوبك - بحكم الأمر الواقع - قد أعلنت في 3 آب/أغسطس أنها ستستمر في الخفض الإضافي في الإنتاج البالغ مليون برميل في اليوم الذي أعلنته في حزيران/ يونيو، وذلك حتى أيلول/سبتمبر على الأقل.

وقالت روسيا، التي تتطلع إلى بيع نفطها بتخفيض على سعر "أوبك+" من خلال قنوات خلفية، إنها ستقلص خفض تصديرها الإضافي البالغ 500 ألف برميل في اليوم لشهر آب/أغسطس إلى 300 ألف برميل في اليوم في أيلول/سبتمبر.

وتأتي هذه التخفيضات الممتدة فوق الخفض البالغ 3.66 مليون برميل في اليوم من قبل أوبك+ منذ تشرين الأول/أكتوبر 2022، فهل ستواصل "أوبك+" رفع أسعار النفط من خلال مزيد من خفض الإنتاج، وماذا يمكن أن يفعل الغرب حيال ذلك؟

وبحسب الموقع؛ فإن الإجابة المختصرة على السؤال الأول هي "نعم"، حيث نقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية الأسبوع الماضي عن مصادر بوزارة الطاقة السعودية قولها إن إنتاج المملكة النفطي يمكن أن ينخفض أكثر إذا لزم الأمر.

وأضافت المصادر: "يأتي هذا الخفض الاختياري الإضافي لتعزيز الجهود الاحترازية التي تبذلها دول "أوبك+" بهدف دعم استقرار وتوازن أسواق النفط". وبالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن السبب الوحيد المحتمل لوقف خفض الإنتاج للحفاظ على ارتفاع الأسعار قد تبخر عندما قامت بإضفاء الطابع الرسمي على تحركها بعيدًا عن مجال نفوذ الولايات المتحدة إلى مجال نفوذ الصين وروسيا.

وترى الولايات المتحدة وحلفاؤها الأساسيون أن ارتفاع أسعار النفط والغاز (تاريخيًا كان سعر الغاز يحسب بنسبة 70 بالمئة من سعر النفط) على أنه تهديدات اقتصادية وسياسية خطيرة لهم، بالنظر إلى كونهم أكبر المستوردين للطاقة. أما بالنسبة للصين، وهي مستورد كبير آخر للطاقة، تبدو هذه التهديدات ضئيلة حيث يمكنها شراء النفط والغاز بتخفيضات كبيرة عن سعر "أوبك +" من روسيا والعديد من أعضاء المجموعة الآخرين.

ولفت الموقع إلى أنه وبالنظر إلى إزالة القيود الأمريكية على رفع أسعار النفط والغاز أكثر من أي وقت مضى، تريد السعودية ونظراؤها في أوبك دفع الأسعار إلى أعلى مستوى ممكن دون تضييق الطلب الكبير من عملائها.

من الناحية النظرية، تمتلك السعودية "سعر تكافؤ مالي" للنفط يبلغ 78 دولارًا أمريكيًا للبرنت في سنة 2023، مما يعني أن متوسط تكلفة رفع برميل النفط يبلغ 1-2 دولار أمريكي (الأدنى في العالم، جنبًا إلى جنب مع إيران والعراق). لكنْ من الناحية العملية؛ نظرًا لالتزاماتها المالية المتصاعدة لمختلف المشاريع الاجتماعية والاقتصادية، فإن سعر التكافؤ المالي للنفط أعلى بكثير من ذلك، وهو يرتفع باستمرار. الأمر نفسه ينطبق بدرجة أكبر أو أقل على جميع نظرائها في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).

وأوضح الموقع أنه بالنسبة لروسيا في مجموعة "أوبك+" الأوسع نطاقًا، فإن السبب نفسه للحفاظ على ارتفاع أسعار النفط والغاز موجود أيضًا، ولكن مع بعض الاختلاف. فعلى الرغم من أن سعر النفط يعادل 115 دولارًا أمريكيًا من خام برنت هذا العام، إلّا أن الاعتبار الرئيسي لها هو سبل التغلب على مختلف أشكال الحظر وسقوف الأسعار التي تم فرضها على صادراتها من النفط والغاز بعد غزوها لأوكرانيا، بما في ذلك إدخال حد أقصى لسعر النفط الروسي عند 60 دولارًا أمريكيًا للبرميل. وبالنظر إلى ذلك، كانت استراتيجية روسيا واضحة جدًا، وفعالة جدًا: إقناع السعودية بزيادة أسعار نفط مجموعة أوبك قدر الإمكان، وفي الوقت نفسه بيع نفطها بأقل من هذا السعر.

أمًا بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الأساسيين، فقد تسببت أسعار النفط والغاز المتزايدة باستمرار في حدوث ارتفاعات كبيرة في التضخم وأسعار الفائدة المطلوبة لمواجهته، مما يزيد بدوره من احتمالية حدوث ركود اقتصادي.

ما الذي يمكن أن يفعله الغرب حيال ذلك؟
وفقًا للموقع، فإن أي فكرة كانت لدى الولايات المتحدة لإقناع السعودية ونظرائها في أوبك بوقف تخفيضات الإنتاج، تم إفسادها عندما رفض ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونظيره الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان تلقي مكالمة هاتفية من الرئيس جو بايدن في أوائل آذار/مارس 2022، في ذروة أزمة الطاقة التي أعقبت الغزو الروسي لأوكرانيا.

كما أن فرص موازنة إنتاج "أوبك+" من خلال زيادة الإنتاج بشكل كبير في حقول النفط الصخري أو الحقول التقليدية في الولايات المتحدة، ضئيلة جدًا على الأقل في المدى القصير. وهذا هو أحد الأسباب التي تجعل الولايات المتحدة، تجري مناقشات مع إيران منذ نهاية حزيران/يونيو لوضع نسخة جديدة من خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة بـ"الصفقة النووية'' في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة، وهو ما يعني  بداية المحاولات الأمريكية لإفساد العلاقة السعودية الإيرانية التي تشكلت حديثًا بعد تقاربهما برعاية الصين. والهدف هو أن تكون الاتفاقية الجديدة سارية المفعول قبل بداية أشهر الشتاء، والشروط الأساسية الوحيدة التي وضعتها الولايات المتحدة في هذه المفاوضات الجارية هي أن تتعهد إيران بالحفاظ على تخصيب اليورانيوم عند 60 بالمئة أو أقل، وأنها توافق على عمليات التفتيش المنتظمة مرة أخرى من قبل هيئات مراقبة نووية مستقلة.

واختتم الموقع التقرير بقوله إنه علاوة على الإيجابيات الجيوسياسية للولايات المتحدة وحلفائها في خطة العمل الشاملة المشتركة هذه، سيكون مرور تدفقات كبيرة من النفط والغاز من إيران لمواجهة التخفيضات من "أوبك+".

ووفقًا لتصريحات أحد كبار المحللين في شركة "كبلر" لاستخبارات أسواق الطاقة العالمية، لموقع " أويل برايس"، يمكن أن تشهد إيران انتعاشًا بنسبة 80 بالمئة من الإنتاج الكامل في غضون 6 أشهر وانتعاشًا بنسبة 100 بالمئة في غضون 12 شهرًا، ويمكن للإنتاج الإيراني في نهاية المطاف أن يقفز من الناحية الفنية بمقدار 1.7 مليون برميل يوميًا، بما في ذلك 200 ألف برميل يوميًا من المكثفات وغاز البترول المسال (الإيثان)، في فترة تتراوح من 6 إلى 9 أشهر وسيكون بذلك سعر النفط مرجحًا للغاية.

الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع