قالت مجلة "
بوليتيكو" الأمريكية؛ إن الاقتصاد
الصيني أصبح أقل قوة مما يتصوره القادة الغربيون، حيث باتت السياسة الاقتصادية التي يتبعها الرئيس الصيني شي جين بينغ، أقل إقناعا للشركات الغربية.
وذكرت المجلة في تقريرها، أن بينغ ركز على تسويق صورة لبلاده على أنها يمكن أن تكون شريكا قويا، أو خصما خطيرا، مستفيدا من وتيرة النمو الصيني التي أقلقت السياسيين الغربيين.
وأضافت، أن هناك فكرة مغايرة بدأت تنتشر بين الصينيين، والمستشارين الاقتصاديين ومجالس إدارة الأعمال في
أوروبا، وهي أن مسيرة
بكين نحو الهيمنة الاقتصادية العالمية تتعثر.
معطيات غير مبشرة
وذكر التقرير، أن الصين حققت نموا ضعيفا للناتج المحلي الإجمالي، بعد أن تحررت متأخرة من قيود وباء كورونا، بينما يشهد سوق العقارات أزمة لافتة.
قي ذات الوقت، هناك ارتفاع بنسب بطالة الشباب إلى مستويات خطرة، إذ تشير أحد التقديرات إلى نسبة 50 في المئة، فيما تتصاعد مخاوف رواد الأعمال من القطاع الخاص مما ستفعله الدولة لأعمالهم؛ جراء المراقبة الحثيثة التي تتربصهم من قبل السلطة المركزية، إضافة إلى تراجع مستوى الاستهلاك والإنفاق، بحسب التقرير.
ونقلت المجلة عن جاكوب كيركيغارد، الزميل الأول في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، قوله: "مخاطر حدوث أزمة اقتصادية كبرى في الصين، أو ربما على الأرجح ركود وشيك في النمو الاقتصادي، آخذة في الارتفاع".
وأورد تقرير المجلة آخر الإحصاءات، حيث نما
الاقتصاد الصيني بوتيرة ضعيفة في الربع الثاني من هذا العام، وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8 في المائة فقط في الفترة من نيسان/إبريل إلى حزيران/يونيو مقارنة بالربع السابق.
وعلى أساس سنوي، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.3 بالمئة فقط، أقل من 7.3 بالمئة المتوقعة، وهذه التوقعات تزيد من الشكوك حول كيفية تعامل الغرب مع بكين، بحسب التقرير.
تأثير سياسة بكين الخارجية
وأردف التقرير، أنه ليس من الواضح ما إذا كان الرئيس الصيني، سيبدي وجها أكثر ودية أم إن التراجع الاقتصادي سيشجع متشددي الحزب الشيوعي على البحث عن بؤر للتوتر مع
الولايات المتحدة أو أوروبا لتشتيت الرأي العام ودعم المشاعر القومية، حيث لا يخفي قادة الحزب قلقهم بشأن الوضع.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن المكتب السياسي في اجتماعه السنوي، الذي بحدد أسلوب العمل الاقتصادي لبقية العام قوله: "بعض الشركات تواجه العديد من المخاطر، بالإضافة إلى بيئة خارجية قاتمة ومعقدة".
من جانبهم، رأى مسؤولو الحزب أن الاقتصاد "يواجه صعوبات وتحديات جديدة، ويرجع ذلك إلى عدم كفاية الطلب المحلي، وفق الوكالة الصينية.
في المقابل، فإن الحكومات في أوروبا والولايات المتحدة، تعيد تقييم نقاط ضعفها الاقتصادية بشكل جذري، حيث صدم الغزو الروسي لأوكرانيا حكومات الاتحاد الأوروبي، ودفعها إلى مراجعة اعتمادها على سلاسل التوريد التي تسيطر عليها أنظمة، يحتمل أن تكون غير صديقة بحسب بوليتيكو.
ردود الفعل الغربية
وأشار تقرير المجلة إلى أن أوروبا فصلت نفسها عن واردات الوقود الأحفوري الروسي، لكنها لا تزال تعتمد على الصين في المواد الخام المهمة، التي تشكل مكونات البطاريات التي ستكون حيوية لانتقال الطاقة الخضراء، من بين مجالات أخرى.
ويتحدث الآن القادة الغربيون مثل رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، والرئيس الأمريكي، جو بايدن، بشكل متكرر حول ضرورة "إزالة المخاطر" الاقتصادية للصين، فيما شارك المستشار الألماني، أولاف شولتز، مخاوفه بشأن مستقبل الصين، خلال قمة المجلس الأوروبي العام الماضي.
وذكر شولتز في حديث خاص لنظرائه في الاتحاد الأوروبي، قبل فترة وجيزة من رحلته الأولى كزعيم ألماني إلى بكين، قائلا؛ إن "أزمة مالية ضخمة" يمكن أن تنشب إذا فشلت بكين في إدارة أزمتها العقارية، وفقا لاثنين من الدبلوماسيين الذين تم إطلاعهم على المحادثة، والذين صرحوا للمجلة شريطة عدم الكشف عن هويتهما.
إلى ذلك، تستعد رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، للانسحاب من اتفاق وقعت روما بموجبه لتكون جزءا من خطة الرئيس الصيني العالمية للبنية التحتية، بحسب المجلة.
من جانبها، اتخذت حكومة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في الأسابيع الأخيرة، خطاً أكثر انتقادا تجاه بكين، لا سيما فيما يتعلق بموقفها من أوكرانيا.
وترى المجلة، أن حكومة بكين تركز الآن على التعامل مع الغرب بطريقة أقل برودة، في ظل هذه المتغيرات، حتى عندما يتعلق الأمر بخصمها اللدود في واشنطن، حيث زار العديد من المسؤولين الأمريكيين ، الصين، مثل وزير الخارجية أنتوني بلينكين، ووزيرة الخزانة، جانيت يلين، في الأشهر الأخيرة،
ومن المتوقع أن تذهب وزيرة التجارة، جينا ريموندو، في وقت لاحق هذا الصيف، إلى الصين هي الأخرى.
وأضافت بوليتكو أن هناك أيضا قمة بين الاتحاد الأوروبي والصين في طور الإعداد، وفقا لأحد الدبلوماسيين الذي تحدث هو أيضا دون الكشف عن هويته؛ لأن الخطط لم يتم الانتهاء منها بعد.