نشر موقع "ذي أثلاتيك" الأمريكي تقريرًا تحدث فيه عن التنافس المثير للاهتمام بين ليونيل
ميسي وكريستيانو بعد انتقال الأول إلى ميامي والثاني إلى
السعودية، لتكتسب المنافسة بينهما أبعادا فريدةً.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إنه بعد يوم واحد على انطلاق نهائيات كأس العالم في قطر، نشرت دار الأزياء لوي فويتون صورة ترويجية لإعلان آخر تصاميمها من حقائب السفر الفاخرة يظهر فيه كل من ميسي ورونالدو في مباراة شطرنج على حقيبة حيث يفكر كل منهما في خطوته التالية. وبينما جمعت هذه الصورة عالم
كرة القدم والشهرة والتأثير الاجتماعي والرفاهية المالية، فقد عززت أيضًا تأثير ميسي ورونالدو باعتبارهما لاعبين ساهما في تشكيل كرة القدم في القرن الحادي والعشرين بشكل لم يسبق له مثيل.
وأشار الموقع إلى أن ميسي ينخرط في مشروع عالمي جديد مع الدوري الأمريكي لكرة القدم من خلال اللعب مع فريق إنتر ميامي، ولدى
رونالدو أيضًا مشروع كبير على جدول أعماله مع نادي النصر السعودي حيث سيحصل على راتب قدره 200 مليون دولار سنويًا. وفي الواقع، لدى النظام السعودي ثروة هائلة لتحمّل نفقات لاعبٍ مثل رونالدو مقابل تبييض صورته وتعزيز مكانة البلاد على الصعيد العالمي.
وفي أعقاب توقيع العقد مع رونالدو في كانون الثاني/ يناير، قفز عدد متابعي حساب النصر على إنستغرام من 860 ألف متابع إلى 15.8 مليون متابع. وبعد حوالي 24 ساعة من تأكيد ميسي رسميًا التعاقد مع إنتر ميامي، صرح رونالدو في إسبانيا قائلاً: "الدوري السعودي أفضل من الدوري الأمريكي الممتاز".
وذكر الموقع أنه بعد وصول ميسي إلى الدوري الأمريكي، فقد دخل التنافس الشخصي بينه وبين رونالدو مرحلةً جديدة. فما بدأ مقارنةً رياضية بين موهبتين تحوّل إلى تحدٍ مباشر عندما انتقل رونالدو إلى الدوري الإسباني مع ريال مدريد في صيف سنة 2009. وفي ذلك الوقت، كان نجم ميسي ساطعًا بالفعل في برشلونة، ولم يكن العداء التاريخي بين برشلونة والريال يحتاج تأجيجًا أكثر نظرًا لتجذّره في الهوية الوطنية وعلى المستوى السياسي وكذلك الرياضي، لكن التنافس بين ميسي ورونالدو - جنبًا إلى جنب مع المدربين بيب غوارديولا ثم جوزيه مورينيو - أضفى عليه زخمًا جديدًا.
وبالعودة إلى صورة إعلان لويس فويتون، فإن النجمين كانا في تلك الفترة يفكّران بالفعل في خطوتهما التالية، التي أخرجتهما كلاهما من أوروبا. وحسب بول ويدوب، المؤلف المشارك لكتاب نُشر مؤخرًا بعنوان "الاقتصاد الجيوسياسي للرياضة" حول كيفية تسخير الرياضة لخدمة أغراض جيوسياسية واقتصادية، فإنه "لا شيء في الرياضة في الوقت الحالي بعيد المنال. إنها قصة ربما حاكها مصممو الدعايات" - وذلك في إشارة إلى تصريحات رونالدو. وأضاف أن "وصول ميسي إلى الولايات المتحدة يشبه بداية الاستعدادات لكأس العالم 2026"، مشيرا إلى أن إنتر ميامي اكتسب أربعة ملايين متابع إضافي على تويتر.
سجّل رونالدو 14 هدفا في 16 مباراة مع النصر الموسم الماضي، وسيبدأ من جديد مع بداية موسم 2023-24 في غضون شهر. ويعتقد ويدوب أن هذه القصة ستتغير بعد ذلك، إذ يدرك اللاعبان، وخاصة رونالدو، أدوارهما المتطورة.
أوضح ويدوب أن "اللاعبين يعملان على ازدهار علاماتهما التجارية من خلال المشاركة في هذه البطولات الجديدة. وأعتقد أن المرحلة التالية لرونالدو هي أن يصبح الشخصية الرائدة في الدوري السعودي التي يمكن أن تزعزع عرش كرة القدم الأوروبية. إنه الرائد، على حد قوله، لكنه أكثر من ذلك وربما سنبدأ رؤية المزيد من اللاعبين الذين يقولون نفس الشيء". وأضاف: "ليس لدي أدنى شك في أن رونالدو سيكون الشخصية البارزة في عرض المملكة العربية السعودية لاستضافة كأس العالم. في المقابل، لن يلعب ميسي هذا الدور حقًا لكنه سيكون جيدًا في الدوري الأمريكي".
وذكر الموقع أن مفوّض الدوري الأمريكي لكرة القدم للمحترفين، دون جاربر، أشار إلى أن انتقاد رونالدو للدوري الأمريكي يعد أمرًا جيدًا بالنسبة لدوري أمريكا الشمالية المكون من 29 ناديًا حاليًا. ويعتقد جاربر أن "حديث كريستيانو رونالدو عن الدوري الأمريكي لكرة القدم أمر جيد، لأن الدوري يعمل ليكون جزءًا من المحادثة العالمية بين أهم اللاعبين في اللعبة. أنا سعيد لأن كريستيانو يهتم بالدوري الأمريكي لكرة القدم. ربما سنلعب مع النصر في مباراة كل النجوم أو نلتقي بهم في كأس العالم للأندية".
وأورد الموقع أن تحقيق الدخل من الشهرة ليس علمًا وإنما أمر قابل للتطبيق، وهذا ما أثبته ميسي ورونالدو. يملك رونالدو أكبر عدد من المتابعين على "إنستغرام" بمجموع 597 مليون متابع، يليه ميسي برصيد 481 مليون متابع. وعندما انضم ميسي إلى باريس سان جيرمان في آب/ أغسطس 2021، زاد عدد متابعي النادي على منصات التواصل الاجتماعي بمقدار 13 مليونًا ثم حطم الرقم القياسي لمبيعات القمصان. ومن جهته، حطّم مانشستر يونايتد الرقم القياسي مرة أخرى بعد ثلاثة أسابيع في أعقاب عودة رونالدو لفترة ثانية في أولد ترافورد.
أدرك اللاعبون ومستشاروهم أن هذه الرؤية تعمل بطريقتين، كما فعل الدوري الإسباني عندما كان الكلاسيكو في ذروته، بإصدار بيانات صحفيّة لجمهور تلفزيوني محتمل يصل إلى 400 مليون متابع عبر أكثر من 100 دولة. لكن لم يكن الأمر كذلك في سنة 2023، بعد أن غادر اللاعبان إسبانيا.
في كتابهما المثير لسنة 2022 بعنوان "ميسي ضد رونالدو"، لاحظ جوشوا روبنسون وجوناثان كليج أن والد ميسي، خورخي ميسي، مهووس بالقيمة السوقية لابنه". وفي المقابلة المثيرة مع بيرس مورغان في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي التي أدت إلى إنهاء عقده مع يونايتد، كان رونالدو سعيدًا عندما تصدر قائمة "فوربس" لأغنى الرياضيين في العالم بقوله "أنا أرى كرة القدم الآن كعمل تجاري". وفي جزء آخر من نفس المقابلة، قال "أنا أتأقلم، لقد كنت ذكيًا، حياتي لا تتمحور حول كرة القدم فقط، أنا رجل أعمال".
أشار الموقع إلى أن رونالدو وميسي يتشابهان في مواقفهما المالية، ولهما روابط فردية وعملية طويلة مع المملكة العربية السعودية ويقيم الدوري الإسباني الآن مسابقة كأس السوبر السنوية المكونة من أربعة أندية في العاصمة السعودية الرياض. كانت الكأس الدولية للأبطال بطولة صيفية عالمية استمرت من سنة 2013 إلى سنة 2019 بهدف إيصال ريال مدريد وبرشلونة (وأندية النخبة الأخرى) إلى جمهور مباشر خارج أسواقهم المحلية.
قدّمت بطولة الكأس الدولية للأبطال طلبًا قانونيًا مكتوبًا لكل من مدريد وبرشلونة حتى يكون رونالدو وميسي علامة أخرى على قيمتها. وفي نهاية المطاف، يرى ويدوب أن الفيفا قد تكون هدفًا استراتيجيًا لأولئك الذين يقفون وراء هذه التحركات التحويلية. وفي نسخة عالمية من دوري أبطال أوروبا، أعلن رئيس الفيفا جياني إنفانتينو السنة الماضية عن توسيع البطولة المكونة من سبعة أندية، التي تُقام في أشهر الشتاء في أوروبا، اعتبارًا من سنة 2025 لتضم 32 ناديًا. وستقام في الصيف الأوروبي كل أربع سنوات، مما يجعلها حقًا مثل كأس العالم، على حد تعبير إنفانتينو.
وحسب الموقع، فإن هذين اللاعبين يمكن أن يكونا رمزين لكأس العالم للأندية الجديدة، لذلك هناك حاجة إلى بطولات دوري ودوريات أقوى خارج أوروبا. لابد أن يكون الدوري أمريكي قويًا من أجل ذلك. إنها رؤية عالمية لكرة القدم، وليست رؤية أوروبية فحسب. والحجم الهائل لما حققه رونالدو وميسي لريال مدريد وبرشلونة يستحق وصف رائع، حيث أن رونالدو سجل 450 هدفًا لريال مدريد في 438 مباراة بينما سجل ميسي 672 هدفًا في 778 لبرشلونة، أي أنهما سجلا معًا 1122 هدفًا في المجموع. وكان التنافس بينها حتى في المباريات، فعندما سجل رونالدو ثلاثية في دوري أبطال أوروبا أمام غلطة سراي في أيلول/ سبتمبر 2013، في الليلة التالية سجل ميسي أيضًا ثلاثية ضد أياكس.
كانت هذه سنوات النجمين في إسبانيا، لكن المقارنة بدأت حتى قبل وصول رونالدو إلى البرنابيو. كانت أول مواجهة بينهما في مباراة الذهاب في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا في كامب نو في نيسان/أبريل 2008، وكان رونالدو حينها لا يزال لاعبًا في مانشتسر يونايتد. حتى في ذلك الوقت، كان يُنظر إلى مباراة مانشستر يونايتد ضد برشلونة على أنها مواجهة بين النجمين القادمين في اللعبة. كانت معظم عناوين الصحف حول موضوع: "هل رونالدو أفضل من ميسي؟".
لقد نشأ الإنترنت وهو يتمحور حولهما، كان الفيس بوك يبلغ من العمر 5 سنوات فقط عندما وقّع رونالدو لريال مدريد. وبطبيعة الحال، فإن القاعدة الجماهيرية الهائلة للنادي وقفت إلى جانب اللاعب، لكن الأشخاص الذين لم يدعموا ريال مدريد ولا برشلونة كان يجب عليهم تحديد هويتهم مع أي من اللاعبين.
وبيّن الموقع أنه كشخصيتين، لاحظ الناس غطرسة رونالدو على أرض الملعب لكن ميسي لم يكن كذلك، لكنه لم يفتقر إلى الثقة بالنفس. كما قال زميله في برشلونة تييري هنري: "بالطبع لديه غرور. هل تعتقد أنه يستطيع فعل ذلك دون أن يكون لديه غرور؟ ليس ذلك شيئًا سيئًا. وأدى التنافس بين الأسطورتين إلى إثارة الجدل، حتى على الصعيد التسويقي. كان أحدهما مع شركة نايكي (رونالدو) والآخر مع شركة أديداس (ميسي)، وكان على الجميع أن يكون له رأي ولا يبقى محايدًا. قال رئيس برشلونة، خوان لابورتا: "نصنع كرات الذهب، والبعض الآخر يشتريها". وقال غوارديولا: "مع ميسي، شعرت كأنني مدرب شيكاغو بولز مع مايكل جوردان". لا تكتبوا عن ميسي، ولا تحاولوا وصفه، فقط شاهدوه يلعب".
من جهته، حاول مورينيو إظهار حياد نادر، قائلًا: "أعتقد أنه ليس من العدل لكليهما عندما نقول أحدهما أفضل من الآخر. أعتقد أنهما مختلفان فقط". وشارك السير أليكس فيرغسون، مدرب يونايتد لفترة طويلة، رأي مورينيو عندما قال: "في كل الأوقات التي أُسأل فيها، أجد أنه من المستحيل تحديد أي لاعب هو الأفضل". ثم كرر فيرغسون رأي بيتر شمايكل، الحارس الأول لفريق يونايتد تحت قيادة الاسكتلندي في معظم التسعينيات: أعتقد شمايكل أن رونالدو يمكن أن يلعب في فريق سيء بينما لم يستطع ميسي ذلك. كانت تلك نقطة عادلة".
كان التنافس حقيقيًا، ولكن بحلول آب/ أغسطس 2019، عندما كان ميسي يبلغ من العمر 32 سنة ورونالدو 34، انتقل إلى يوفنتوس الإيطالي. أجرى مذيع البرامج التلفزيونية ريشمين شودري مقابلات معهما جنبًا إلى جنب في قرعة دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا في موناكو، ولاحظ أنهما كانا يتحدثان طوال الوقت وخلال الحفل بأكمله، كما لو كانا أصدقاء. لديهما بالتأكيد الكثير من الاحترام لبعضهما البعض.
وفي تلك المقابلة التلفزيونية الشهيرة للسنة الماضية، سأل مورغان بيرس رونالدو عما إذا كان ميسي هو أفضل ما رآه على الإطلاق. كانت هناك وقفة قبل أن يرد رونالدو: "نعم على الأرجح". ثم أضاف: "هناك أيضًا زين الدين زيدان". وماذا عن ميسي كرجل؟ فأجاب رونالدو: "إنه مذهل". لقد شاركنا التنافس لمدة 16 سنة. أنا حقًا أحترم الطريقة التي يتحدث بها عني دائمًا. وحتى زوجته أنتونيلا تتحدث مع شريكتي جورجينا.
قدمت صورة الشطرنج هذه فرصة، إلا أنهما حضرا للتصوير بشكل منفصل (وهو أمر رفضت دار الأزياء لوي فويتون تأكيده). لذلك لم تكن هناك فرصة لمناقشة كل هذه الأهداف، الدوريات التسعة لدوري أبطال أوروبا (رونالدو لديه خمسة مقابل أربعة لميسي) كأس العالم 2022 ، يورو 2016 ، كوبا أمريكا 2021، 12 لقبًا في الدوري الإسباني (10-2 ميسي)...
وذكر الموقع أنرونالدو لديه بالفعل متحف خاص في جزيرته ماديرا، ولدى برشلونة خطط لتكريم ميسي في موقع أكاديمية لا ماسيا حيث أصبح لاعبًا في برشلونة لأول مرة في سن 13. وفي غضون ذلك، جغرافية كوكب كرة القدم آخذة في التغير، ولم يصل ميسي ورونالدو بعد إلى حدود التوقف.