كشف الصحفي الأمريكي المعروف توماس فريدمان، أن
الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبرغم إصرار حكومة نتنياهو اليمينية على تمرير
التعديلات القضائية، مصر على صفقة
تطبيع بين الرياض وتل أبيب.
وكشف
أن بايدن أعطى الضوء الأخطر لفريقه للتباحث مع ولي العهد السعودي، ومعرفة الصفقة التي
يريدها وبأي ثمن.
وقال
في مقاله في "
نيويورك تايمز"؛ إن بايدن "يتصارع مع فكرة القبول بمعاهدة
أمنية أمريكية- سعودية، التي تطبع بموجبها
السعودية العلاقات مع إسرائيل، بشرط تقديمها
تنازلات للفلسطينيين تحفظ إمكانية قيام دولة فلسطينية".
وكشف
فريدمان أن مناقشات عميقة استمرت عدة أيام بين بايدن ومستشاره للأمن القومي جاك سوليفان
ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ومسؤول البيت الأبيض البارز المسؤول عن الشرق الأوسط
بريت ماكغيرك، تمخضت عن إرسال سوليفان وماكغريك للسعودية لاستكشاف إمكانية نوع من التفاهم
الأمريكي- السعودي- الإسرائيلي- الفلسطيني.
ويعلق
فريدمان أن الرئيس لم يحسم أمره بعد، المضي أم لا، لكنه أعطى الضوء الأخطر لفريقه للتباحث
مع ولي العهد السعودي، ومعرفة الصفقة التي يريدها وبأي ثمن. ويقول فريدمان؛ إن التوصل
لصفقة كهذه ستأخذ وقتا وهي صعبة ومعقدة، حتى لو قرر بايدن المضي في الطريق الصحيح.
إلا أن المباحثات الاستكشافية تجري حاليا و"أسرع مما توقعت، وهي مهمة لأمرين؛ الأول، المعاهدة الأمنية الأمريكية- السعودية التي تقود للتطبيع مع تل أبيب، وتحد من
العلاقات السعودية- الصينية، وستكون بمنزلة تغيير لقواعد اللعبة في الشرق الأوسط. وستكون
أكبر من معاهدة كامب ديفيد بين مصر و"إسرائيل"؛ ذلك أن السلام بين "إسرائيل"
والسعودية، خادمة الحرمين في مكة والمدينة، سيقود إلى سلام بين "إسرائيل"
وكل العالم الإسلامي، بما فيها دول عملاقة مثل أندونيسيا وباكستان، وستكون إرثا دبلوماسيا
مهما لبايدن".
أما
الأمر الثاني، فيتعلق بالتحالف الأمني الأمريكي مع السعودية لو تم، وبشرط التطبيع مع
تل أبيب وتقديم الأخيرة تنازلات حقيقية للفلسطينيين، حيث سيجد ائتلاف نتنياهو من الداعين
للتفوق اليهودي والمتشددين أنفسهم مجبرين للجواب عن هذا السؤال: يمكنكم ضم الضفة الغربية
ويمكنكم عقد سلام مع السعودية والعالم الإسلامي، ولكن ليس الأمرين، فأيّا منهما ستختارون؟
وعلق
فريدمان، أنه يحب مشاهدة وزير المالية المتشدد بتسلئيل سمورتيش يظهر على التلفاز، ويشرح
للإسرائيليين السبب الذي يجعل ضم الضفة الغربية بثلاثة ملايين فلسطيني وللأبد، أهم من
تطبيع العلاقات مع السعودية والعالم الإسلامي.
ويعتقد
فريدمان أن السلام السعودي- الإسرائيلي سيخفف من الكراهية بين المسلمين واليهود، التي
ولدت قبل قرن مع بداية النزاع اليهودي- الفلسطيني. وقبل أن يختار اليمين المتطرف بين
الضم أو التطبيع، هناك الكثير من الأمور والجهود لشراء الكثير من الناس.
إلا
أن سوليفان ليس في الرياض اليوم للسياحة، فالسعوديون يريدون من أمريكا ثلاثة أشياء؛ معاهدة دفاع مشترك على شاكلة الناتو، التي تتطلب من الولايات المتحدة المسارعة والدفاع
عن السعودية حالة تعرضها لهجوم- إيران مثلا. أما الأمر الثاني، فهو الحصول على برنامج
نووي مدني الطابع وتحت رقابة أمريكية، والثالث، ه القدرة على شراء أسلحة متقدمة مثل
منظومة الدفاع في المناطق ذات الارتفاعات الطرفية أو المعروفة اختصار بثاد والمضادة
للصواريخ الباليستية، وهي مفيدة للسعودية وسط نمو الترسانة العسكرية الإيرانية من الصواريخ
الباليستية المتوسطة والطويلة المدى.
ومن
بين الأشياء التي تريدها الولايات المتحدة، وقف الحرب في اليمن، وحزمة مساعدات سعودية
كبيرة للفلسطينيين في الضفة الغربية، وحدّ واضح للعلاقات السعودية- الصينية.
يقول
فريدمان؛ إن واشنطن لم تكن سعيدة بالتقارير التي نشرت العام الماضي بشأن التفكير السعودي
قبول العملة الصينية رنمبيني بدلا من الدولار الأمريكي في صفقات النفط. ويجب إلغاء
هذا، إلى جانب حدّ السعودية من تعاملاتها مع شركة التكنولوجيا الصينية "هواوي"، التي منع آخر جهاز أنتجته في الولايات المتحدة.
ولو
حدث، فستكون المرة الأولى التي توقع فيها الولايات المتحدة معاهدة دفاع مشترك مع دولة
غير ديمقراطية، منذ توقيع دوايت أينزنهاور معاهدة مع كوريا الجنوبية في عام 1953، ويجب
على مجلس الشيوخ المصادقة عليها.
والأهم، هو ما ستطلبه السعودية من تل أبيب للحفاظ على إمكانية حل الدولتين، كما طلبت الإمارات
وقف الضم.
ويعلق
الكاتب؛ إن القيادة السعودية ليست مهتمة تحديدا بالفلسطينيين أو على معرفة واسعة بدقائق
العملية السلمية. لكن لو قامت إدارة بايدن بتوقيع اتفاقية لا تحتوي على مكون فلسطيني،
فستكون ضربة قوية للحركة الديمقراطية الإسرائيلية، وستكافئ نتنياهو بهدية جيوسياسية
مجانية، بعدما قام بعمل غير ديمقراطي لحل الدولتين، الذي يعدّ حجر الزاوية للسياسة
الأمريكية في الشرق الأوسط.
ولا
يعتقد الكاتب أن بايدن سيفعل هذا؛ لأنه سيحدث ثورة داخل قاعدة الحزب التقدمية، وسيعقد
من تمرير الصفقة في الكونغرس. وقال السناتور الديمقراطي عن ميرلاند، كريس فان هولين:
"سيكون من الصعب على بايدن تسويق اتفاق كهذا في الكونغرس"، و"ما أنا
متأكد منه، هو أن القاعدة الرئيسية في المعارضة الديمقراطية، لمقترح لا يحتوي على بنود
ذات معنى وواضحة، وقابلة للتطبيق وتحفظ حل الدولتين لكي تتوافق مع مطالب الرئيس التي
تدعو لأن يحصل الفلسطينيون والإسرائيليون على قدر متساو من الحرية والكرامة، وهذه العناصر
مهمة لسلام دائم في الشرق الأوسط".
ويعتقد
فريدمان أن الحدّ الأدنى الذي سيطالب به السعوديون والأمريكيون، وعليهم فعل هذا، من
نتنياهو، هي أربعة أمور كمقابل لهدية كبيرة مع دولة عربية مسلمة: وعد رسمي بعدم ضم الضفة
الغربية، لا توسعا استيطانيا في الضفة الغربية خارج المستوطنات الموجودة، ولا شرعنة للبؤرة
الاستيطانية، ونقل مناطق فلسطينية في (ج) الخاضعة الآن للسيطرة الإسرائيلية الكاملة
إلى مناطق (أ) و(ب)، ووضعها تحت سيطرة السلطة الوطنية بحسب شروط اتفاقيات أوسلو. وعلى
السلطة الوطنية المصادقة على اتفاقية التطبيع السعودية- الإسرائيلية.
ويقول
فريدمان؛ إن السلطة الوطنية ليست في وضع للدخول في مفاوضات سلام الآن، فهي في حالة من
الفوضى، لكن حكومة المتطرفين في تل أبيب تحاول استيعاب أكبر قدر من مناطق الضفة، وهناك
حاجة ماسة لوقف هذا فورا. ولكن ليس من خلال التلويح بالأصبع الذي تقدمه وزارة الخارجية
حول "قلقها العميق" بشأن المستوطنات الإسرائيلية، ولكن عبر مبادرة استراتيجية
تعد مهمة للجميع باستثناء المتطرفين على كلا الجانبين.
ويعلق
فريدمان أن المفاوضات ستكون طويلة وقد تستغرق أشهرا من المفاوضات بين الأمريكيين والسعوديين
والإسرائيليين والفلسطينيين والنجاح ليس مضمونا، ولو قرر بايدن المحاولة ووضع صفقة
على الطاولة، فستكون في مصلحة أمريكا ومصالح إسرائيل الكبرى والمصالح الكبرى للسعودية،
وإدخالها في نادي الدول تحت مظلة الأمن الأمريكية، وستحيي آمال الفلسطينيين بحل الدولتين،
وسيكون هذا أمرا عظيما.