قالت صحيفة "
الغارديان"
البريطانية، إن الديمقراطية في دولة
الاحتلال الإسرائيلي في خطر، بسبب إجراءات
حكومة بنيامين
نتنياهو اليمينية المتطرفة، التي تريد لجم القضاء.
وفي افتتاحيتها، الثلاثاء، قالت الصحيفة إن
نتنياهو على استعداد لتقويض استقلال السلطة القضائية في سبيل الإبقاء على حكومته،
حتى لو تعمقت الانقسامات داخل إسرائيل.
وجاء فيها: "عندما قيد الكنيست
هذا الأسبوع سلطة المحكمة العليا الإسرائيلية، كانت تلك لحظة محورية في تاريخ
البلد. فيما لو تم إنفاذ القانون، وفيما لو نجا من التحدي القانوني، فسوف يقوض
استقلال السلطة القضائية في البلد ودورها كضامن للقيم الديمقراطية الليبرالية.
ولكن هذا هو الثمن الذي يبدو بنيامين نتنياهو مستعداً لدفعه من أجل الإبقاء على
تماسك حكومته – حتى لو عمق ذلك الانقسامات في إسرائيل".
وتابعت بأن نتنياهو يقود اليوم أشد
الحكومات تطرفاً من الناحية القومية ومحافظة من الناحية الدينية منذ نشأة إسرائيل.
وسياساته تبعث على الشقاق. "فأولئك الذين خرجوا إلى الشوارع يهددون بالإضراب،
ومن ينتمون إلى الجيش منهم يرفضون الخدمة، وهؤلاء هم الأعداء الذين يبحث عنهم. فها
هو يصنفهم على أنهم إسرائيليون ليبراليون يريدون الإبقاء على الوضع القائم الذي
يسعى من ينتمون إلى التيارين القومي والديني في البلد إلى كسره. وكان العقد
الاجتماعي في إسرائيل قد انصرم بالفعل جزئياً بسبب تفشي انعدام المساواة: يعيش خمس
الإسرائيليين دون الخط الوطني للفقر، وكذلك هو حال ما يقرب من نصف المتدينين
الأرثوذكس وثلث العرب في داخل إسرائيل".
ولفتت الصحيفة إلى أن المتظاهرين المطالبين
بحماية الديمقراطية داخل إسرائيل "يلتزمون الصمت إزاء إنكار حقوق وحريات
الفلسطينيين في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967. صحيح أن بعض
المتظاهرين هتفوا في وجه قوات الأمن "أين كنتم في حوارة؟"، وذلك بعد
الهجوم البشع الذي نفذه المستوطنون الإسرائيليون رغبة في الانتقام لمقتل اثنين من
إخوانهم أطلق عليهما مسلحون فلسطينيون النار. إلا أن الجيش كان متواجداً هناك،
وانتقد لأنه لم يفعل شيئاً يكاد يذكر لوقف ما وصفه حتى المعلقون اليمينيون في
إسرائيل بالإرهاب اليهودي. والسؤال الأصح الذي ينبغي أن يطرح على الإسرائيليين هو: لماذا هم متواجدون في حوارة أصلاً؟".
وأردفت بأنه "لم تزل الأهمية السياسية
لحلفاء نتنياهو المتطرفين تتنامى بسبب انعدام الرقابة على التوسع غير القانوني
للمستوطنات داخل المناطق المحتلة ونتيجة للارتفاع الحاد في تعداد سكان الأرثوذكس
المتدينين، حتى غدت أحزابهم السياسية القوة الرئيسية التي تشكل العمود الفقري
للحكومة: الصهيونية الدينية، التي تعتنق فكرة التفوق العرقي اليهودي، ويهودية
التوراة المتحدة التي تريد ضمان عدم النيل بأي شكل من الأشكال من نمط الحياة
الدينية المتطرفة. كلا المجموعتين تحتاجان بعضهما البعض من أجل البقاء في الحكومة.
وكلاهما تريان في المحكمة العليا عائقاً يحول دون تحقيق طموحاتهما. هذا النجاح
الذي أحرزه اليمين المتطرف يتحمل المسؤولية عنه نتنياهو، الذي أوجد حالة من
الاستقطاب في السياسة الإسرائيلية على مدى خمس عشرة سنة مضت، حيث طبّع العنصرية
السافرة واللجوء إلى التشهير والكذب في السياسة. وبلغ الغش حداً جعل نتنياهو، الذي
يزعم بأنه مفعم بالحيوية والنشاط في سن الثالثة والسبعين، يصدم الجمهور في الأسبوع
الماضي حينما خضع لعملية جراحية طارئة لعلاج مشكلة في القلب معروف منذ زمن طويل
أنه يعاني منها".
وفاز الائتلاف الحاكم في انتخابات
العام الماضي بهامش ضيق جداً، فقط بفارق لا يتجاوز الثلاثين ألف صوت. ومع ذلك فقد
ذهب إلى حد اقتراح إلغاء دور المحكمة العليا كرقيب وحيد على السلطة التنفيذية.
وإزاء المعارضة الشديدة لخططها الأصلية، قررت الحكومة تجزئة برنامجها إلى عدد من
مشاريع القوانين الصغيرة. وبهذه الطريقة تتمكن من تحويل سخط مؤيديها إلى سلاح من
خلال القول بأن معارضيهم يبالغون في الاعتراض والاحتجاج.
وختمت الصحيفة افتتاحيتها قائلة إنه
"لا يوجد ما يشير إلى أن الحكومة على استعداد للتمهل في إجراءاتها. بل يقول
أحد أعضاء حزب نتنياهو إن الحكومة على استعداد للدفع بمزيد من الإجراءات لنقض أي
قرار صادر عن المحكمة بإلغاء التشريعات. كما أن الحزب الديني المتطرف يسعى الآن
إلى تكريس الإعفاء من الخدمة العسكرية ضمن ما يشبه القانون الأساسي الإسرائيلي. تصعب رؤية كيف يمكن الحفاظ على صفة إسرائيل الحالية فيما لو تم التخلي عن سياسات
التوافق والإجماع بهذه الطريقة المتغطرسة".