لم
يعد ميلاد منصة تواصل اجتماعي جديدة يتعلق بالأمور الاجتماعية والتواصل بين البشر
وحسب، أصبح أمر أكثر صلة بالسياسة والدبلوماسية والاقتصاد والتجارة فضلا عن
الجوانب الشخصية. كما يتعلق بالصراع على البيانات الشخصية وتوجيه الجماهير، وكل ما
يتعلق بذلك من نفوذ وقوة للشركات الكبرى والدول والشخصيات المؤثرة.
ولهذا، فإن
ميلاد العملاق التواصلي الجديد "
ثريدز" من رحم تطبيق انستغرام أو بالأحرى من إنتاج شركة ميتا التي
تملك هذا التطبيق بالإضافة لفيسبوك؛ ينذر بتغيرات في مشهد التواصل البشري الحالي
والدبلوماسية الرقمية بين الدول والهيئات وبناء تصورات الجمهور عن الحكومات
والسياسيين.
أول
ما يلفت النظر في التطبيق الجديد أنه يأتي على خلفية صراع حقيقي بين عملاقين في
هذا المجال في الولايات المتحدة، وهما إيلون ماسك مالك
تويتر، ومارك زوكربرغ مالك
شركة ميتا. أعلن الأخير صراحة بأن "ثريدز" هو منافس لتويتر، فرد الأول
برسالة من محاميه لشريكة ميتا تشير إلى أن التطبيق الجديد انتهك حقوق الملكية
الفكرية لتويتر، وهو ما يمهد لسلسلة من
إجراءات التقاضي مستقبلا إذا مضى ماسك في
خصومته مع زوكربرغ.
أول ما يلفت النظر في التطبيق الجديد أنه يأتي على خلفية صراع حقيقي بين عملاقين في هذا المجال في الولايات المتحدة، وهما إيلون ماسك مالك تويتر، ومارك زوكربرغ مالك شركة ميتا. أعلن الأخير صراحة بأن "ثريدز" هو منافس لتويتر، فرد الأول برسالة من محاميه لشريكة ميتا تشير إلى أن التطبيق الجديد انتهك حقوق الملكية الفكرية لتويتر
وأتصور أن إيلون ماسك لا يريد أن يبدأ في الخصومة القضائية قبل
يرى إلى أي اتجاه سيسير تطبيق "ثريدز" وهل هناك مؤشرات لنجاحه أم لا.
وبخلاف العلاقة بين الشركتين، فهناك عدة ملاحظات جوهرية حول هذا التطبيق.
أولا:
أن التطبيق يستهدف الأجيال الجديدة بشكل رئيس، فمن المعروف أن تويتر تطبيق النخبة
والمثقفين والسياسيين، وفيسبوك تطبيق جيل منتصف العمر وكبار السن، أما انستغرام
فهو تطبيق
الشباب وصغار السن الأشهر. وكان من الممكن أن تربط شركة ميتا التطبيق
الجديد بتطبيق واتساب مثلا أو
فيسبوك أو ينشأ كتطبيق مستقل عن أية منصة، ولهذا فإن
خيار ربطه غير المباشر بإنستغرام يستهدف سحب شريحة الشباب إلى منصة جديدة تكون هي
مجال النقاش والتواصل البديل لتويتر؛ لأن التطبيق في الحقيقة في شكله وآلية عمله
مختلفة عن إنستغرام، عدا أنه يسمح بنقل كافة بيانات الاشتراك والمتابعين بضغطة زر
إليه، وهو ما شجع عشرة ملايين مستخدم على استخدامه
بعد إطلاقه بسبع ساعات فقط، بالإضافة
لنقطة هامة وهي الإبقاء على الرسائل الشخصية مربوطة بإنستغرام، والذي أتصور أنه
وضع سيتغير مع الوقت ريثما يضمن سحب أكبر عدد ممكن من مستخدمي إنستغرام.
ثانيا:
يجيب التطبيق على السؤال الذي حاول كثيرون الإجابة عنه، وهو بديل تويتر على الساحة
بعد التجاذبات والمشاحنات التي صاحبت عدة حوادث بسبب منع تغريدات وإيقاف حساب
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي شن هجوما عنيفا على تويتر، وشرع بالفعل
في إنشاء منصة أخرى لم يكتب لها النجاح. كما حل إحدى مشاكل تويتر وهو عدد الأحرف،
إذ زاد "ثريدز" الحروف إلى 500 حرف بدلا من 280 حرفا على تويتر، وضاعف
من حجم الفيديوهات لتصبح خمس دقائق.
ثالثا:
ليس من الواضح موقف التطبيق الجديد من فضيحة تأثير الحكومات وشكل عمل الخوارزميات التي
لاحقت تويتر في السنوات الأخيرة. وهذه نقطة سيتوقف عليها مدى نجاح التطبيق عمليا
في مواجهة تويتر، ولا أتصور أن شركة ميتا غفلت عنها ولكن لم يظهر ما يكفي من
معلومات حولها.
فهل فعلا تلافت مشاكل عمل خوارزميات الإدمان واستغلال المستخدمين
التي فضحت فيسبوك وإنستغرام، وتؤثر على نفسيات وعقليات المستخدمين لا سيما الشباب
أم أبقت عليها؟ وهل لديهم تصور للتعامل مع المشاكل السياسية الناتجة عن سوء
الاستخدام مثل استغلال اليمين المتطرف الغربي للمنصة؟ هذه أسئلة ستكون حاسمة
لتحديد مستقبل التطبيق في الساحة الدبلوماسية الرقمية والتجارية والشخصية.