أثار حساب موثق على "تويتر" يحمل اسم وصورة
نادية عكاشة، المديرة السابقة للديوان الرئاسي، جدلاً واسعاً في
تونس بعد حديثها عن تفاصيل خطيرة تهم الرئيس قيس سعيّد.
وتولت عكاشة مسؤولية الديوان الرئاسي لسعيّد منذ كانون الثاني/ يناير 2020، إلى حين استقالتها من منصبها بعد عامين فقط، وتحدثت حينها عن خلافات مع الرئيس التونسي.
ومنذ الثلاثاء، نشر حساب موثّق على "تويتر" من الإمارات لنادية عكاشة سلسلة من التغريدات، اتهمت فيها عكاشة الرئيس التونسي قيس سعيّد بالتجسس على أشخاص باستخدام برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي، ومنع لقاح كورونا عن التونسيين، كما تحدثت عن قضية تعرضها للتسمم في القصر.
وجاءت التغريدات بعد أسابيع قليلة من ورود اسم عكاشة، الموجودة منذ أشهر خارج تونس، ضمن قائمة المتهمين بـ"التآمر على أمن الدولة" التي تشمل معارضين بارزين.
هل نفت عكاشة؟
الإعلامي التونسي، زياد الهاني، قال إنه تواصل مع مديرة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة للكشف عن حقيقة التغريدات.
وأوضح الهاني، في تصريحات لإذاعة "إي إف إم" الخاصة، أن "عكاشة قالت إن الحساب الذي نشر التغريدات ليس حسابها بل هو حساب وهمي".
وأضاف: "أشارت عكاشة إلى أنه من السهل الآن إنشاء أي حساب على تويتر وتوثيقه بأي اسم باعتبار أن العملية رهينة دفع مبالغ بالعملة الصعبة ببطاقة ائتمانية ولا تحتاج شروطا أخرى منذ أن استحوذ رجل الأعمال إيلون ماسك على المنصة وفق كلامها".
ومنذ استقالتها من منصبها، كانت نادية عكاشة تعتمد على صفحتها الوحيدة بـ"فيسبوك" والموثقة للرد على الأخبار التي تذكرها، لا سيما في قضية
التسريبات التي هزت الرأي العام في تونس العام الماضي.
وتناولت التسريبات المنسوبة لمديرة ديوان سعيد السابقة، التي توجد حاليا خارج تونس، تفاصيل خاصة وحساسة تتعلق بحياة الرئيس التونسي وصحته النفسية والجسدية، فضلا عن تدخل محيطه العائلي في القرارات السياسية، وعلاقته برؤساء دول وسفراء.
وفي ذلك الوقت، سارعت عكاشة إلى نفي صحة التسريبات، مؤكدة أنه لا علاقة لها بها، فيما أصدر القضاء التونسي حكما يقضي بسجنها لمدة عام غيابيا، باعتبارها أنها تتواجد خارج تونس.
كما نفت عكاشة، عبر صفحتها على "فيسبوك"، علاقتها بملف قضية "التآمر على أمن الدولة" بعدما ذُكر اسمها في التحقيقات، قبل أن تنفي علاقتها بصفحة أخرى ادعت أنها ناطقة باسمها.
ومطلع العام الجاري، أطلت نادية عكاشة مرة أخرى عبر صفحتها الرسمية بـ"فيسبوك" لنفي الأخبار التي ربطت وفاة شقيقها في العاصمة الفرنسية باريس بملف خلافها مع الرئيس سعيّد.
ويعود آخر منشور لعكاشة على صفحتها الرسمية بـ"فيسبوك" إلى تاريخ 31 أيار/ مايو الماضي، بعد ذكرها مجددا في ملف "التآمر على أمن الدولة"، حيث قالت: "مرة أخرى يتم الزج باسمي داخل قائمة متكونة ممن لا يمكن أن يجمعني بهم أي شيء، ممن عملوا على تشويهي عندما كنت ممارسة لمهامي على رأس ديوان رئاسة الجمهورية، ممن ألحقوا الضرر بي وبعائلتي وببلادي".
وأضافت: "آثرت منذ استقالتي احترام واجب التحفظ وابتعدت لعدة أسباب ولكنني سأعود وسأدلي بما لدي حتى يعلم التونسيون من الخائن ومن المتآمر ومن المتحيل".
وعلى عكس المرات الماضية، لم تنشر نادية عكاشة تكذيبا، إلى حدود نشر هذا المقال، عبر صفحتها الرسمية بـ"فيسبوك"، ما زاد ملف التسريبات الجديدة غموضا، رغم نقل وسائل إعلام محلية نفيا على لسانها دون ظهورها.
أحداث متطابقة
وتشير التسريبات التي تحدث عنها الحساب المنسوب لنادية عكاشة إلى أحداث كانت وقعت بالفعل على الساحة السياسية في تونس.
وبشأن اتهام سعيّد بالتجسس على سياسيين باستخدام برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي، نشر موقع "
ميدل إيست آي"، في عام 2021، تقريرا كشف من خلاله عن استخدام السعودية برنامج "بيغاسوس" الخاص بشركة "NSO" الإسرائيلية للتجسس على رئيس البرلمان التونسي، زعيم حركة "النهضة"، راشد الغنوشي.
وذكر الموقع، في التقرير، أن رقم هاتف الغنوشي هو من بين 50 ألف رقم هاتف تم العثور عليها في قائمة حصلت عليها منظمتا "فوربيدن ستوريز" الاستقصائية و"آمنستي انترناشيونال".
ولفت تقرير "ميدل إيست آي" إلى أن القائمة تضم الهواتف التي استهدفها عملاء شركة التكنولوجيا الإسرائيلية "NSO" منذ عام 2016، مشيرا إلى أن منظمة "فوربيدن ستوريز" أبلغت الغنوشي بأن رقم هاتفه الأساسي مدرج في قائمة أهداف بيغاسوس.
واتهمت التغريدات المنسوبة لنادية عكاشة الرئيس التونسي بإخفاء جرعات لقاح كورونا عن التونسيين، وهي حادثة تحدث عنها التونسيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل 25 تموز/ يوليو 2021، عن تلقي رئاسة الجمهورية التونسية ألف جرعة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا "هدية" من دولة الإمارات لم يعلموا أين وجهت ومن استفاد منها.
بدأ الجدل بتدوينة على صفحة فيسبوك الرسمية للنائب في البرلمان في ذلك الوقت بدر الدين قمودي تقول: "لقاح الكورونا وصل منذ مدة من دولة خليجية... المعلومة شبه مؤكدة... تم توزيع اللقاح على كبار المسؤولين والسياسيين وقيادات أمنية... وللشعب رب يحميه".
ثم نشر النائب ياسين العياري عبر صفحته الرسمية ما يفيد علمه بالأمر منذ أيام، وأوضح أن الدولة مصدر اللقاح هي الإمارات، متسائلا عن سبب غياب الإعلان الرسمي عن هذا الأمر.
كما تحدثت التغريدات عن قضية تعرض نادية عكاشة للتسمم في القصر، حيث قال الحساب الموثق على "تويتر" إنها كانت مسرحية، في إشارة لما وقع في القصر مطلع عام 2021.
ونشرت الرئاسة التونسية بلاغا رسميا بتاريخ 28 يناير/ كانون الثاني 2021 كشفت فيه أن قصر قرطاج تلقى يوم 25 يناير/ كانون الثاني، حوالي الساعة الخامسة مساء بريدا خاصا موجها إلى رئيس الجمهورية يتمثل في ظرف لا يحمل اسم المرسل.
ووفق الرواية الرسمية الصادرة عن رئاسة الجمهورية في تونس، قامت مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة، وهي الشخصية الأقرب لقيس سعيّد في ذلك الوقت، بفتح الظرف فوجدته خالياً من أي مكتوب، ولكن بمجرد فتحها للظرف تعكر وضعها الصحي وشعرت بحالة من الإغماء وفقدان شبه كلي لحاسة البصر وصداع شديد في الرأس، نقلت على إثرها إلى المستشفى العسكري، فيما تم وضع الظرف في آلة تمزيق الأوراق، قبل أن يتقرر توجيهه إلى وزارة الداخلية لإخضاعه للتحاليل اللازمة.
وصادف أن ظهرت نادية عكاشة في صور لاجتماع قيس سعيّد مساء يوم الحادثة، فيما كانت تظهر بصحة جيدة، قبل صدور بلاغ الرئاسة بعد 3 أيام فقط.
ولكن، سرعان ما انتهت قصة "الظرف المسموم" بنهاية نفس الشهر، حيث أعلنت النيابة العامة بتونس أن خلاصة الاختبارات الفنية على الظرف المشبوه بينت عدم احتوائه على أية مواد مشبوهة سامة أو مخدرة أو خطرة أو متفجرة، ما أثار شكوكا في صحة رواية رئاسة الجمهورية.
من هي نادية عكاشة؟
ويعتبر العديد من التونسيين أن عكاشة كانت ظل سعيّد وذراعه الأيمن وأمينة سره، حيث رافقته في مجمل نشاطاته وتحركاته منذ تعيينها مديرة ديوانه في 28 كانون الثاني/ يناير 2020.
وعرف سعيّد عكاشة قبل تعيينها بديوانه، حيث كانت طالبته في مادة القانون الدستوري، قبل أن تتخرج وتصبح زميلته في الجامعة.
وتحصلت عكاشة صاحبة الـ41 سنة على دكتوراه في القانون عام 2017، وماجستير في القانون العام والمالي عام 2006، من كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس، وبكالوريوس في العلوم القانونية عام 2004م من الكلية ذاتها التي كان يدرّس بها سعيّد قبل توليه رئاسة الجمهورية، فضلا عن شهادة الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري في تونس عام 2005، ولها العديد من المؤلفات القانونية والمقالات العلمية والسياسية.
وبحسب صفحتها بموقع جامعة تونس، فإن نادية عكاشة هي باحثة في معهد "ماكس بلانك" للقانون العام والقانون الدولي المقارن في هايدلبرغ، وهي مهتمة بالقانون الدستوري والعدالة الدستورية والقانون الدستوري الدولي.
وعقب ثورة 2011 التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، تابعت عكاشة العملية الانتقالية حيث كانت ضمن بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في تونس سنة 2011، ومستشارة لبعثة المساعدة الانتخابية للاتحاد الأوروبي سنة 2014.
ودخلت نادية عكاشة غمار النشاط السياسي من خلال الالتحاق بحملة سعيّد الرئاسية في 2019 التي أوصلته إلى السلطة.
وبعد توليه الرئاسة، قام سعيّد بتعيين طالبته السابقة كمستشارة للشؤون القانونية، قبل أن تصبح مديرة للديوان الرئاسي بعد عام، ثاني منصب في مؤسسة رئاسة الجمهورية.