نشر موقع "ذي هيل" الأمريكي مقال رأي للصحفي دونالد كيرك، أكد فيه أن
الولايات المتحدة لا يمكن إدارة ظهرها لتركيا، مشيرا إلى أن إعادة انتخاب الرئيس رجب طيب
أردوغان لولاية جديدة، يرسل تحذيرا واضحا لواشنطن وحلف شمال الأطلسي "
الناتو".
وأضاف في
المقال الذي ترجمته "عربي21"، أنه على الولايات المتحدة والناتو الحذر في التعامل مع
تركيا التي تتحرك بين الصداقة مع روسيا والدعم العالي لأوكرانيا في الحرب.
وتوقع الكاتب أن يسير أردوغان في طريق الحياد بين روسيا والغرب، ففي ظل حماسته المنقطعة النظير لبناء تركيا كقوة وجسر بين الشرق والغرب والشرق الأوسط، فمن المخاطرة أن يتوقع منها أن تقدم دعما غير مشروط مطلوب من الدول الحليفة في الناتو.
وقال إن على الأمريكيين التعامل مع أردوغان برفق، وعدم إغضابه من خلال النقد الكثير، واظهار احترام لرغبته في اتباع الخط الوسط في دوامة من التيارات السياسية والدبلوماسية والعسكرية.
وقال الكاتب إن علاقة الأمريكيين مع تركيا معقدة جدا بوجود حوالي 5 آلاف جندي أمريكي وطائرات أمريكية و 50 قنبلة نووية في القواعد العسكرية التركية.
وتترواح المشاكل من دعم واشنطن للمقاتلين الأكراد الذين يريدون دولة مستقلة في أجزاء من تركيا وسوريا إلى إصرار تركيا على شراء النظام الصاروخي أس-400 الروسي والحصول على مقاتلات أف-16 من أمريكا.
وأصبح أردوغان لاعبا محترفا في لعبة عدم الانحياز بين واشنطن وموسكو، وهو يلعب ورقة العلاقة مع فلاديمير بوتين والحفاظ على علاقة ودية مع الرئيس جو
بايدن.
وكان بوتين وبايدن حذرين في تهنئة أردوغان على انتصاره في وقت يتسم فيه بالحذر عندما يتعلق الأمر بالناتو والخروج منه. والآن وقد أمن الرئيس التركي خمس سنوات فإن من المتوقع أن يصادق على انضمام السويد للناتو بعدما رفض نتيجة للسياسة السويدية المتساهلة مع الأكراد الذين يعتبرهم إرهابيين.
وتقع تركيا في موقع جغرافي مهم، فهي تحرس مدخل البحر الأسود وتسيطر على السفن التي تعبر إلى الموانئ الأوكرانية بما فيها شبه جزيره القرم التي يحتلها الروس، ومن الحماقة ألا تحترم أي دولة في الناتو رغبة أردوغان، في اللعب على الطرفين.
ويجب على دول الناتو أن تكون ممتنة للجهود التي قامت بها تركيا في استئناف تصدير القمح الأوكراني الذي نفع اقتصاد عدد من دول العالم. وعليها ألا تنسى أن تركيا صدرت المسيرات والعربات المصفحة إلى أوكرانيا في الوقت الذي كانت تستورد فيه المنتجات الغذائية الروسية والسلع الأخرى مثل الفولاذ والحديد والذي تحتاجه روسيا لدعم اقتصادها المهتز.
ولن تكون تركيا صوتا متحمسا للسياسة الأمريكية بالمنطقة في وقت تتصادم فيه الولايات المتحدة مع إيران. ويقوم أردوغان بإعادة السياسة التركية إلى جذورها بالحصول على الدعم الإسلامي ومواجهة تاريخ تركيا الطويل في المجال الديمقراطي. وفي الوقت الذي انتقد فيه تل أبيب لمعاملتها الفلسطينيين فإنه أعاد العلاقات معها.
وكما في تعامله مع الناتو وواشنطن، فإن أردوغان يؤمن بالتحركات المحسوبة التي تعطي تركيا ورقة مقايضة جيدة. كل هذا يضع أمريكا في وضع غير مريح، فقد كتب ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي أن واشنطن ليست متأكدة من قدرتها على استخدام قاعدة أنجرليك والدفاع عن مصالح الناتو.
ولأن السياسة الخارجية لأردوغان مرتبطة بإملااءات السياسة المحلية، فإن استخدام القاعدة لخدمة المصالح الأمريكية لم يعد مضمونا. ويجب على الساسة الأمريكيين عدم السماح لأنفسهم بالدخول في وضع يترك المصالح الأمريكية بيد المصالح المتغيرة للساسة الأتراك، كما يذكر الخبير ستيفن كوك.
وكان نقد كوك قاسيا، فعلي خلاف الفترات الماضية، لم تعد واشنطن وأنقرة تشتركان في التهديدات أو المصالح التي تجمعهما معا.
ويعلق الكاتب بأن الحرب الأوكرانية جعلت من الصعوبة على أمريكا تغيير توجهها من تركيا. والآن وقد تأكد بقاء أردوغان في السلطة فمن غير المناسب أن تقوم واشنطن بإغضاب حليف.
وهناك إمكانية لبقاء تركيا وأمريكا حليفين وإن بطريقة مصطنعة، في وقت تلعب فيه تركيا كحاجز بين روسيا وأوكرانيا بل وبين الغرب وقوى متنوعة في الشرق الأوسط.
وربما شعر الأمريكيون بالخيبة لانتصار أردوغان في ولاية أخرى، ولكن عليهم الامتنان لأن تركيا لم تغير موقفها بشكل جذري. وما دامت تركيا لا تطالب القوات الأمريكية بالمغادرة، فستتركها أمريكا في مكانها على أمل ألا يتغير الوضع الراهن.
وحقيقة بقاء القنابل النووية الأمريكية مخزنة في تركيا تأكيد على أهمية العلاقة. ولا يمكن أن تفكر أمريكا بإعطاب العلاقات التركية-الأمريكية في وقت تدافع فيه عن تركيا بالنووي الذي تحتاجه لتذكير الرئيس الروسي بوتين بالمخاطر المتأصلة في الحرب النووية.