نشرت صحيفة "
الغارديان"مقالا للمعلق سايمون تيسدال، قال فيه إن عملية إعادة تأهيل نظام
بشار الأسد البشعة من قبل جامعة الدول العربية ودعوته للمشاركة في قمة السعودية هذا الأسبوع، تعطي صورة عن الحكومات العربية التي لا تهتم إلا بنفسها.
وهذه الدول تأمل في تخفيف اعتماد دمشق على إيران وتشجيع اللاجئين السوريين للعودة ووقف تجارة المخدرات التي يشرف عليها النظام وتوفير المال لإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
ومن المنظور الإنساني، فإن قرارهم مخز تماما، فقد قتل أكثر من 300 ألف مدني منذ أن حول الأسد بنادقه نحو الربيع العربي في سوريا عام 2011، وهو ما أدى إلى فرار 14 مليون سوري، ومعظمهم أصبحوا بدون طعام.
ثم جاءت الهزات الأرضية في شباط/ فبراير الماضي، ولم ينته النزاع بعد. ومات المئات من المدنيين في الغارات الجوية للنظام والطيران الروسي والقنابل العنقودية والصواريخ التي استهدفت النازحين في مخيماتهم في شمال غرب سوريا، بمنطقة إدلب ودرعا وحماة وفي حلب بالشمال، بحسب تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وجاء فيه أن "هذه الهجمات وغيرها ربما وصلت إلى جرائم حرب".
وحذر التقرير من "استمرار الاعتقالات التعسفية والتغييب القسري والموت في المعتقلات والتعذيب". وتم توثيق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا بشكل جيد، ومع ذلك فإنه لا يوجد أي منظور لمواجهة الأسد العدالة. وبالمقارنة فقد وجهت الجنائية الدولية اتهامات لزميله الديكتاتور فلاديمير بوتين، والسؤال هو: لماذا لم تتم إدانة جزار دمشق؟ وهذا تجاهل لا يمكن تفسيره.
وبدلا من ذلك، فإنه سيتم الترحيب بالأسد وتوجيه دعوات له ومكافأته من حكام الخليج الذين لا يهتمون كثيرا بغير أسعار النفط وشراء نوادي الدوري الممتاز الإنجليزية والأوروبية، أكثر من اهتمامهم بحقوق إخوانهم العرب.
وليس الجيران هم الذين يشتركون في العار بل آخرون، فقد ترددت الولايات المتحدة وحلفاؤها في التدخل المباشر عام 2013، وهو تدخل كان سيوقف المجزرة. وفتح هذا التردد الباب لدخول إيران والروس حيث تم التأكيد على بقاء الأسد.
وأضرت العقوبات الغربية التي كانت تهدف لإسقاط النظام بالمدنيين بدلا من ذلك. وبالنظر إلى الأمام، يقترح المحللون أن عودة الأسد للحظيرة العربية المترافق مع التقارب الذي رعته الصين بين السعودية وإيران تقود إلى نظام أمني محلي في الشرق الأوسط. فالوفاق قد يتوسع ويؤدي للتهدئة في اليمن ويضفي استقرارا على لبنان ويخفف أعباء اللاجئين عن الأردن وتركيا.
ويجب التعامل مع هذه التطورات بعناية تامة، ذلك أنها قد تؤدي إلى تهميش دور أمريكا في المنطقة التي هيمنت عليها مرة، تاركة السياسة الغربية في حالة يرثى لها. وباتت جهود إسرائيل ببناء جبهة واحدة ضد إيران بالتحالف مع دول الخليج وتوقيع اتفاقيات تطبيع في وضع خطير إن لم تخلط أوراقها. وسيزيد النفوذ الصيني حيث يتردد صدى الرؤية اللاأخلاقية للصين في الخليج.
ويقول تيسدال إن الدعوة غير المشروطة من
الجامعة العربية للأسد تتجاهل هذا الواقع الهش. وأعاد وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن التذكير بالموقف الغربي والتأكيد على قرار مجلس الأمن الدولي 2015 من أن الحل السلمي وانتخابات حرة وإقصاء الأسد هو "الحل الوحيد القابل للتطبيق وإنهاء النزاع"، وهو أمر جيد باستثناء أنه مجرد تمن.