سياسة تركية

سوريون ينتخبون للمرة الأولى بدون خوف.. لمن ذهبت أصواتهم؟

أدلى السوريون المجنسون بأصواتهم في وقت تسعى فيه تركيا للتطبيع مع بشار الأسد- الأناضول
توافد آلاف السوريين الحاصلين على الجنسية التركية إلى مراكز الاقتراع في مختلف الولايات، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية وبرلمانية "مصيرية" لم تشهد البلاد مثلها منذ عام 2002، حيث يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تحالفاً يضم ستة أحزاب معارضة.

ويتنافس أردوغان في الانتخابات مع مرشح "الطاولة السداسية" كمال كليتشدار أوغلو، ومرشح "تحالف الأجداد" سنان أوغان، بينما أعلن المرشح الرابع وزعيم حزب البلد محرم إنجه انسحابه من السباق الرئاسي.

ورغم انسحاب محرم إنجه، فإن اللجنة العليا للانتخابات ستعتبر الأوراق المصوتة له على أنها صحيحة، ويتم اتخاذ مسار الانسحاب بعد الجولة الأولى.

شعور جديد

التقت "عربي21" مع عدد من السوريين الذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات التركية، حيث عبروا عن سعادتهم للمشاركة لأول مرة في اقتراع رئاسي دون خوف من تعرضهم للمساءلة أو المحاسبة من أي جهة أمنية أو حزبية.

الناشط السوري موسى سعيد، قال لـ"عربي21"، إن "هذه أول مرة في حياتي أشارك في انتخابات.. لم نكن نعرف هذا في سوريا فقد حرمتنا عائلة الأسد من كافة المظاهر السياسية طوال 50 عاما مضت".

وأضاف: "الشعور جديد.. لكنه يترافق مع حسرة لو أن هذه الانتخابات الديمقراطية أجريت في وطننا الأم سوريا".

السيدة "ل. ع" وصفت شعور الحسرة الذي يعيشه السوريون في تركيا، بقولها: "أصواتنا في سوريا لم يكن لها أية قيمة.. لكن اليوم عشنا شعورا مختلفا وشعرنا بأهمية الفرد بالحياة السياسية وتحديد مصير البلاد".

من جانبه، الصحفي السوري مروان سالم، قال لـ"عربي21" إن الشعب السوري لم يكن يعرف الانتخابات لأن نظام البعث كان يلزم السوريين بما يسمى تجديد البيعة أو الاستفتاء الرئاسي وهي عبارة عن ورقة تحمل صورة بشار الأسد ومن قبله والده حافظ وتحتها إشارة موافق وغير موافق.

وأعرب عن أمله بعد المشاركة بإدلاء صوته في الانتخابات التركية، أن تصل سوريا يوما ما إلى مرحلة يمكن فيها للشعب السوري الاختيار بحرية وتمثيل حقيقي في الحكم.

أجواء انتخابية

وتمر العملية الانتخابية في تركيا بعدة مراحل قبل الوصول إلى فرز الأصوات، والتي تبدأ فور انتهاء الوقت الرسمي للانتخابات عند الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي، حيث يتعين على الناخب تقديم ورقة ثبوتية ومن ثم استلام ورقتين انتخابيتين واحدة للمرشح الرئاسي وأخرى للبرلمان بالإضافة إلى ظرف انتخابي، ومن ثم التوجه إلى غرفة التصويت، قبل وضع الظرف والأوراق الانتخابية في صندوق الاقتراع.

الناشط موسى سعيد، أكد لـ"عربي21"، أنه لم يتعرض لأي ضغوط أثناء الإدلاء بصوته، وقال: "دخلت غرفة التصويت واخترت المرشح والحزب بكل حرية وخرجت من دون التعرض لأية كلمة أو محاولة إقناع أو توصية لاختيار المرشحين من قبل ممثلي الأحزاب في المراكز الانتخابية".

بدورها، قالت السيدة "ل. ع" إنها كانت متخوفة من تعرضها لمعاملة "عنصرية".. لكنها تفاجأت بمدى الشفافية داخل المراكز الانتخابية، موضحة أنها حصلت على الأوراق الانتخابية وأدلت بصوتها دون توجيه أية عبارة أو محاولة لاستفزازها.

الصحفي السوري، مروان سالم، عزا وجود مخاوف لدى السوريين المجنسين إلى غياب الحياة السياسية في بلادهم، مشيرا إلى أن وجوه الناخبين السوريين بعد تصويتهم كانت تعبر عن مدى شعورهم بالحماسة والفرح.

الانتخابات وقضايا السوريين

وأدلى السوريون المجنسون بأصواتهم في وقت تشهد فيه بلادهم تطورات سياسية ساعية للتطبيع مع بشار الأسد، المسؤول عن ارتكاب جرائم حرب بحق الشعب السوري وفق منظمات حقوقية وأممية.

وقبل أيام من الانتخابات اجتمع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو مع فيصل المقداد وزير خارجية النظام السوري، في أول لقاء رسمي لوزراء خارجية البلدين منذ 2011.

وجاء اللقاء ضمن المساعي الروسية لدفع عملية التطبيع بين تركيا والنظام السوري، بهدف حل جملة من المسائل العالقة بين الطرفين ويأتي في مقدمتها قضية اللاجئين السوريين في تركيا ووجود القوات التركية في سوريا.

الناشط السوري موسى سعيد، كشف عن اختياره للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية وحزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانية، رغم أنه فكر في مقاطعة الانتخابات بعد لقاء تشاووش أوغلو والمقداد.

وقال لـ"عربي21": "تراجعت عن قرار المقاطعة بعد إعادة التفكير بخطاب المعارضة التركية المعادي للاجئين السوريين، بينما يحافظ حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان على خطاب غير عدائي".

وأضاف: "بعد التفكير رأيت أن خيار مقاطعة الانتخابات يمكن أن يفسح المجال أمام المعارضة للوصول إلى السلطة.. ما يعني تغيير سياسة تركيا تجاه اللاجئين.. وذلك لا يعني أني أوافق على السياسة التركية الحالية".



السيدة "ل. ع" أكدت أنها انتخبت الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية، لأنها لا ترغب في حدوث تغيير كبير في سياسة تركيا تجاه ما يقارب الـ3.7 مليون لاجئ، مشيرة إلى أن اختيارها للمرشحين مرتبط بالقضية السورية في المقام الأول.

وتعليقا على خيارات السوريين، قال الصحفي السوري خالد الناصر، إن الكثير من السوريين لا يمتلكون قاعدة معرفية صلبة حول السياسية التركية الداخلية والخارجية ويعزى ذلك لانشغالهم بالقضايا السورية.. ومع ذلك، فإن البرامج الانتخابية للمعارضة ركزت على ترحيل السوريين، وهو ما لم يظهر في برنامج الرئيس أردوغان.

وأضاف: "المواقف العدائية تجاه اللاجئين شكلت رأي الناخبين السوريين ودفعت أكثر من 95 بالمئة منهم باتجاه التصويت لصالح الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية".

ووفقا للجنة العليا للانتخابات، فإن من يحق لهم التصويت 64 مليونا و113 ألفا و940 شخصا، 60 مليونا و697 ألفا و843 ناخبا بداخل تركيا، في 191 ألفا و884 صندوقا انتخابيا في عموم البلاد. أما في خارج البلاد، فقد بلغ عدد الناخبين 3 ملايين و416 ألفا و89 ناخبا، أدلى بصوته منهم نحو مليون و642 ألفا و721 ناخبا في الممثليات، و120 ألفا و640 شخصا في البوابات الحدودية.