مع انطلاق
الدعاية الانتخابية في عموم تركيا، اتخذت الأحزاب
المشاركة العديد من الوسائل، من أجل جذب الناخبين وطرح الوعود عليهم، إضافة إلى
مهاجمة الأحزاب الأخرى، مستغلة الأخطاء التي تقع فيها قبل الحملة أو خلالها.
ويسمح للأحزاب السياسية، بالاستفادة من لوحات الشوارع، والمباني
الخاصة، ومواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي، إضافة إلى عمل جولات على المنازل،
وتقديم هدايا تحمل شعارات الحزب، ومنشورات للأهداف، لعرض أفكارهم، وحث الناخبين
على
التصويت لهم.
لكن الحملات الانتخابية في تركيا، عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، تتفاوت في شكل الإنتاج الدعائي
والتصميم بين الأحزاب تبعا لقدراتها وإمكانياتها والجمهور المستهدف منها.
أما المقطع التمثيلي الذي حاز تداولا واسعا بين الأتراك، واعتبر الأكثر إبداعا، بين الدعايات الانتخابية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومشاهدات فاقت 2 مليون مشاهدة، فيحكي قصة رجل استفاق من غيبوبة بعد 20 عاما، وبدأ بالتصرف وفقا للوضع السابق للبلاد، حيث المستشفيات الحكومية باهظة التكاليف للمواطنين، والماء لا يصل للمنازل، المحجبات يمنعن من دخول الجيش، ليفاجأ بأن كل ذلك تغير ولا يصدق أن السيارة المحلية للبلاد، تسير على الكهرباء دون وقود.
ورغم أنه المقطع حمل تلميحات إلى الحزب الحاكم، إلا أنه لم ينشر على حساباته الرسمية، ولم يظهر الختم الرسمي للحزب، كما هي العادات ببقية الدعايات الانتخابية للأحزاب.
وعلق مغردون أتراك على المقطع بالقول:
"رائع وعمل ممتاز.. شاهدته وأنا أبكي".
"جميل جدا.. سلمت يداكم، رغم أنه كان هناك العديد من النقلات الثورية التي من الاستحالة عمل إفلام عنها".
تركيا التي كانت في الماضي.. أحسنتم وتحية لكل المشاركين في العمل وسلمت أيديكم".
"أهنئكم.. لقد كان مقطعا قيما ومفيدا.. لم أتمكن من كبح دموعي".
ورصدت "عربي21" في التقرير التالي، جملة من أبرز المواد
الدعائية في الانتخابات، لأحزاب لها مرشحون رئاسيون.
العدالة والتنمية الحاكم
الدعاية الانتخابية للعدالة والتنمية، برز فيها العديد من المقاطع
التمثيلية القصيرة، بإنتاج عال، وتنوعت فيها الرسائل ما بين الإنجازات التي قدم
بها الرئيس الوعود لمشاريع مستقبلية، بالإضافة إلى مخاطبة الجمهور بمسائل حساسة في
البلاد مثل آيا صوفيا.
واستهدفت الدعاية، مسألة المنازل القديمة، ومشروع الرئيس للتطوير
الحضري، الذي أعلن عنه مرارا، لكن الحديث تصاعد فيه بعد الزلزال المدمر جنوب
البلاد قبل أشهر، وفي مقطع تمثيلي، يجلس مندوب شركة الإسكانات في الدولة، لإقناع
المواطنين بضرورة تجديد البناء، وأن الدولة ستتكفل بنصف المبلغ، والجزء الآخر
سيدفع تقسيطا، وينتهي المقطع باقتناع، شخص كان يسخر من الموافقين على المشروع بعد
استفادته منه.
وفي مقطع تمثيلي آخر،
أعاد حزب العدالة والتنمية، التذكير بقضية مقتل الجنرال العثماني نوري كيلليجيل
(نوري باشا)، والذي قام بمواصلة إنتاج الأسلحة للبلاد سرا، عبر مصنع للفحم، خلال
الحرب العالمية الثانية، ويظهر المقطع أن نهاية كيلليجل، كانت غامضة، وانتهى معها
إنتاج السلاح بتركيا في ذلك الوقت، بعد انفجار غامض في مصنعه.
أما إحدى أشهر أغاني "العدالة والتنمية" خلال الانتخابات، وهي الأغنية الرسمية للحملة الانتخابية للحزب "دورويا دورو" وتتحدث عن السير إلى الأمام
باستقامة، فتعيد تذكير الأتراك بالعهد الماضي، قبل مجيئ الحزب إلى السلطة، عبر
شاشات تلفاز قديمة يشتكي فيها المواطنون من سوء الخدمات في البلاد، وانتشار
القمامة والأمراض، ثم ينتقل المشهد إلى الوضع الحالي للبلاد، مستعرضا إنجازات
السيارة المحلية، وحاملة الطائرات والمقاتلات المسيرة، ومشهد اصطفاف السيارة
المحلية بجانب مسجد آيا صوفيا.
وتعد مسألة مكافحة
الإرهاب في تركيا، من المسائل التي تشغل الأتراك، وأفرد لها مقطع تمثيلي، لأم تعد
الطعام في المطبخ، وابنها موجود في وحدة عسكرية للخدمة، في ظل تقدم مسلحين
"يتبعون جهة إرهابية"، بين الجبال لمهاجمة الوحدة العسكرية للجيش التركي،
وما بين شعور الأم بخوف مفاجئ، واستعداد المسلحين للهجوم وقتل ابنها، تظهر طائرة
مسيرة تركية، تدمر موقع المهاجمين ويتلقى الابن اتصالا من أمه، أنه بخير، بفضل
الطائرة محلية الصنع.
أما مسجد آيا صوفيا، فيعد
جزءا بارزا من المسائل التي نوقشت في الإعلان الانتخابي، والذي يعد إنجازا للرئيس
التركي، بعد اتخاذه قرار إعادته إلى وضعه السابق مسجدا، بعد أن جرى تحويله إلى
متحف عقودا طويلة، ويستعرض المشهد
التمثيلي، أجيالا من الآباء والأحفاد منذ الثمانينيات، وهم يضطرون للذهاب إلى صلاة
الجمعة في مكان بعيد، ومسجد آيا صوفيا بجانبهم، دون أن يسمعوا الأذان منه، لكن
جاءت اللحظة التي غادروا فيها دكانهم التجاري عام 2020 إلى مسجد أيا صوفيا لأداء
الصلاة فيه بعد تحويله لمسجد.
حزب الشعب الجمهوري
أما دعاية حزب الشعب
الجمهوري، ومرشحه الرئاسي كمال كليتشدار أوغلو، فغلب عليها، إما المقاطع المصورة
له شخصيا داخل أماكن متعددة من منزله، سواء غرفة الجلوس، أو مكتبته، أو داخل
المطبخ كما اعتاد سابقا، وقام بافتتاح قناة عبر منصة تيك توك، لاجتذاب الشباب،
فضلا عن قيامه بمقاطع باسم "لوحة كمال"، يستعرض فيها مسائل اقتصادية
وخططه ويهاجم عبرها الرئيس التركي وسياساته، من خلال الاقتصاد.
وفي أحد المقاطع يوجه
كليتشدار أوغلو حديثه للموظفين العامين، ويشمل ذلك خططه من أجل الرواتب والتقاعد،
وأعداد من يستهدف تعيينهم في حال فوزه بالرئاسة.
وفي مقطع آخر يتحدث عن
الصناعات الدفاعية للبلاد، ويتهم فيها حزب العدالة والتنمية باستثمارها لصالحه،
ويشدد على أنها صناعات تتبع الجيش في النهاية، والمهندسون الذين نفذوها ليسوا من
حزب العدالة والتنمية الحاكم، وأنهم عقول لكل الدولة، ويصف استغلال هذه المسألة
بالبروباغندا التي يقدمها الحزب.
أما الأغنية الرسمية لحزب
الشعب الجمهوري، وأحزاب المعارضة المشاركة في ائتلافه، فحملت اسم "هايدي"
(هيا)، وتضمنت لقطات تمثيلية لفئات مختلفة من المجتمع، الشبان وكبار السن والأطفال،
شبان بمواقع التواصل الاجتماعي يرقصون، صيادو أسماك، وبعضهم يقول إن 20 عاما
لأردوغان تكفي، ولقطات لمحجبات مع فتيات بدون حجاب يذهبن معا إلى الصناديق، وحديث
عن العدالة، والتغيير ويظهر فيه كافة رؤساء تحالف الأمة المعارض، مع كليشتدار
أوغلو.
كما يستعرض مرشح الرئاسة
للمعارضة، خططه الاقتصادية، والوضع الراهن بالأرقام، عبر أسلوب بسيط، على لوحة
شفافة، أسماها "لوحة كمال".
ودأب كليتشدار أوغلو، على
الخروج من مطبخ منزله، في العديد من المقاطع المصورة، لتوجيه رسائل مختلفة، وخلال
إحداها استضاف رئيس حزب ديفا، ووزير الاقتصاد السابق بعهد أردوغان، علي باباجان،
للحديث عن جملة من أهدافهم المقبلة حال فوزهم، ومن أبرزها الانضمام للاتحاد
الأوروبي، وكيف أن تركيا، الدولة الأكبر من عدد السكان في المنطقة وأهمية ذلك
لأوروبا.
وتحمل إعلانات الشعب
الجمهوري، إشارات للمحجبات باعتبارهن جزءا من المجتمع، بعد عقود كان السبب الرئيسي
فيها بمنع الحجاب في المدارس والجماعات والمؤسسات الحكومية، ويشن حربا شعواء عليه،
لكن في أحد الإعلانات التي يطلب فيها التبرعات من أجل توفير المواصلات للطلاب الراغبين
بالمشاركة في الانتخابات، لكن بسبب بعد الولايات الموجودين فيها، لن يتمكنوا من
ذلك، تظهر شخصيات كرتونية لمحجبات في دعاية جمع التبرعات.
حزب الجيد
فكانت
المقاطع الدعائية التثميلية لديه أقل من العدالة والتنمية والشعب الجمهوري، لكنه
ركز في العديد منها على البعد القومي الذي ينحدر منه أعضاؤه، ولم يغب عنه مخاطبة
المتدينين الأتراك، والمتمسكين بالهوية القديمة للأتراك، عبر مقاطع لمحاربين أتراك
قدامى، وربطها بالحاضر، وكذلك الاحتفاء بذكرى وفاة فاتح القسطنطينية السلطان محمد
الفاتح.
أما الأغنية الرسمية
للحزب، والتي تحمل الشعار الرسمي "سنكتب تاريخ تركيا"، فكانت أضعف من
ناحية الإنتاج فنيا، عن الحزبين الأكبر.
ويهاجم الحزب في دعايته
الرئيس التركي، ويسلط الضوء على العلاقات الدولية للبلاد، وما يراه أخطاء في
سياسته الخارجية، بأسلوب سردي، مع مقاطع للرئيس مع زعماء دول حدثت بينهم خلافات.
حزب الظفر
أما حزب الظفر التركي،
العضو في تحالف الأسلاف، والذي يقوده
أوميت أوزداغ المعادي للاجئين، وله مرشح رئاسي هو سنان أوغان، فقد نشر منذ اليوم الأول للحملة، إعلانا لاستقبال
التبرعات للحزب، من أجل المساعدة في الدعاية الانتخابية له، وأضاف أرقام حسابات بنكية، وغلب على مقاطعه
المونتاج البسيط للصور واللقطات، العامة، وزيارات الحزب، ونقاشاته مع المواطنين.
لكن المقاطع الأكثر
ترويجا في حساباته بموقع تويتر، كانت مشاهد عن اللاجئين، ووعودا بطردهم وإعادتهم
إلى أوطانهم التي جاؤوا منها. ومهاجمة الأحزاب الأخرى سواء الحاكم أو المعارضين
اللآخرين، والتي حملت شعارات من قبيل: "معا سننتصر في معركتنا ضد أعداء
أتاتورك، وأنصار الإرهاب، واحتلال اللاجئين، والفساد والظلم".
كما تضمنت دعاية حزب
النصر، صورا للقاءاته بالناس في المحال التجارية والأسواق والتقاط الصور التذكارية
مع رئيسه أوميت أوزداغ.
كما يهاجم الحزب في أحد
المشاهد الدعائية الخاصة به، زعيم تنظيم فتح الله غولن وجماعته، لكنه في الوقت
ذاته يتهم الرئيس التركي بوجود صلة معه.
ومن جملة الدعايات التي
يستهدف بها الناخبين، الوعود بما أسماه إعادة الجيش إلى وضعه، بعيدا عن التدين،
حيث نشر صورة لشخص من البحرية التركي، يرتدي زي إمام للصلاة، وبجانبها صورة لعسكري
في البحرية بالزي الرسمي.
حزب البلد
أما حزب البلد، الذي قدم مرشحا عنه وهو رئيسه محرم
إنجه، فتتسم دعايته بالبساطة وعدم الكلفة، وتقتصر على مقاطع بمونتاج بسيط للفعاليات المختلفة، ومقاطع
قصيرة، وخطابات ولقاءات إنجه الانتخابية بين الشوارع، ومسألة أن حزب البلد، هو
"حزب الأتاتوركيين".
أما الأغنية الرسمية
للحزب فحملت شعار "مخضرم من بلدي"، تتحدث عن الأمل وتفتح الأزهار في
البلاد، والعدالة للجميع، وحب الوطن.