كشف مصدر لـ"عربي21" تفاصيل مداهمة الأمن
التونسي لمنزل رئيس حركة النهضة
راشد الغنوشي، في 17 نيسان/ أبريل الجاري، الذي وافق ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك.
وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه نظرا لاستمرار التحقيق، إن أكثر من 100 عنصر من قوات الأمن حاصروا بيت الغنوشي قبل موعد أذان المغرب بعشر دقائق قبل أن يدخلوا المنزل مستظهرين بإذن قضائي للتفتيش.
وأضاف أن قوات الأمن فتشت البيت تفتيشا دقيقا، مع التركيز على مكتب رئيس النهضة حيث تم حجز كل وثيقة كُتبت بخط اليد.
وأشار المصدر ذاته إلى أن الأسئلة عند مداهمة البيت وتفتيشه تمحورت حول ما إذا كان المنزل يحتوي على ممنوعات أو أموال أو أي شيء ثمين.
ولاحقا، تم نقل الغنوشي ومرافقيه إلى الوحدة المركزية لفرقة مكافحة الإرهاب بالعوينة في العاصمة تونس، بحسب المصدر الذي قال إن جميع الموقوفين قضوا تلك الليلة على الكراسي.
وكشف المصدر أن جميع الموقوفين البالغ عددهم ثلاثة رفضوا الإجابة على أسئلة التحقيق، حتى تلك التي تتعلق بالمعطيات الشخصية مثل الاسم ورقم الهوية ومقر السكن بسبب عدم تمكينهم من حضور المحامين.
وشدد المصدر على أن المعاملة طيلة التحقيق كانت عادية دون تسجيل أي شيء غير عادي باستثناء منع المحامين من الدخول، مشيرا إلى أن راشد الغنوشي كان يردد "الغد سوف يكون أفضل إن شاء الله".
وبعد التحقيق، تم تحويل الغنوشي ومرافقيه إلى مركز التوقيف حيث تشارك الجميع الغرفة ذاتها قبل أن يتم عرضهم على المحكمة مساء الأربعاء 19 نيسان/ أبريل الجاري.
وصباح الخميس، أمر قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية بتونس، بسجن رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي، بسبب تصريحات سابقة له وُصفت بـ"التحريضية"، بتهمة "ارتكاب مؤامرة للاعتداء على أمن الدولة الداخلي، والاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة، وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا".
وتمت إحالة 12 شخصا، من ضمنهم الغنوشي، على التحقيق في القضية ذاتها؛ فيما كشف المصدر أن القاضي أصدر أوامر بسجن عدد من الموقوفين دون أن يستمع لهم أو يلتقي بهم.
وجاء الاعتقال بعد يوم واحد من تصريحات الغنوشي، حيث قال خلال اجتماع في مقر جبهة الخلاص إن هناك "إعاقة فكرية وأيدولوجية في تونس، تؤسس في الحقيقة لحرب أهلية.. لأن تصور تونس دون هذا الطرف أو ذاك.. تونس دون نهضة.. تونس دون إسلام سياسي.. تونس دون يسار.. تونس دون أي مكون من المكونات، هو مشروع حرب أهلية".
وأضاف أن "هذا إجرام في الحقيقة، ولذلك (فإن) الذين استقبلوا هذا الانقلاب باحتفال لا يمكن أن يكونوا ديمقراطيين، بل هم استئصاليون، بل هم إرهابيون، بل هم دعاة لحرب أهلية"، بحسب قوله.
ونشرت الصفحة الرسمية لراشد الغنوشي على "فيسبوك"، أنه عند إعلامه بقرار
السجن، قال: "أمر المؤمن كلّه خير، الخير في ما قضى الله، اقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا. أنا مستبشر بالمستقبل".
وتشن السلطات الأمنية التونسية منذ نهاية العام الماضي موجة اعتقالات طالت سياسيين معارضين ورجل أعمال وإعلاميًا، ما ينذر بتزايد القمع في بلد يواجه أزمة اقتصادية وسياسية منذ قرار الرئيس قيس سعيّد احتكار السلطات في العام 2021.
سبقت عمليات الاعتقال تلميحات واضحة من الرئيس خلال لقاء بوزيرة العدل ليلى جفال، قال فيها: "من غير المعقول أن يبقى خارج دائرة المحاسبة من له ملف ينطق بإدانته قبل نطق المحاكم، فالأدلة ثابتة وليست مجرّد قرائن".
وتتزامن حملة الاعتقالات وسعي الرئيس قيس سعيّد إلى وضع حجر الأساس لنظامه الرئاسي والذي تميز بمقاطعة كبيرة من قبل الناخبين لا سيما إثر مقاطعة نحو تسعين في المئة من الناخبين دورتي الانتخابات النيابية الفائتة، فضلا عن أزمة اقتصادية خانقة في ظل تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض تسعى الحكومة للحصول عليه من أجل تمويل خزائن الدولة.