لم يعد خافيا علاقة كل من النظام المصري وحليفه الوثيق خليفة
حفتر، بطرفي الحرب المتواصلة في السودان، فبينما تدعم مصر الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، تشير أدلة إلى تورط اللواء المتقاعد المسيطر على الشرق الليبي، مع قائد قوات
الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
ويثير دعم طرفي الأزمة السودانية، تساؤلات عن ارتدادته المحتملة على العلاقة بين النظام المصري وحفتر، ومصير الحلف الاستراتيجي بينهما، بفعل تضارب مصالحهما في السودان، فضلا عن تأثيره على الوضع الهش في
ليبيا.
وكان مصدر كشف لـ"عربي21" قبل أيام عن
دعم يقدمه حفتر لحليفه في السودان "حميدتي" عبر كتيبة مقاتلة تابعة له تتمركز قرب الحدود الليبية السودانية، على صعيد الأسلحة والذخائر والعناصر المقاتلة.
وقال المصدر، إن الكتيبة 128 أُسندت إليها عمليات تأمين نقل الأسلحة والذخائر والعناصر كونها على معرفة تامة بالمنطقة الحدودية بين ليبيا والسودان، بل وتسيطر عليها بالكامل، فضلا عن خضوع مطار الكفرة (جنوبا) لسيطرتها.
في حين قالت صحيفة "
وول ستريت جورنال"، إن مطلعين على الاشتباكات الدائرة في السودان، كشفوا عن دعم عسكري قدمته مصر، وقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، للطرفين المتحاربين في السودان.
ونقلت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21" عن مطلعين قولهم، أن حفتر أرسل طائرة واحدة على الأقل، لنقل إمدادات عسكرية، لقوات الدعم السريع، في حين أرسلت مصر طائرات حربية، وطيارين لدعم الجيش السوداني.
"ينفذ رغبة الإمارات"
الكاتب والمحلل السياسي فرج دردور، قال إن دعم حفتر لقوات الدعم السريع في ليبيا، انعكاس للعلاقة المتوترة بين مصر والإمارات، إذ إن مصر تدعم الجيش السوداني، فيما تدعم الإمارات قوات الدعم السريع التي يقودها "حميدتي".
وعن حفتر وعلاقته بهذا الدعم، قال دردور في حديث خاص لـ"عربي21" إن حفتر لا يزال يتصرف كمليشيا مأجورة، وينفذ رغبات دول أخرى واستخبارات دولية، ولا يقوم بدعم أي طرف من تلقاء نفسه، بل بتوجيهات، وما يفعله الآن من دعمه لحميدتي هو تلبية لرغبة الإمارات.
وشدد المحلل السياسي على أن الخلاف بين مصر والإمارات في ملف السودان ليس لحفتر دور فيه، أو موقف خاص به من أحد أطراف الأزمة السودانية، ومصر أيضا لا تقدم دعما جديا للبرهان.
"خلافات سطحية"وشدد دردور على أن دعم حفتر لحميدتي خلاف سطحي لا يمكن أن يؤثر في التحالف مع مصر، لأن نظام السيسي يرى أن حفتر يقود نظاما يمكن أن يخدمه على المدى البعيد وخصوصا في المجال الأمني.
وأضاف: "حفتر يتقلب في علاقاته بين مصر والإمارات، وهذا لن يؤثر كثيرا على علاقته بهم".
وعن العلاقة بين حفتر وحميدتي قال: "حفتر يتعامل مع حميدتي كمرتزق، ونحن نعلم أن حميدتي تعاقدت معه شركة يقال إنها شركة إسرائيلية مقرها في كندا وتم الاتفاق هناك أن يعمل حميدتي في ليبيا لدعم حفتر مقابل دفع أموال، وبالتالي فإنه ما دام يتعامل معه كمرتزق فأنا أعتقد أن العلاقة بين الطرفين لن تخرج عن هذا الإطار".
"حفتر يضغط على مصر"
في المقابل، قال المركز الليبي للدراسات ورسم السياسات، إن الحرب في السودان ستزيد من أسباب الفتور بين خليفة حفتر ومصر، جراء دعم كل منهما لطرف معاد للآخر.
وذكر المركز في تقرير له، أن تباين المواقف بين مصر وحفتر إزاء الأزمة السودانية، يرجع إلى سعي الأخير في الضغط على النظام المصري من أجل العودة إلى دعمه بشكل مطلق على الساحة الليبية، بعد أن تراجع هذا الدعم، خلال الفترة الماضية.
وأضاف المركز أن حفتر ربما يرغب من خلال دعمه قوات “حميدتي” في التحول من قوة محلية إلى لاعب إقليمي عبر استغلال نفوذه العسكري والمساحة التي يسيطر عليها.
وأشار المركز إلى تداخل العلاقة والمنافع بين حفتر وحميدتي على صعيد الاستفادة الاقتصادية من خطوط التهريب بين ليبيا والسودان، أو من خلال تجنيد المرتزقة الذي أسهم بشكل فعال في تحقيق تقدم لقوات حفتر في حروبه السابقة.
وتابع المركز بأنه بالرغم من كون حفتر حاضرا في مشهد الصراع في السودان، فإنه لا يملك قدرة التأثير على اتجاه الصراع فيها.
وبيّن المركز أن استمرار الحرب في السودان وطول أمدها، سيؤثر بشكل خطير على ليبيا، خاصة عند ازدياد حجم الدول المتدخلة التي ستؤجج الصراع في السودان.