قال
السفير الأمريكي السابق في
تونس، البروفيسور غوردون غري؛ إن "الرئيس قيس سعيّد لا يملك خطة اقتصادية واضحة، لذلك يسعى على ما يبدو إلى تشتيت الانتباه باعتقال زعيم حزب المعارضة الرئيسي (حركة النهضة)، راشد
الغنوشي"، مشدّدا على أن اعتقال الغنوشي "علامة أخرى على انحدار تونس إلى الحكم الشمولي".
ولفت غري، في تصريحات خاصة لـ"
عربي21"، إلى أن "الرئيس قيس سعيّد سعى إلى الاستفادة من الكراهية الموجودة تجاه حركة النهضة، لكنه لم يخلق هذه الكراهية"، وفق قوله.
وفي 17 نيسان/ أبريل الجاري، أوقف الأمن التونسي الغنوشي بعد مداهمة منزله، قبل أن تأمر المحكمة الابتدائية في العاصمة تونس بإيداعه السجن في قضية "التصريحات المنسوبة له بالتحريض على أمن الدولة".
وخلال ندوة سياسية نظمتها جبهة "الخلاص" الوطني المعارضة بالعاصمة تونس في 15 نيسان/ أبريل الجاري، حذر الغنوشي من "إقصاء أي طرف".
والغنوشي، أحد أبرز قادة "جبهة الخلاص" الرافضة لإجراءات استثنائية بدأ الرئيس قيس سعيّد فرضها في 25 تموز/ يوليو 2021، من أبرزها: حل مجلس القضاء والبرلمان (كان يرأسه الغنوشي)، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة قاطعتها المعارضة.
وقارن غري بين الوضع السياسي والاقتصادي في تونس اليوم بالظروف التي سادت خلال فترة توليه منصب سفير تونس، قائلا: "أكثر ثلاثة أوجه تشابه ملفتة للنظر بين تونس عندما وصلت إليها في عام 2009 وتونس اليوم، هي اليد الثقيلة لزعيم استبدادي، والنظام السياسي الذي لا يقوم بمراجعة الرئيس أو الضغط عليه، واقتصاد متدهور يتميز بارتفاع معدلات البطالة والنمو الهزيل".
وخلال الفترة ما بين عامي 2009 و2012، شغل غوردون غري منصبه كسفير للولايات المتحدة في تونس، ويعمل حاليا كأستاذ بمدرسة بن للعلاقات الدولية بجامعة بنسلفانيا الأمريكية.
وعن طبيعة العلاقات الحالية بين أمريكا وتونس، أضاف غري: "بينما ستستمر الولايات المتحدة في رؤية أفضل السبل لدعم الشعب التونسي، أصبحت العلاقة الآن أكثر برودة مما كانت عليه قبل أن يتولى سعيّد السلطة في تموز/ يوليو 2021. وطالما ظل على مساره الاستبدادي، فإن العلاقات بين الحكومتين سوف تقل أكثر".
لكن الدبلوماسي الأمريكي، استبعد في الوقت ذاته قيام الولايات المتحدة بتغيير موقفها من الأزمة التونسية خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن التحديات الاقتصادية التي تواجه تونس الآن أكثر إلحاحا مما كانت عليه عندما تولى الرئيس سعيّد منصبه، لذلك لا يمكن للمرء أن يقول إنه ناجحٌ، ولكن لديه ميزة تكتيكية تتمثل في معارضة مجزأة، وهو ما يفسّر استمراره في سدة الحكم إلى الآن".
وبسؤاله عن إمكانية رحيل سعيّد في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أجاب غري: "أظن أنه سيرشح نفسه لإعادة انتخابه في عام 2024".
وأوضح أن الولايات المتحدة لا تملك أوراق ضغط حقيقية وكبيرة على المؤسسات التونسية؛ لأن "المساعدات الأمريكية لتونس ليست كبيرة بما يكفي ليكون لها تأثير كبير على حسابات الرئيس سعيّد".
ورفض الإجابة على سؤال يتعلق بكيفية إجبار قيس سعيّد على التراجع عن "المسار الديكتاتوري"، حيث قال: "هذا سؤال يجب أن يقرره الشعب التونسي بنفسه".
ونوّه السفير الأمريكي السابق في تونس، إلى أنه "من غير المرجح أن تنجح جهود المعارضة التونسية في تغيير الأوضاع الراهنة، طالما بقيت (المعارضة) مشتتة".