الذاكرة السياسية

الأصول الفكرية للمسألة الدستورية عند حزب العدالة والتنمية المغربي

النقد الصارم للتراث الفقهي السياسي الذي يعلي من مكانة الخلافة والدولة الإسلامية، هو الذي سمح لحركة التوحيد والإصلاح بالانخراط في المنظومة السياسية الحديثة (عربي21)
التصور الفكري الذي انطلق منه حزب العدالة والتنمية المغربي في بلورة منظوره للمسألة الدستورية ولطبيعة العلاقة بين الحاكمين والمحكومين استند على تراكم نظري من المراجعات والاجتهادات الفكرية التي انصبت على قراءة نقدية للتجربة السياسية للمسلمين منذ مرحلة الخلفاء الراشدين.

ولذلك سيكون من المفيد قبل استعراض تصور حزب العدالة والتنمية للإصلاح الدستوري، أن نذكر بأهم الأفكار السياسية التي تطورت في إطار النقاش الفكري الذي عاشته حركة التوحيد والإصلاح خلال المرحلة الفاصلة بين سنة 1996 و2000، وهي أفكار اجتهادية وتجديدية حاولت التحرر من النموذج المثالي الذي ظل راسخا في عقول المسلمين والذي يبشر بعودة "الخلافة الراشدة" وحررته من نوع من "الانتظارية المكبلة"، كما نجحت هذه القراءة النقدية في بلورة نموذج واقعي يستلهم من التجربة الإسلامية النموذجية أهم المبادئ التي يحاول إصلاح الوضع القائم على أساسها، لكنه يجتهد في إطار البيئة السياسية التي يعيشها ويحاول أن يجيب عن إشكالاتها الراهنة.

وقد اهتمت هذه القراءة بنقد مفهومين مركزيين وهما: مطلب إقامة الدولة الإسلامية ومفهوم الخلافة على منهاج النبوة.

في نقد مفهوم الخلافة ونقد مطلب إقامة الدولة الإسلامية..

تعتبر الورقة السياسية لحركة التوحيد والإصلاح أن "الرسول صلى الله عليه وسلم كان قدوة في الحكم وسن للمسلمين منهاجا في السياسة هو منهاج النبوة"، وجاء الصحابة الأوائل "فأخذوا منهاجه في الحكم فكانوا خلفاء راشدين مهديين فكان حكمهم خلافة على منهاج النبوة"، ولذلك ينبغي استحضار المثل الأعلى والسعي إلى تحقيقه باستمرار مع "الأخذ بعين الاعتبار التحولات الاجتماعية والتاريخية التي أدت إلى الانتقال من ذلك النموذج إلى الصور التاريخية النسبية"، هذه الصور التي وإن كانت "منحرفة" عن النموذج فهي تتحرك في دائرة الإسلام، ومن ثم ينبغي العمل على "تطوير النظام السياسي بما يحقق مضامين الحكم الراشد".

إن اعتماد صيغة "مضامين الحكم الراشد" يحيل إلى حقل المقاصد الذي سيحرر التفكير السياسي الإسلامي المعاصر من تلك الصورة النموذجية التي يرسمها حول الخلافة الراشدة، ومن ذلك الارتباط الشكلي بمفهوم الخلافة، ليتساءل عن مضامين هذا الحكم وعن أسباب رشده، وعن خصائص هذا النموذج الذي تميزه عن باقي أشكال الحكم.

إن الخلافة على منهاج النبوة هي إقامة لمعاني الدين في الحكم وتصريف الأمة وتدبير أموالها وأرزاقها وفق مبادئ الدين وأحكامه، وذلك يعني أن بإمكانها أن تتحقق في أشكال متنوعة وصيغ مختلفة بحسب ما اهتدى إليه اجتهاد المسلمين واقتضاه نظرهم بما يحقق المعاني المذكورة في الزمان والمكان المتغيرين.

وهكذا فكل نظام سياسي توفرت فيه هذه المواصفات فهو نظام إسلامي أو بالأحرى هو نظام راشد على شاكلة الخلافة التي على منهج النبوة، وبهذه الطريقة، يمكن تكييف مفهوم الخلافة الراشدة مع مستلزمات العصر ومع أشكال جديدة باستطاعة العقل الإنساني أن يبدعها

إن هذا النوع من التحليل سيساهم في سد فراغ معتبر ظل يعاني منه الفكر السياسي الإسلامي ويحول أمام إبداعه لنموذج دستوري معاصر يستحضر خصائص "الخلافة الراشدة" ويتجاوز الشكل ليرتبط بالمقاصد الكبرى المرتبطة بتحقيق العدل، وسيادة الشريعة، وحق الأمة في اختيار من يحكمها بواسطة الانتخاب، وتنظيم السلطة بواسطة مؤسسة الشورى، وضمان حق التعبير والحق في المعارضة.

وهكذا نظرت حركة "التوحيد والإصلاح لمصطلح الخلافة باعتباره مجرد تسمية لنوع السلطة القائمة، وليس نظاما سياسيا جاهزا مفروضا على المسلمين اتباعه، بحيث يرى أحمد الريسوني رئيس حركة التوحيد والإصلاح سابقا بأن "الخلافة" هي  "مجرد إسم من الأسماء ومصطلح من المصطلحات، ليس واجبَ الاستعمال ولا واجب الاجتناب، يمكن أن نعبر به وبغيره، ويمكن أن نسقطه وننساه، فالمبادئ والمقاصد هي المعتبرة وهي المعول عليها". وفي نفس الاتجاه يرى سعد الدين العثماني الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية أن مصطلح الخلافة هو لفظ يرادف السلطة أو السلطان فحسب، ولا يمثل نظاما سياسيا جاهزا محددا.

بل إن أحمد الريسوني يعتبر بأنه لا وجود لمصطلح الخلافة "في القرآن وصحيح السنة، بل "الخلافة" نفسها ليست نظاما، بل هو معنى إجمالي أجمع المسلمون على شرعيته وضرورته، ولفظ "الخليفة" هو لقب يعبرعن القائد، يمكن أن يستبدل بالرئيس، أو الإمام، واسم الخلافة لا يحيل على نظام شرعي محدد موصوف، ولا حتى عن تجربة تاريخية موحدة أو متشابهة، بل هي أنماط عديدة، تختلف باختلاف الدول والأقطار والأفراد"، إذ ليس عندنا في الإسلام حسب أحمد الريسوني  "نظام" سياسي معين، لا باسمه ولا بهياكله الدستورية، ولا بترتيباته القانونية، لأن مجال السياسة والحكم والدولة والإدارة العامة، محكوم بالمبادئ والقواعد الكلية، وليس بأحكام تفصيلية منصوصة، ولو كان للإسلام نظام سياسي محدد وثابت، لما كان صالحا لكل زمان ومكان، فمن "عظمة الإسلام وصلاحيته المتجددة، أنه أتى بأحكام مفصلة ثابتة في المجالات الجوهرية المستقرة في حياة الإنسان، في حين اكتفى بجملة من القواعد والمقاصد والمبادئ العامة، فيما طبيعته التغير والتنوع والقابلية لأكثر من وجه".

فالدولة وفق هذه الرؤية تبنى على مقاصد الدين ومبادئه المتمثلة في العدل والمساواة والشورى، واحترام كرامة الإنسان، ولا تتأسس على الشكل الخارجي.

أحمد الريسوني يعتبر بأنه لا وجود لمصطلح الخلافة "في القرآن وصحيح السنة، بل "الخلافة" نفسها ليست نظاما، بل هو معنى إجمالي أجمع المسلمون على شرعيته وضرورته، ولفظ "الخليفة" هو لقب يعبرعن القائد، يمكن أن يستبدل بالرئيس، أو الإمام، واسم الخلافة لا يحيل على نظام شرعي محدد موصوف، ولا حتى عن تجربة تاريخية موحدة أو متشابهة، بل هي أنماط عديدة، تختلف باختلاف الدول والأقطار والأفراد
ومادامت المبادئ والمقاصد هي المعتبرة وهي المعول عليها، فلا يهم الإسم الذي يوصف به الحكم، حسب أحمد الريسوني، حتى لو كان إسم "الدولة الحديثة"، فكل الأسماء مقبولة، ما دام الحكم يراعي مقاصد الدين، "سواء تمت باسم الخلافة، أو الإمارة، أو باسم الديموقراطية، أو باسم الجمهورية، أو باسم الدولة الحديثة أو الدولة المدنية..، السؤال عن المضمون والمحتوى والصبغة والأثر، وليس لذلك اسم محدد ولا نمط مقدس ولا شكلٌ ثابت". ويرى محمد يتيم أن الإسلام (القرآن والسنة) لم يحدد طريقة ممارسة الشورى ولا طريقة اختيار الحكام في مختلف الأزمنة والأمكنة وترك الأمور "الدنيوية" للاجتهاد بحسب متغيرات كل زمان ومكان بدليل أن طرق تعيين الحاكم أو الانتخاب ليست محددة، ومدة الحكم ليست معينة، ولم تكن هناك هياكل سياسية محددة.. ولاشك في أن ذلك الوضع ترك "ثغرات دستورية" مفتوحة للاجتهاد بحسب معطيات كل زمان ومكان، وقد كان لضعف المستوى القانوني والمؤسساتي وعدم القدرة على ضبط الاختلاف السياسي بآليات مدنية وسلمية، انعكاس كبير على الفقه السياسي الإسلامي الذي بقي "متأرجحا بين النموذج المثالي أي نموذج الخلافة الراشدة وبين النموذج الواقعي، أي تبرير شرعية السلطان المتغلب، درءا للفتنة وترجيحا لمصلحة الاستقرار، دون أن يتجه إلى التفكير في ضوابط وآليات ترشيد الخلافة".

إن هذا النقد الصارم للتراث الفقهي السياسي الذي يعلي من مكانة الخلافة والدولة الإسلامية، هو الذي سمح للحركة بالانخراط في المنظومة السياسية الحديثة، والتعامل مع الدولة المغربية باعتبارها كيانا وطنيا مسايرا لتطورات العصر، ومتجاوزا للنماذج التاريخية.

هذا التوجه نحو الدولة الحديثة، الذي نلمسه في خطاب حركة "التوحيد والإصلاح" لا يعني عدم الاعتراف بأهمية الخلافة الراشدة باعتبارها تجربة تاريخية "لها في النفس كل الإجلال والتقدير لكن هذا لا يجعلها تجربة تتجاوز الزمان والمكان والملابسات التي أملتها، مادامت الممارسة السياسية النبوية نفسها نسبية، فهي أيضا تجربة نسبية تبرز أسلوبا للتفاعل مع الواقع الإسلامي المتغير وليست جزءا من الدين" كما يرى سعد الدين العثماني..

"الدولة الإسلامية" مفهوم تاريخي نسبي قابل للتجسيد في أشكال مختلفة

إن هذا التصور لم يقف عند فكرة تجاوز حلم استرداد نظام الخلافة، بل انتقل إلى نقد هفواته السياسية، وهكذا يؤكد محمد يتيم أن الخلافة الراشدة كشكل من أشكال الحكم، ونموذج تطبيقي لقيم الإسلام، لم تشكل سوى صورة من الصور الممكنة، وقد لا تكون النموذج الأمثل أو الوحيد على المستوى القانوني والدستوري وضبط آليات التداول على السلطة، حيث اعتمدت تلك التجربة في نجاحها بالدرجة الأولى على السمو الديني والأخلاقي للخلفاء، بينما عاشت حالة فراغ دستوري على مستوى الآليات الضابطة لانتقال السلطة بشكل سلمي وهو الفراغ الذي ملأه كل خليفة بطريقته الخاصة وتعاملت معه الجماعة الإسلامية باعتباره حالة طارئة. ورغم تمام الرشد الديني والأخلاقي للخلافة والخلفاء الراشدين، فقد خلف ذلك الفراغ ثغرة استغلها ضعاف النفوس و"السيئون" لغرس حالة من عدم الاستقرار السياسي، ونفذوا منها لزرع بذور "الفتنة الكبرى" التي اعترضت سبيل الدولة الإسلامية الناشئة، وما كان ذلك ليقع لولا فقر التقنين الدستوري لمسألة التداول على السلطة وتنظيم الاختلاف وتقنين حق النقد والمعارضة.

يؤكد محمد يتيم أن الخلافة الراشدة كشكل من أشكال الحكم، ونموذج تطبيقي لقيم الإسلام، لم تشكل سوى صورة من الصور الممكنة، وقد لا تكون النموذج الأمثل أو الوحيد على المستوى القانوني والدستوري وضبط آليات التداول على السلطة
ويعتبر قادة الحركة أن طرح مطلب إقامة "الدولة الإسلامية" "زج بالحركة الإسلامية في صراعات ومنزلقات لا تخدم قضية بناء الأمة وتأهيلها للقيام برسالتها الحضارية، رسالة الشهادة على الناس والقيام بالقسط".

كما أن من الناحية العلمية والفكرية "جرد الدولة الإسلامية من طابعها التاريخي النسبي القابل للتجسيد في أشكال مختلفة تتفاوت نسبة تمثلها للقيم الإسلامية"، أي أن جميع التجارب التاريخية التي تعاقبت على حكم المسلمين لا تتمثل صفة الدولة الإسلامية النموذجية كما هي متجسدة في "نموذج الخلافة"، ولا تعبر عن حقيقة الإسلام ونظامه في الحكم كما يعتقد دعاة "الدولة الإسلامية".

 إن هذا الحكم القوي يستند إلى التصور المثالي الذي يتجسد في "نكران الحاكم لذاته ومراعاته لحقوق الأمة وقيامه بها" (نموذج عمر بن الخطاب مثلا)، وهو تصور يعكس رؤية تبسيطية لمفهوم الدولة ويربطها بشخص الحاكم الذي ينبغي أن تتحقق فيه صفة الكمال الأخلاقي وهي "صفة تحققت فعلا في الخلفاء الراشدين المهديين".، ولكنها لم تتحق في عدد من حكام المسلمين فيما بعدهم.

ومن هنا ضرورة التمييز بين الرشد الأخلاقي الذي كان متجسدا فعلا في الخلفاء "الراشدين" كأفراد وبين الآليات الدستورية والقانونية التي لم تكن إلا تعبيرا عن "صورة من الصور الممكنة" للدولة وقد لا تكون هي النموذج الأمثل أو الوحيد على المستوى القانوني والدستوري وضبط آليات التداول على السلطة رغم "تمام الرشد الديني والأخلاقي للخلفاء"، وهناك الكثير من الوقائع والأحداث التاريخية التي تعبر عن "الفقر في التقنين الدستوري لمسألة التداول على السلطة وتنظيم الاختلاف وتقنين حق النقد والمعارضة".

ويستعرض محمد يتيم بعض الأحداث التاريخية التي تعبر عن "الفقر في التقنين الدستوري لمسألة التداول على السلطة وتنظيم الاختلاف وتقنين حق النقد والمعارضة" وهي أحداث معروفة في التاريخ الإسلامي ك" النهاية المأساوية لثلاثة من الخلفاء الراشدين والأحداث الدامية لوقعتي "الجمل" و"صفين" والنهاية المأساوية كذلك لسبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين بن علي ولعبد الله بن الزبير ومحاصرة الكعبة ورميها بالمنجنيق".

كل هذه الأحداث يستنتج منها بأن "رشد الخلافة كان من رشد الخلفاء الراشدين المهديين، لا من رشد المؤسسة السياسية والنظام الدستوري والقانوني المنظم للعلاقة بين الحاكمين والمحكومين"..

إن القصد من هذه "الأطروحة التاريخية" هو إيجاد نوع من الاعتراف "الشرعي" بالواقع الحالي وبالأنظمة السياسية التي تتواجد فوق الرقعة الإسلامية ولو انحرفت عن الالتزام بمقتضيات النظام الإسلامي في الحكم أو لم تلتزم بتطبيق الشريعة..

وفي هذا السياق أيضا استفادت الحركة من الإنتاجات الفكرية لعلماء المغرب في بداية القرن العشرين التي سعت للتوافق مع مبادئ الدولة الحديثة، من خلال المطالبة باعتماد قواعد تعاقدية دستورية في مختلف مراحلها التاريخية، والتقدم بمشاريع دستورية مكتوبة  لسلاطين المغرب، قام بتحليلها عبد العلي حامي الدين في كتابه " الإسلام وتكوين الدولة العربية الحديثة: دراسة للتجربة الدستورية المغربية"، كما استفادت الحركة من إسهامات قادة الحركة الوطنية المغربية وخاصة من علال الفاسي رحمه الله.

التوجه نحو الدولة الحديثة، الذي نلمسه في خطاب حركة "التوحيد والإصلاح" لا يعني عدم الاعتراف بأهمية الخلافة الراشدة باعتبارها تجربة تاريخية "لها في النفس كل الإجلال والتقدير لكن هذا لا يجعلها تجربة تتجاوز الزمان والمكان والملابسات التي أملتها، مادامت الممارسة السياسية النبوية نفسها نسبية، فهي أيضا تجربة نسبية تبرز أسلوبا للتفاعل مع الواقع الإسلامي المتغير وليست جزءا من الدين" كما يرى سعد الدين العثماني..
وهكذا فإن التفكير السياسي لهذا التيار الإسلامي احتفظ بطابعه التاريخي، دون أن يقفز على الواقع المعاصر والتحديات التي تفرضها إشكالاته،  ولذلك فإن هذا التأسيس النظري لم يمنع من "السعي إلى تحقيق صفة الإسلامية باعتبارها صفة كمال، أي العمل من أجل الارتقاء "بإسلامية الدولة" من مستوى الصفة التاريخية والحضارية أو من مجرد الإقرار الدستوري إلى أعلى صفات الرشد والإحسان"، وبهذا المسلك أصبحت ساحة التدافع السياسي بين التنظيمات السياسية ذات المرجعية الإسلامية وباقي الفاعلين هي الساحة الدستورية والسياسية، وذلك باعتماد أدوات المدافعة المدنية، ونبذ أسلوب التكفير ولغة الإقصاء المضاد والصراع العنيف، وهو ما مهد الطريق أمام اعتماد منهج واقعي وعملي معتدل في التعامل مع النظام السياسي القائم في المغرب، والتقدم بمطالب إصلاحية تراعي البيئة السياسية القائمة.

خصوصا بعد نجاح الحركة في بلورة رؤية متقدمة للفصل بين المجال الدعوي والمجال السياسي، واعتبار كل مجال له خصوصياته ومميزاته.

في الحلقة القادمة نستعرض نظرية الفصل بين الدعوي والسياسي عند حزب العدالة والتنمية، قبل أن نستعرض أهم مطالبه في الإصلاح الدستوري..
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع