أعلنت الرئاسة
الجزائرية أن عبد المجيد
تبون سيتوجه إلى
فرنسا في النصف الثاني من حزيران/ يونيو المقبل، بعد أن كانت
الزيارة مبرمجة في أيار/ مايو، قبل أن يقع تأجيلها.
وجاء في بيان صادر
عن الرئاسة الجزائرية أن تبون تلقّى الأحد مكالمة هاتفية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ للتهنئة بعيد الفطر. وتطرّق الرئيسان، وفق البيان، "إلى العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، بما في ذلك زيارة الدولة للسيد رئيس الجمهورية إلى فرنسا، واتفقا على النصف الثاني من شهر حزيران/ يونيو المقبل موعدا" لها.
وتابع البيان بأن "العمل جارٍ ومتواصل من فريقي البلدين لإنجاح" الزيارة، التي ستأتي بعد عشرة أشهر من زيارة الدولة التي قام بها ماكرون إلى الجزائر، في خطوة لتحسين العلاقات التي تدهورت في خريف 2021.
وبرّدت زيارة ماكرون التوتر بين البلدين، لكن برزت في شباط/ فبراير أزمة دبلوماسية جديدة؛ بسبب مساعدة القنصلية الفرنسية في تونس الناشطة الفرنسية الجزائرية أميرة بوراوي على السفر إلى فرنسا.
ورغم صدور قرار يمنعها من مغادرة الجزائر، دخلت بوراوي إلى تونس في الثالث من شباط/ فبراير، قبل أن يوقفها الأمن التونسي في أثناء محاولتها ركوب رحلة جوية في اتجاه باريس.
وتمكّنت أخيراً من السفر إلى فرنسا في السادس من شباط/ فبراير، رغم محاولة السلطات التونسية ترحيلها إلى الجزائر.
واعتبرت الجزائر أنّ سفرها إلى فرنسا يشكّل "عملية إجلاء سرية وغير قانونية"، تمّت بمساعدة دبلوماسيين وأمنيين فرنسيين، واستدعت سفيرها في باريس سعيد موسي للتشاور.
وقبل شهر، طوى الرئيسان تبون وماكرون هذه الأزمة، و"اتّفقا على تعزيز قنوات الاتصال... لمنع تكرار هذا النوع من سوء التفاهم المؤسف"، وفق الإليزيه، مع عودة السفير الجزائري إلى باريس، عقب اتصال هاتفي بين الرئيسين لإزالة "سوء التفاهم".
وفي وقت سابق، كشفت صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن زيارة الدولة للرئيس تبون إلى باريس قد تم "تأجيلها وفق اتفاق متبادل، دون تحديد موعد جديد لها".
وأشارت الصحيفة إلى أنها لم تصل إلى "الأسباب الحقيقة وراء هذا التأجيل"، إلا أن مصادرها من الجزائر وفرنسا اكتفت بذكر "نقص في إعداد الملفات".
من ثمار تحسن العلاقات بين الجزائر وفرنسا التي استعمرت الجزائر لسنوات طويلة، وخرجت منه بعد أحداث دامية طبعت تاريخ البلدين، انعقاد أول اجتماع للجنة المؤرخين المشتركة حول فترة استعمار فرنسا للجزائر الأربعاء الماضي؛ "للنظر في الفترة التاريخية" الممتدة بين بداية الاستعمار (1830) حتى الاستقلال (1962).
وضمت اللجنة من الجانب الجزائري خمسة مؤرخين، هم محمد القورصو ولحسن زغيدي وجمال يحياوي وعبد العزيز فيلالي وإيدير حاشي برئاسة عبد المجيد شيخي، مستشار الرئيس تبون.
ويرأس اللجنة من الجانب الفرنسي، بنجامان ستورا، مع عضوية المؤرخين فلورانس أودوفيتز وجاك فريمو وجون جاك جوردي وترامور كيمونور.
وجرى الاجتماع الأول عبر الإنترنت، وفق ما أعلنت الرئاسة الجزائرية، التي أوضحت أن "الجانب الجزائري قدّم ورقة عمل وفق المبادئ الأساسية الواردة في بيان الجزائر" الموقع بمناسبة زيارة الرئيس ماكرون، و"كذلك بيان اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى"، التي انعقدت في الجزائر في تشرين الأول/أكتوبر.
وأكدت الرئاسة الفرنسية أن هذه اللجنة المستقلة "ستعمل أولاً على أصول وأسباب الاستعمار الفرنسي للجزائر في القرن التاسع عشر، من خلال جرد وثائق الأرشيف المودعة في فرنسا والجزائر، والتي تتطرق بشكل خاص إلى الغزو الاستعماري".
وفي مرحلة ثانية، يمكن مناقشة مواضيع تتعلق بـ"فترة القرن العشرين، لا سيما تسلسل الحرب وإنهاء الاستعمار"، بحسب بيان الإليزيه.
في العام 2020، تلقّت الجزائر بفتور تقريراً أعدّه المؤرّخ بنجامان ستورا بناءً على تكليف من ماكرون، دعا فيه إلى
القيام بسلسلة مبادرات من أجل تحقيق المصالحة بين البلدين. وخلا التقرير من أيّ توصية بتقديم اعتذار من الجانب الفرنسي، وهو ما تطالب به الجزائر باستمرار.
وعاد ماكرون للتأكيد في بداية العام من أنّه لن يطلب "الصفح" من الجزائريين عن استعمار فرنسا لبلدهم، لكنّه يأمل أن يستقبل نظيره الجزائري في باريس هذا العام لمواصلة العمل وإيّاه على ملف الذاكرة والمصالحة بين البلدين.
وأوضح أنّ "أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول نحن نعتذر، وكلّ منّا يذهب في سبيله"، مشدّداً على أنّ "عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنّه عكس ذلك تماماً".