4 أعوام على هجوم طرابلس.. كيف تحولت ساعة صفر حفتر إلى خسائر فادحة؟

تحل اليوم الذكرى السنوية الرابعة للهجوم الكبير الذي شنه اللواء المتقاعد خليفة حفتر، على العاصمة الليبية طرابلس، من أجل السيطرة عليها، بعدما جمع لها عشرات الآلاف من المقاتلين، المزودين بعتاد وكميات كبيرة من الذخائر والأسلحة الثقيلة.

في الـ4 من شهر نيسان/أبريل 2019، أعلن حفتر ما أسماه ساعة الصفر للسيطرة على طرابلس التي توجد فيها حكومة الوفاق الوطني، وأعلن أن السيطرة على العاصمة، لن تستغرق أكثر من 48 ساعة.

وشن حفتر هجومه على طرابلس في 4 نيسان/أبريل 2016، عبر تجهيز قوة كبيرة رئيسية، تهاجم من شرق وجنوب البلاد.

محاور وجبهات الهجوم

قام حفتر بالترتيب مع مجموعات مسلحة موالية له، كانت تنتشر في غرب وجنوب طرابلس، من أجل سرعة التحرك واختراق صفوف حكومة الوفاق المعترف بها شرعيا آنذاك.

وتمكنت القوة الرئيسية لحفتر، من الوصول إلى غريان، على بعد 100 كم من طرابلس، وبعد قصف مكثف واشتباكات عنيفة تقدمت بسرعة كبيرة، ووصلت إلى منطقة العزيزية، التي تبعد 40 كم عن قلب العاصمة.

وبالتوازي مع ذلك، تحركت من الجنوب كتائب مسلحة من ترهونة، واقتربت بعد اشتباكات عنيفة، من العاصمة بمسافة 30 كم، إضافة إلى قوات من صرمان وصبراته، وبعد اشتباكات عنيفة، سيطرت على منطقة البوابة 27، بسبب الكثافة النارية.


في حين تحركت قوات على محور قصر بن غشير ومطار طرابلس، وساهمت هذه القوات في الضغط على المدافعين عن العاصمة، واقتربوا لمسافة 30 كم من قبل العاصمة.

بداية التعثر

مع الهجوم المباغت والسريع، حققت قوات حفتر، تقدما سريعا، لكن هذا التقدم سرعان ما بدأ بالتلاشي، وتفاقمت الخسائر، بعد سرعة رد الفعل من قبل قوات حكومة الوفاق، التي ضربت بقوة القوات المتقدمة عبر الطريق الساحلي، وشلت حركتها، فضلا عن أسر أكثر من 140 عنصرا وسيطرة على عشرات الآليات العسكرية وبعضها حديث تسلمها حفتر من الإمارات.

وعلى محور بن غشير، الذي شهد تقدما سريعا لقوات حفتر، تمكنت قوات حكومة الوفاق، من إيقاع خسائر كبيرة بهم، وتحت الضربات المكثفة اضطرت قوات حفتر للانسحاب من محيط المطار إلى مناطق أبعد.

الآثار على المدنيين

كشفت العديد من التقارير عن استهداف قوات حفتر، مناطق مدنية، فضلا عن لقطات وثقتها كاميرات مراقبة، في الأحياء السكنية، التي شهدت تساقط صواريخ، ومقتل مدنيين.

وتسبب الهجوم في تشريد عشرات آلاف السكان من محيط العاصمة طرابلس، من المناطق التي وصلتها قوات حفتر، خوفا من عمليات انتقامية، وهو ما كشف لاحقا بالعثور على مقابر جماعية، لأشخاص اختفوا خلال العملية العسكرية.

وأعلنت حكومة الوفاق الوطني، على لسان رئيس مركز الطب الميداني بطرابلس طارق الهمشري، إحصائية لعدد ضحايا الهجوم على طرابلس، وقالت إنها بلغت 246 قتيلا وإضابة 2410 آخرين.

وعقب أسبوع على بدء الهجوم، طالبت مجموعة الاتصال الدولية، بوقف إطلاق النار، والبدء في عملية تفاوضية، لكن حفتر أصر على مواصلة الهجوم، تلاها عقد الأمم المتحدة، مؤتمرا غرب البلاد، ما بين 14-16 نيسان/أبريل، لتسوية النزاع ودعم الحوار.

القوات المهاجمة:

القوة الرئيسية التي شنت الهجوم على طرابلس، هي ما يسمى بالجيش الوطني الليبي، التابع لحفتر، وهو مجموعة من الوحدات العسكرية، المشكلة من مليشيات، وقوات خاصة.

اللواء 106، وتشكل عام 2014 في بنغازي، وهو تابع لقوات حفتر مباشرة.

الكتيبة 302 صاعقة وتتبع قوات حفتر مباشرة، وهي قوة للمهام الخاصة، تضم مقاتلين من بنغازي.


الكتيبة 128: هي قوة مقاتلة تابعة للجيش الوطني الليبي التابع لحفتر.

قوات المجلس العسكري زوارة: يعتبر هذا المجلس العسكري جزءًا من قوات الجيش الوطني الليبي، ويتمركز في مدينة زوارة شرق طرابلس.

مشاركة فاغنر والجنجويد

كان لافتا خلال الهجوم على طرابلس، مشاركة مرتزقة شركة فاغنر الروسية بقوة، وتكبدها خسائر كبيرة، خلال المعارك مع قوات حكومة الوفاق.

وقامت قوات فاغنر بخوض حرب مدن، وتفخيخ منازل المدنيين الذين شردوا بسبب القصف العنيف على محيط طرابلس، وزرع كميات كبيرة من الألغام لإيقاع خسائر لاحقا في صفوف قوات الوفاق.

وبحسب تقارير قدر عدد العناصر المشاركين في الهجوم مع حفتر، بنحو 1200 عنصر مرتزق.

كما استعان حفتر بمليشيات الجنجويد السودانية، التي تمركزت في بنغازي، من أجل حمايتها ليتفرغ للهجوم على طرابلس.

خسائر حفتر

تكبدت قوات حفتر، خسائر كبيرة جراء الهجوم الفاشل على العاصمة طرابلس والذي استمر قرابة عام.

ووفقا للعديد من التقارير، فإن قتلى قوات حفتر، بلغوا قرابة 400 قتيل، وأكثر من 2000 جريح، إضافة إلى وقوع المئات أسرى لدى حكومة الوفاق، نتيجة استسلام العديد من العناصر في جبهات مختلفة.


وفي تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، قالت إن خسائر قوات حفتر، المادية، بلغت أكثر من 500 مليون دولار، في العتاد والآليات العسكرية، والمطارات والمواقع العسكرية الخاصة بقواته.

المساعدة التركية

بعد أشهر من الهجوم، وفي كانون أول/ ديسمبر 2019 تحركت تركيا عسكريا، لمساندة قوات حكومة الوفاق، لإنهاء الهجوم المتعثر لقوات حفتر.

وبدأت المساندة العسكرية، بإرسال عشرات الآليات العسكرية المدرعة، بعد طلب الحكومة الليبية رسميا، المساعدة التركية، فضلا عن إرسال خبراء ومدربين، وعدد من الطائرات المسيرة من طراز بيرقدار.

ولعب الدخول التركي على خط المعركة، دورا حاسما، بعد مساعدة طائرة بيرقدار في ضرب منظومات دفاع جوي من طراز بانتسير الروسية، التي تسلمها حفتر خلال المعركة، وتدميرها بشكل كامل.

كما ضربت بيرقدار أهدافا أرضية لقوات حفتر، منعت تقدمها، وساهمت في تشتيتها وانسحابها لاحقا، كما حرمته من استغلال القواعد الجوية القريبة من طرابلس، بعد قصفها وتدمير الآليات والمرافق بداخلها وجعلها غير صالحة للعمل.

الهزيمة والانسحاب

مع حلول يناير عام 2020، بدأ التراجع الفعلي لقوات حفتر، وخسارة حفتر لكافة المواقع التي سيطر عليها بداية الهجوم، وأعلنت هدنة في 12 كانون ثاني/ يناير، ووجهت روسيا دعوة لفائز السراج وخليفة حفتر، لتوقيع الهدنة في موسكو، لكن حفتر لم يحضر.