فقدت العملة
الإيرانية أكثر من 17
بالمئة من قيمتها مقابل
الدولار في السوق المفتوحة منذ بداية العام الجاري، حيث سجلت رقماً قياسياً جديداً بعد أن تجاوز 600 ألف ريال للدولار.
وقال الخبير بالشأن الإيراني، هنري روم
في تحليل نشره معهد واشنطن، إن استمرار انخفاض الريال الإيراني، يجب أن يدفع صناع
السياسة في الغرب لعدم افتراض أن ذلك سيحفز
طهران على تقليص مطالبها التفاوضية
النووية.
وأشار إلى أن حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم
رئيسي، تتعرض لضغوط شديدة من أجل تأمين استقرار الوضع بشكل عام في البلاد، بينما
يتصارع الإيرانيون مع مزيج سام من التضخم المرتفع والنمو الفاتر.
ورأى التحليل أن التحدي سيزداد مع
اقتراب عيد "النوروز" (21 أذار/ مارس) في وقت لاحق من هذا الشهر، لأن
الطلب على العملة يزداد عادةً في فترة الأعياد.
ولفت إلى أن الحكومة الإيرانية تحاول تهدئة
اضطراب العملة باستخدام أدواتها الخاصة، بدلا من طلب المساعدة الدولية، مرجحا أن
تنجح طهران بتهدئة الاضطرابات الاقتصادية، حتى لو لم يساعد ذلك كثيرا على إصلاح
مشاكل الاقتصاد الهيكلية طويلة المدى.
ومن بين الأسباب الرئيسية لهبوط الريال
هو التضخم المرتفع. فقد ارتفع متوسط أسعار المستهلكين في إيران في شباط/فبراير
بنسبة تفوق 53 بالمئة مقارنةً بالشهر نفسه من العام الماضي، بينما ازدادت أسعار
المواد الغذائية والمشروبات والتبغ بنسبة تفوق 70 بالمئة.
ويتتبع معدل التضخم الإجمالي تراجُع
قيمة الريال خلال العام الماضي، وقد تَسببَ بارتفاعه عددٌ من العوامل، من بينها
العجز الكبير والمستمر في الموازنة الذي تموّله الحكومة جزئياً عبر الاقتراض غير
المباشر من "البنك المركزي" الإيراني.
ويتأثر الريال أيضاً بشكل خاص
بالتطورات السياسية والمشاعر المحلية الإجمالية. فنظراً إلى الاحتجاجات الواسعة
النطاق المناهضة للنظام على مدى الأشهر القليلة الماضية، والدعم العسكري الذي تقدّمه
طهران لروسيا، وانهيار المفاوضات النووية، لا شك في أن المشاعر العامة بشأن
المستقبل كانت سلبية.
وتوقع كاتب التحليل أن انخفاض قيمة
الريال الإيراني منذ تَعثُّـر المحادثات النووية يعكس جزئياً تقبّل المشاركين في
السوق احتمال بقاء معظم العقوبات الثانوية الأمريكية سارية إلى أجل غير مسمى، إضافة
إلى تأثير أي عقوبات محددة فرضتها واشنطن مؤخراً.
وتتضمن المسببات المحتملة الأخرى
للتحديات على صعيد العملة فرض المزيد من القيود مؤخراً على تدفق الأوراق النقدية
بالدولار إلى العراق المجاور. ففي تشرين الثاني/نوفمبر، عزز بنك "الاحتياطي
الفيدرالي الأمريكي" شروط الامتثال التي يفرضها على الكيانات التي تسعى
للوصول إلى إيرادات النفط العراقي، بهدف مكافحة غسل الأموال لصالح إيران، من بين
نُظم قانونية أخرى. وسرعان ما أدت هذه الخطوة إلى انخفاض حاد في بيع الدولار في
المزاد اليومي للعراق، مما أثّر على ما يبدو في توفر الدولار عبر الحدود.
وشدد الخبير على أن المسار الاقتصادي
في إيران يثير القلق على المدى الأطول، إذ يتباطأ النمو وينضب الاستثمار ويستمر
التضخم في إضعاف مستوى المعيشة. وستُولّد هذه الاتجاهات محفزات كبيرة تؤدي إلى
تجدد الاحتجاجات في المستقبل، لذا على العواصم الغربية تحسين مجموعة استجاباتها
استعداداً لذلك.
انخفاض قيمة مفيد
ورأى الخبير بالشأن الإيراني، أن ضعف
الريال يمكن أن يكون مفيداً للاقتصاد الإيراني من بعض النواحي مثل جعل الواردات
أكثر تكلفة والصادرات أكثر جاذبية، أو مساعدة الحكومة على كسب المزيد من الإيرادات
بالريال من صادرات النفط، وبالتالي تقليل عجز الميزانية.
وتفسر هذه العوامل لماذا يوصي
"صندوق النقد الدولي" في كثير من الأحيان بأن تخفّض الحكومات من قيمة
العملات استجابة للأزمات الاقتصادية.
إلا أن عامة الناس والنخبة في إيران
يفسرون عادة تراجُع قيمة العملة كعلامة على ضعف الحكومة وعدم كفاءتها.
ويربط الكثير من المواطنين أيضاً هذه
الانخفاضات بارتفاع التضخم، إذ تستطيع الشركات المحلية استخدام القيمة الأدنى
للريال كذريعة لرفع الأسعار حتى على السلع المنتَجة داخلياً. وبالتالي، واجه رئيسي
انتقادات عامة وبرلمانية متزايدة بينما تكافح حكومته للحد من الانزلاق.