يجري باحثون دراسات
لاستكشاف قاع المحيطات، بغية إيجاد جزيئات قد توفر علاجا ثوريا لمرض
السرطان، أو
مضادات حيوية جديدة شديدة الفاعلية، عبر فحص ميكروبات الرواسب وبكتيريا تتعايش مع حلزون البحر أو تتضمنها إفرازات الإسفنج.
ويضطر الباحثون،
للانضمام إلى مجموعات أخرى وابتكار طرق للحصول على العينات اللازمة لأبحاثهم، والتي
قد تكون أنبوبا من الوحل لا غير، بسبب ميزانياتهم المحدودة وعدم تلقيهم الدعم
الكافي من المختبرات الكبرى، فيما يُرجع الخبراء أحد أسباب العدد المحدود للدواء
إلى التكلفة الباهظة للتجارب.
وأوضح العلماء
أن استنباط الفوائد التي ينطوي عليها أحد الجزيئات المُكتشَفَة في أمراض كالزهايمر
أو الصرع مثلا، يستغرق تحويله إلى دواء أكثر من عقد، بتكلفة تبلغ مئات ملايين
الدولارات.
ويسلط الضوء
على هذه الاكتشافات الرائدة والتي لا تزال محدودة، في إطار المفاوضات بين الدول
الأعضاء في الأمم المتحدة والتي تهدف إلى إبرام معاهدة لحماية أعالي البحار.
وقال دانييل
كاتشيلريس، وهو الرئيس المشارك في المباحثات من جانب تحالف "هاي سيز
ألاينس" الذي يضم منظمات غير حكومية، إن الدول تختلف في ما يخص توزيع عائدات
الموارد الجينية التي يتم جمعها في أعالي البحار، وتحديدا تلك المستخدمة في
الأدوية أو البلاستيك الحيوي أو الإضافات الغذائية.
وأضاف لوكالة
"فرانس برس": "لا يوجد في الأسواق سوى عدد قليل من منتجات الموارد
الجينية البحرية، فيما جرى تسجيل سبعة منها فقط العام 2019".
وبحسب الوكالة
فإن رسوم الحصول على تراخيص لتسويق منتجات مماثلة، تتراوح بين 10 ملايين و30 مليون دولار
سنويا، لكنّ التنوّع البيولوجي الهائل للمحيطات يشكل مؤشرا على وجود جزيئات كثيرة
لم تكتشف بعد.
ويقول الأستاذ
في معهد سكريبس لعلوم المحيطات في كاليفورنيا ويليام فينيكال، إنّ "الغالبية
الكبرى من المضادات الحيوية وأدوية السرطان تأتي من مصادر طبيعية".
ووفق موقع "مارين
درَغ بايبلاين"، فقد أجيز استخدام 17 دواء ناتجة من جزيئات بحرية لعلاج
الأمراض منذ عام 1969، فيما لا يزال 40 عقارا في مراحل من التجارب السريرية في
مختلف أنحاء العالم.
ولفت الموقع
إلى أن معظم هذه الأدوية تسهم في
علاج مرض السرطان، فيما تستخرج عقاقير أخرى مضادة لفيروس الهربس من الإسفنجيات، بالإضافة إلى مسكن للآلام ينحدر من أحد
أنواع الحلازين.
ويقول
أليخاندرو ماير، وهو أستاذ متخصص في علم الأدوية لدى جامعة ميدويسترن، إن ثمة
"عددا لا يحصى من الأبحاث المرتبطة بالأمراض، بدءا من الملاريا وصولا إلى
السل".
هذا، وقد يكون
الجزيء الذي سيتألف منه المضاد الحيوي المقبل أو العلاج المستقبلي ضد فيروس نقص
المناعة البشرية، موجودا بداخل كائن يعيش في قاع البحار أو يتشبّث بهيكل قارب، أو
قد يكون أصلاً بحوزتنا، في المكتبات الكبيرة للجزيئات التي لا تزال تنتظر إخضاعها
للاختبارات.