ملفات وتقارير

تصاعد الجدل في ليبيا بعد إقرار التعديل الدستوري.. هل يعمق الأزمة أم يحلها؟

محللون تحدثوا لـ"عربي21" أثاروا أسئلة حول مدى قبول أطراف ليبية للتعديل الدستوري باعتباره أساسا لإجراء الانتخابات- موقع المجلس
لا تزال أصداء إقرار التعديل الدستوري الـ13 تتردد في الأوساط الليبية المختلفة، خاصة بعد أن اعتبره مجلسا النواب والدولة "نافذا" ومعمولا به، وأساسا دستوريا لأي انتخابات قادمة.

وبين من يراه سبيلا لحل الأزمة الراهنة وصولا لإجراء الانتخابات، وبين من اعتبره غير قانوني وجاء ليقطع الطريق على مقترح قدمه المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، تثار أسئلة حول مدى مساهمة هذا التعديل في حل أو تعميق الأزمة الراهنة، ومدى اعتباره مقدمة لترشح العسكريين في الانتخابات القادمة، لا سيما اللواء المتقاعد، خليفة حفتر. وهو الأمر الذي يرفضه قطاع واسع من الليبيين.

والخميس، أقر المجلس الأعلى للدولة الليبي بـ"الأغلبية" التعديل الدستوري الثالث عشر والذي كان مجلس النواب قد أقره في وقت سابق، ونشره في الجريدة الرسمية.

وقال المجلس في بيان له، إنه "تم الاتفاق على الشروع في تشكيل لجنة لوضع القوانين الانتخابية على أن يتم اعتمادها خلال الجلسة القادمة".

وأكد عضو مجلس الدولة عادل كرموس، لـ"عربي21" أن "التعديل يعد نافذا منذ صدوره من مجلس النواب ونشره في الجريدة الرسمية"، مضيفا أنه "وإن كان الإجراء من مجلس الدولة جاء متأخرا، إلا أن التصويت بجلسة الخميس يحقق التوافق المنصوص عليه في الاتفاق السياسي".

وبالنسبة للتصويت، قال كرموس، إنه "تم بكل شفافية بأغلبية الحاضرين، ومن يعترض على ذلك يدعي عدم صحة انعقاد الجلسة، لأنه طبّق عليها أحكام الجلسة العادية، وهذه الجلسة طارئة وفقا للإعلان الصادر عن مكتب مقرر المجلس".

وقبل أيام أقر مجلس النواب التعديل الدستوري ونشره لاحقا في الجريدة الرسمية، وحينها علق النائب عبد المنعم العرفي على الموضوع بالقول، إن الإجراء قطع الطريق على المبعوث الأممي باتيلي، وإنه لا يمكن تجاوز مجلسي النواب والدولة. وفق تصريحات نشرتها مواقع ليبية.

"أزمة مستمرة"



ولا يعتقد الكاتب والمحلل السياسي، فرج دردور أن التعديل الدستوري سيحل الأزمة الراهنة، مشددا في حديث لـ"عربي21" على أن الأزمة الليبية ما زالت مستمرة ولا يمكن التنبؤ بمآلاتها، إلا من خلال مقترح الأمم المتحدة الذي أعده عبد الله باتيلي، والذي يعطي إشارات على جدية الأمم المتحدة والدول العظمى بشكل كبير في حلحلة الوضع عبر مسارات أخرى، بمعزل عن مجلسي الدولة والنواب.

وتأكيدا لما نشرته "عربي21" في وقت سابق، فقد أعلن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باتيلي، الاثنين، عن إطلاق "مبادرة" من أجل تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في البلاد هذا العام.

وقال باتيلي وهو سنغالي الجنسية، أمام مجلس الأمن الدولي: "قررت إطلاق مبادرة تهدف إلى السماح بتنظيم وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في العام 2023... في هذا الصدد، أخطط لإنشاء لجنة توجيهية رفيعة المستوى لليبيا".

"ترشح العسكر"

وحول فتح الباب أمام العسكريين قال دردور: "حقيقة لم يفتح الباب لترشح العسكريين لأنه لم يقر بشكل حقيقي، وهناك شكوك وأسئلة عن مدى تطبيقه على أرض الواقع، وهل سيؤدي بنا إلى انتخابات، وهل سيقبل به الطرف الآخر من الليبيين؟ وبالتالي، أعتقد أن التعديل كأن لم يكن هو منعدم وبالتالي السماح للعسكريين أو غيرهم ما زال محطة جدلية مختلف عليها، ولا أظن بأن المشكلة الليبية سوف تحل في القريب العاجل للأسف الشديد".

من جهته، قال مفتي ليبيا، الصادق الغرياني، إن إقرار القاعدة الدستورية "فضيحة"، وتظهر إلى أي حد يصل الاستهزاء بالبلد وبأهلها، والضحك على الشعب واستغفالهم، لفعل كل ما يريدون. وفق تصريحات تلفزيونية.

وقال الغرياني مخاطبا الليبيين: "لا أحد ينطلي عليه ما يفعلونه، فهم يريدون تفصيل اللباس على مقاس حفتر، إذا قبلتم التعديل سيكون حفتر هو الحاكم العسكري ويُعيّن الحكومة والوزراء ويأخذ ميزانية الدولة".

ومنذ مارس/ آذار 2022، تتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان؛ الأولى برئاسة فتحي باشاغا وكلفها مجلس النواب بطبرق (شرق)، والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب. 

ولحلّ الأزمة عبر مبادرة من الأمم المتحدة، بدأ مجلسا النواب والأعلى للدولة مفاوضات قبل نحو عام للتوافق على "قاعدة دستورية" تقود البلاد إلى الانتخابات، لكن مع تعثر هذا المسار لجأ مجلس النواب إلى تعديل الإعلان الدستوري.