حقوق وحريات

منظمة حقوقية: النشطاء البيئيون في العراق يتعرضون للتنكيل

إطلاق سراح الناشط البيئي العراقي جاسم الأسدي بعد اختطافه لأكثر من أسبوعين (هيومن رايتس ووتش)
قالت "هيومن رايتس ووتش"، اليوم، إن النشطاء البيئيين في العراق يخضعون لتهديدات، ومضايقات، واحتجاز تعسفي على يد عناصر تابعين للحكومة والجماعات المسلحة.

وذكر بيان لـ "هيومن رايتس ووتش"، أنه تم في 16 فبراير/ شباط 2023، إطلاق سراح الناشط البيئي العراقي البارز جاسم الأسدي، بعد اختطافه في 1 شباط/ فبراير من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية، واحتجازه لأكثر من أسبوعين.

وقال الأسدي في مقابلة تلفزيونية إنه تعرض لـ"أشد أنواع العذاب" باستخدام "الكهرباء والعصي" في أثناء أسره، وكان يُنقل من مكان إلى آخر.

وأوضحت "هيومن رايتس ووتش" أنها تأكدت من عائلته أن الصوت في المقابلة هو صوته، ويبدو أن إطلاق سراحه جاء بعد تدخل الحكومة العراقية.

وأشارت إلى أن اختطاف الأسدي هو الحلقة الأحدث في سلسلة من أعمال الانتقام ضد النشطاء البيئيين، التي تستهدف على ما يبدو إيقاف أنشطتهم.

وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش": "بدل أن تتخذ الحكومة العراقية خطوات ملموسة لحل القضايا البيئية الجوهرية في العراق، فهي تهاجم من يتحدث عن هذه القضايا. لن يؤدي إقصاء الحركة البيئية في البلاد إلا إلى تدهور قدرة العراق على معالجة أزماته البيئية، التي تؤثر على مجموعة من الحقوق الحيوية".

واحتجزت الأجهزة الحكومية نشطاء آخرين، ولاحقتهم؛ جراء حديثهم عن مشاكل بيئية.

وقال سلمان خير الله، وهو ناشط بيئي آخر ومؤسس مشارك لجمعية "حُماة دجلة"، إنه يعتقد أن الجماعات المسلحة والمسؤولين العراقيين يستهدفون الأعضاء الرئيسيين في الحركة البيئية؛ لإسكاتهم، وتوجيه رسالة تهديد إلى الآخرين.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، أصدرت "هيومن رايتس ووتش" تقريرا يوثق كيف تقاعست السلطات العراقية عن مساءلة عناصر وضباط الأمن التابعين للدولة والجماعات المسلحة المدعومة من الدولة، المسؤولين عن قتل وتشويه وإخفاء مئات المتظاهرين والناشطين منذ العام 2019.

وقالت "هيومن رايتس ووتش": إنه ينبغي للسلطات العراقية فورا محاسبة المسؤولين عن العقوبات خارج نطاق القضاء، مثل الاختطاف، والتوقف عن توظيف النظام القضائي لمضايقة النشطاء البيئيين والانتقام منهم، وإسقاط جميع القضايا القانونية ضدهم التي تنطوي على انتهاكات.

وكان الأسدي يقود سيارته على الطريق السريع مع ابن عمه في صباح 1 شباط/ فبراير، عندما أوقفته مركبتان على بُعد ستة كيلومترات جنوب العاصمة، بحسب ما قال شقيق الأسدي لـ"هيومن رايتس ووتش".

قيّد رجال مسلحون بملابس مدنية يديه، وأجبروه على ركوب إحدى المركبتين، ليصحبوه إلى موقع غير معروف، بينما تركوا ابن عمه في السيارة على قارعة الطريق. قال شقيق الأسدي إنه لا يعرف الدافع وراء اختطافه، لكن كان العديد من مؤيدي الحكومة غير راضين عن أنشطته البيئية.

والأسدي هو مؤسس منظمة "طبيعة العراق" المحلية غير الحكومية، التي تعلن أن هدفها حماية البيئة الطبيعية للعراق والتراث الثقافي الغني الذي يغذيها، واستعادتهما والحفاظ عليهما.

وظهر الأسدي بشكل متكرر في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية للتوعية بشأن التهديدات التي تواجه الأهوار الجنوبية في البلاد، بما فيها الجفاف وفقدان الغطاء النباتي.


وقال شقيقه إن العائلة أبلغت مقر "الأمن الوطني" في بغداد بالاختطاف، وبدأت قوات الأمن العراقية التحقيق في القضية. واسترعت القضية انتباه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي أكد للعائلة أنه "لا توجد قوة مسلحة فوق القانون، وأن الجميع يخضعون لسلطة وقانون الدولة". بعد بضعة أيام، أُطلق سراح الأسدي، لكن لم يُعرف سبب احتجازه وهوية الخاطفين.

ووفق "هيومن رايتس ووتش"، فإنه وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة العراقية، على ما يبدو، خطوات للتدخل وتأمين إطلاق سراح الأسدي، كانت السلطات العراقية في حالات أخرى مسؤولة عن الانتقام من النشطاء البيئيين؛ جرّاء جهودهم لجذب الانتباه إلى الانتهاكات الحقوقية المرتبطة ببيئة البلاد ومناخها.

في أواخر 2019، احتجزت السلطات العراقية سلمان خير الله، وهو ناشط بيئي آخر، ما دفع مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان إلى التدخل للمطالبة بإطلاق سراحه. غادر خير الله بغداد بعد إطلاق سراحه بكفالة.

وقال ناشط آخر، هو رئيس منظمة "الجبايش" البيئية رعد حبيب الأسدي، لـ"هيومن رايتس ووتش"، إنه خلال فترتي الجفاف اللتين ضربتا البلاد في 2019 و2020، انتقد وزارة الموارد المائية لسياساتها واستجاباتها الضعيفة للوضع المتفاقم. وقال إنه نشر معلومات أساسية حول الجفاف في أهوار الناصرية، مثل مقدار انخفاض مستويات المياه، فانتقمت الوزارة منه عبر أخذه إلى المحكمة.