قالت مجلة
إيكونوميست؛ إن التوقيت هو
كل شيء بعد وقوع الكوارث، وأول 72 ساعة تكون حاسمة لعمال الإنقاذ؛ لأن الإصابات
والعطش يقتل الناجين، لكن بالنسبة للمستبدين، الذين يأملون أن تخفف
الكارثة من
عزلتهم، فهؤلاء يتسامحون مع التوقيت بعض الشيء.
وأوضحت المجلة في تقرير ترجمته
"عربي21"، أن مناطق المعارضة السورية، كانت الأكثر تضررا بسبب
الزلزال الذي
ضربها مع جنوب تركيا، لكن رئيس النظام السوري بشار
الأسد، لم يسمح بدخول
المساعدات
سوى بعد أسبوع كامل، وبعد فوات الأوان في إنقاذ المحاصرين، الذين ماتوا بسبب نقص
الوقود وانعدام الآليات الثقيلة.
وأشارت إلى أن "مساعدتهم لم تكن
حقا الهدف، وكان الأسد قد بدأ بالخروج فعلا بعد عقد من الزمان في الساحة
الدبلوماسية، حيث أصبحت الدول العربية تقبل أنه سيبقى في السلطة. الآن يرى فرصة
لجذب الغرب أيضا، ولا شك أنه يأمل أن تساعده لفتة تجاه مناطق الثوار".
وقتل حوالي 6000 شخص في سوريا، سواء
في الشمال الغربي أو في المدن التي يسيطر عليها النظام مثل حلب واللاذقية. من
المؤكد أن هذا الرقم سيرتفع. وتعتقد الأمم المتحدة أن ما يصل إلى 5 ملايين سوري قد
تشردوا، وستكون مساعدتهم مهمة ضخمة، بعد عقد من الحرب، تم تقطيع سوريا إلى خليط من
الدويلات، الفقيرة، وبدرجات متفاوتة، معزولة عن بقية العالم.
وقالت المجلة؛"إن الشمال الغربي
من سوريا يسيطر عليه فرع للقاعدة، بحسب رواية الأسد، والمنطقة هي خلية نحل من
الإرهابيين. في الحقيقة، معظم سكانها البالغ عددهم 4 ملايين هم من المدنيين
المعوزين الذين نزحوا مرارا من أجزاء أخرى من سوريا".
وكانت حكومة المعارضة، حذرت من قبول
المساعدات من مناطق النظام، ورفضت قافلة كانت قادمة من مناطق سيطرة قوات ما يعرف
بسوريا الديمقراطية، التي تقودها الوحدات الكردية.
ولفتت إلى أن المخاوف مفهومة؛ فللنظام
تاريخ في الموافقة على قوافل المساعدات إلى المناطق المحاصرة، فقط لإعادتها في اللحظة
الأخيرة أو نهبها. وبدلا من ذلك، يريد المعارضون جلب المساعدات عبر تركيا، التي
يتدفق من خلالها الغذاء والدواء والضروريات الأخرى لسنوات.
لا يسيطر الأسد على هذا الجزء من
الحدود، لكنه يتخذ مواقف بشأن السيادة ويرفض الموافقة على عمليات التسليم. وهكذا
تصل المساعدات بموجب قرار مجلس الأمن الذي تم تمريره لأول مرة في عام 2014. وقد
سعت روسيا، حليف الأسد في المجلس، لسنوات لتقليص أو حتى إيقاف الشحنات.
ومنذ عام 2020، اقتصر استخدام الأمم
المتحدة على نقطة حدودية واحدة تسمى باب الهوى. لكن الزلزال أضر بالطرق السريعة في
تركيا المؤدية إلى المعبر، مع ارتفاع الطلب على المساعدات. وافق الأسد الآن على
تدفقها عبر معبرين حدوديين إضافيين.
لكن دوافع النظام ليست خيرة؛ إنه
يكافح من أجل التعامل مع الدمار في مناطقه، وقد حاول إلقاء اللوم على كبش فداء
مناسب: الغرب. وقالت بثينة شعبان المستشارة الرئاسية بعد الزلزال: "كل ما
نريده من أوروبا والولايات المتحدة الآن هو رفع العقوبات. إذا رفعوا العقوبات،
فسيكون المغتربون السوريون والشعب السوري قادرين على الاعتناء ببلدهم".
والواقع أن عشرات الطائرات التي تحمل
مساعدات هبطت في مطار دمشق منذ الزلزال، ويضم المانحون شركاء أمريكيين مقربين مثل
مصر والأردن والإمارات. لم تمنعهم العقوبات من إرسال المساعدة إلى المناطق التي
يسيطر عليها النظام.
ويمكن للعقوبات أن تعرقل المساعدات
على الهامش. وجد بعض الأجانب ذوي النوايا الحسنة الذين حاولوا تنظيم جهود تمويل
جماعي أن حملاتهم تم رفضها؛ لأن إرسال الأموال إلى سوريا قد يكون مخاطرة قانونية.
ولهذه الغاية، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية في 9 شباط/ فبراير تنازلا واسع
النطاق يغطي "جميع المعاملات المتعلقة بالإغاثة من الزلزال". وسيبقى في
مكانه لمدة ستة أشهر ويتوقع الدبلوماسيون أن يتم تمديده.
ويأمل الأسد أن يرى المزيد من هذا، فمنذ
الزلزال تلقى مكالمات الدعم من معظم القادة العرب. وأثار بعض المحللين الغربيين
أسئلة أوسع حول العقوبات. حتى لو لم تعق الإغاثة في حالات الكوارث، فإنهم يعرقلون
الدولة السورية، الأمر الذي سيكون له عواقب على المدنيين. يستهدف قانون قيصر، وهو
عبارة عن حزمة من العقوبات الأمريكية على سوريا أصبحت قانونا في عام 2019، بشكل
صريح قطاعي الطاقة والبناء، في بلد يعاني من انقطاع التيار الكهربائي على نطاق
واسع وأضرار جسيمة للإسكان والبنية التحتية.
وقالت المجلة: "أولئك الذين
يريدون تخفيف محنة السوريين يواجهون معضلة مروعة، فلن يضمن تخفيف العقوبات حصول
السوريين على الكهرباء على مدار 24 ساعة ومنازل جديدة، ومع ذلك، فإن إبقاءها قائمة
يضمن ألا يفعلوا".
وقالت؛ إن الدول الغربية مترددة في
تحويل الأموال إلى الأسد لمساعدته في إعادة البناء. كما أنهم حريصون على تجنب
عرقلة عملية إعادة البناء بالكامل. وفي البحث عن كيفية مساعدة الناس الذين يعيشون
وسط الدمار في سوريا مع عدم إعادة تأهيل نظام يداه مطلخة بالدماء، لا توجد إجابات
سهلة.