دعا
وزير الاتصال
الجزائري محمد بوسليماني، الذي ترأس بلاده الدورة
الحالية للقمة العربية العواصم العربية إلى تفعيل قرارات "القمة العربية" بشأن "المصالحة
الفلسطينية-الفلسطينية" التي عقدت في الجزائر في شهر تشرين الثاني (نوفمبر)
الماضي .
وأكد عضو الحكومة الجزائرية في حديث خاص لـ
"عربي21"، عزم
بلاده على مزيد الدعم لحركة التحرر الوطني الفلسطينية ومعارضة الانتهاكات المتعاقبة
التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في فلسطين المحتلة بما في ذلك في مدينة
القدس العربية المحتلة ومدن الضفة الغربية وقطاع غزة.
وكشف الوزير محمد بوسليماني لـ
"عربي21" أنه عقد، على هامش
مشاركته والوفد الجزائري بتونس في مؤتمر الإعلام العربي، جلسات عمل مع عدد من
رؤساء الوفود العربية بينها بالخصوص جلسة مع نظيره الفلسطيني، الوزير أحمد عساف
نزار.
وأوضح بوسليماني أنه بحث مع الوزير الفلسطيني متابعة قرارات قمة
الجزائر من حيث دعم "القضية المركزية لكل العرب - قضية فلسطين" و"المصالحة
الفلسطينية والعربية" و"علاقات
التعاون القائمة بين البلدين في مجال الإعلام والاتصال وسبل تعزيزها مستقبلا".
وخلال هذا اللقاء جدد الوزير الجزائري دعم بلاده الدائم لدولة
فلسطين، قيادة وشعبا، "وهو ما تحرص الجزائر على ترجمته بكل الأوجه الممكنة".
ونوه وزير الاتصال الجزائري إلى
تصريحات المسؤولين الفلسطينيين التي
جددت شكرها الخالص للجزائر على مواقفها الداعمة لفلسطين وتحرير القدس ورفض القمع
الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني عموما وفي القدس ومحيطها خاصة.
وحيا الوزير الجزائري "تصريحات قيادات كل الفصائل الفسلطينية التي
تتفاعل إيجابا مع الجهود التي تقوم بها الجزائر في سبيل لم شمل الفصائل السياسية
الفلسطينية وتفعيل قرارات القمة العربية لدعم حركة التحرر الوطني الفلسطينية ".
وجوابا على سؤال لـ
"عربي21" عن آفاق العلاقات بين تونس
والجزائر في هذه المرحلة التي تمر فيها تونس والمنطقة بمتغيرات سريعة وغموض، فقد أشاد الوزير
الجزائري بالعلاقات التونسية الجزائرية ووصفها بـ"الممتازة" واستدل
بالمشاورات بين سلطات البلدين ومظاهر التعاون بين الشعبين وتنويه كبار المسؤولين
في تونس والجزائر بالصبغة الاستراتيجية للشراكة بين الدولتين.
وتوقع بوسليماني أن "تتطور العلاقات التونسية الجزائرية في
المدة القادمة إيجابيا "بنسق أسرع" واعتبر أن "واقع العلاقات
التونسية الجزائرية ومستقبلها نموذجي عربيا.. وسيكون على أحسن ما يرام".
من جهة أخرى دعا وزير الاتصال الجزائري إلى "استراتيجية إعلامية
وتكنولوجية عربية تضمن كسب "الحروب الجديدة" التي قال عنها إنها "ليست عسكرية" بل "رقمية واتصالية".
واعتبر أن مستقبل الدول العربية الاقتصادي والأمني والمجتمعي أصبح
رهين كسب "معركة السلطات ومؤسساتها الأمنية والاتصالية والتكنولوجية مع
عصابات جهوية ودولية تستخدم سلاح الهجمات السيبيرانية الدولية"، ما عمق
"الهوة الرقمية بين دول الشمال والجنوب" وزاد من مخاطر استقطاب الشعوب
وخاصة فئات الأطفال والشباب التي أصبحت قطاعات واسعة منها تتأثر بـ"إعلام
وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الرقمية أكثر مما تتأثر بوسائل الإعلام التقليدية ".
وعن الرسالة التي أرادت الجزائر توجيهها من خلال التوصيات والاقتراحات التي تقدمت بها في
المؤتمر السنوي الثاني للإعلام العربي الذي نظمه اتحاد اذاعات الدول العربية في
تونس بحضور عشرات من الخبراء العرب والأجانب والمشرفين على قطاعات الإعلام
وتكنولوجيا الاتصال والعمل العربي المشترك ونخبة من الوزراء، أورد الوزير محمد
بوسليماني أن "الجزائر التي ترأس هذا العام القمة العربية تسعى إلى أن تبادر
الحكومات ومؤسسات صنع القرار ومؤسسات العمل المشترك العربية باعتماد استراتيجية
وخطة عمل واضحتين لكسب رهان التقدم التكنولوجي والرقمي وتجاوز سياسات ردود الفعل
الظرفية على التحديات الخارجية، بدءا من قطاع
الاعلام والاتصال والتكنولوجيات
الرقمية".
وأوضح محمد بوسليماني أن إدراك الجزائر لحجم التحديات التي يواجهها
الإعلام العربي بسبب "الهوة الرقمية والهجمات السيبرانية" يدفعها إلى
حث الدول العربية على وضع تصور شامل وموحد في إطار تعاون عربيٍ مشترك "ومواجهة الهيمنة الرقمية لكبرى الشركات الإعلامية العالمية، حماية لمصالح الدول
العربية واقتصادها وقيم مجتمعاتها ومؤسسات التعليم والثقافة فيها".
وكشف الوزير الجزائري أن سلطات بلاده تسعى إلى مواكبة المتغيرات
دوليا في قطاعات الاتصال والاقتصاد الرقمي والتقدم التكنولوجي، وهي تنوه بالتقدم
الذي حققته بعض الدول العربية بصفة فردية في معركتها ضد الهجمات السيبرانية و
التخلف.
لكنه نوه بحاجة كل الدول العربية إلى مزيد التنسيق بين حكوماتها
ومؤسساتها العلمية والإعلامية ومنظمات
العمل المشترك لكسر "الهيمنة الرقمية العالمية" من قبل بعض
الشركات والأفراد، في مرحلة أصبح فيها "العالم يعيش حقبة التقدم الرقمي فيما
توجه الجمهور إلى المنصات الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي على حساب سوق الصحف
والقنوات الاذاعية والتلفزية التقليدية بما فيها تلك التي تصله عبر الأقمار
الصناعية ".
وهل يمكن أن تؤدي الاستراتيجية الاتصالية والتكنولوجية المقترحة في
مرحلة الرقمنة إلى سياسات إعلامية جديدة عربيا ومغاربيا تشمل "السياسات
التعديلية" لمضمون وسائل التواصل الرقمية وبقية وسائل الإعلام أم إنه سيقتصر الأمر على إجراءات عابرة ذات
صبغة تكنولوجية هدفها تخفيف الفوارق بين الدول الغنية والفقيرة في مجال مواكبة
الثورة الرقمية؟
الوزير محمد بوسيلماني عقب على سؤال
"عربي21" قائلا: "التحديات خطيرة جدا ولديها
انعكاسات على الأمن القومي وعلى توجهات الأجيال الجديدة وخاصة الشباب والأطفال،
بما يفرض علينا اتخاذ خطوات جدية للحد من الأضرار الناجمة عنها من خلال وضع
استراتيجية موحدة في التعامل مع الشركات العالمية للرقمنة والاعلام بما في ذلك
فيما يتعلق بالمضامين ومحتوى المادة الإعلامية التي يجري تسويقها. كما أنه يجب اتخاذ
قرارات عربية مشتركة وسريعة وناجعة"، مع الاستفادة من توصيات المؤتمرات
السابقة لمؤتمرات القمة العربية واجتماعات مؤسسات العمل العربي المشترك "بما
فيها الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب واتحاد اذاعات الدول العربية".
لكن ما هي الخطوات العملية المطلوبة ليكسب العرب شعوبا ودولا "الحروب
الجديدة" التي تقودها شركات اقتصادية عالمية عبر سلاح الاعلام وليس عبر
"الأسلحة النارية التقليدية"؟
وزير الاتصال الجزائري أجابنا قائلا: "المطلوب مراجعة الدول
العربية لكثير من قوانينها وتشريعاتها ومن
ضمنها قانون حماية البيانات الشخصية و قوانين الأمن السيبراني والهوية الرقمية،
بالإضافة إلى كل ما يخص التطور التكنولوجي من أنظمة وتشريعات لضمان الحماية
الرقمية للجميع".
وسجل يوسليماني أن "تبادل الخبرات والتجارب بين الدول العربية
في مواجهة مخاطر الجرائم السيبرانية ووضع آليات عمل عربية صارمة، سيمكن كله من الحماية
اللازمة من أي اختراق للشبكات المحلية والإقليمية وتأمين سلامتها".
واعتبر عضو الحكومة الجزائرية أن "الجزائر التي نجحت في تنظيم
أول قمة عربية رقمية خلال شهر نوفمبر الماضي، ليس فيها أي وثقة ورقية، لن تدخر جهدا لإنجاح الجهود المشتركة لمجابهة
الهيمنة الرقمية العالمية". واستطرد قائلا: "تماشيا مع هذا
المسار، فقد بدأت بلادي استحداث منظومة
قانونية ملائمة وإيجاد مؤسسات متخصصة تعنى بضمان أمن البيانات ومصداقية المعلومات
وتفعيل دور الإعلام بما فيه الرقمي لاسيما عن طريق التكوين".
ونوه بوسليماني بالمؤتمر العربي للإعلام في
نسخته السنوية الثانية وبـ"الجهود الحثيثة ومساعي جامعة الدول العربية لتوحيد
الصف العربي في التعامل مع عمالقة التكنولوجيا ومواجهة الهيمنة الرقمية التي
تفرضها هذه الشركات العالمية"، وحيا في ذات السياق "جهود اتحاد إذاعات
الدول العربية في تنظيم هذا المؤتمر الثاني وحسن اختيار موضوعه".