يتصاعد
التوتر بين
تركيا والسويد، على خلفية عدم التزام الأخيرة بشروط وضعتها أنقرة من أجل انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي "
الناتو"، والتظاهرات التي تشهدها ستوكهولم من ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع قرب الانتخابات التركية.
وثلاثة أحداث جرت مؤخرا، بالإضافة لعدم تلبية الشروط، أججت من التوتر بين تركيا والسويد، وسط تضاؤل الفرص من إمكانية تصديق البرلمان التركي على قرار موافقة
انضمام السويد وفنلندا إلى "الناتو".
تعليق دمية تشبه أردوغان من قدمها في ستوكهولم
وفي 11 كانون الثاني/ يناير تسببت تظاهرة لأنصار منظمة العمال الكردستاني، بأزمة دبلوماسية بين تركيا والسويد، بعد تعليق دمية تشبه الرئيس أردوغان من قدمها على عمود أمام مبنى البلدية في ستوكهولم.
وعلى إثر ذلك، استدعت تركيا السفير السويدي، ستافان هيرستروم، إلى مقر وزارة الخارجية لتبلغه إدانتها للعمل الاستفزازي.
إحراق القرآن الكريم أمام سفارة أنقرة بعاصمة السويد
وفي أزمة دبلوماسية جديدة، أحرق السبت، زعيم حزب "الخط المتشدد" الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان، نسخة من القرآن قرب السفارة التركية في العاصمة السويدية ستوكهولم، وسط حماية مشددة من الشرطة التي منعت الاقتراب منه أثناء ارتكابه العمل الاستفزازي.
وأثار سلوك المتطرف الدنماركي غضبا واسعا في الأوساط التركية، وقالت وزارة الخارجية في بيان: "هذا العمل الدنيء مؤشر جديد على المستوى المقلق الذي وصلت إليه معاداة الإسلام وتيارات العنصرية والتمييز في أوروبا".
كما ألغت تركيا زيارة كانت مقررة الأسبوع المقبل لوزير الدفاع السويدي إلى العاصمة أنقرة بناء على دعوة من نظيره التركي خلوصي أكار، بسبب مظاهرة مصرّح بها مناهضة لتركيا في ستوكهولم.
ومساء السبت، نظم أنصار منظمة العمال الكردستاني، مظاهرة جديدة مناوئة لتركيا، ورئيسها بالعاصمة السويدية ستوكهولم. وطالبوا حكومة السويد بإلغاء المذكرة الثلاثية المبرمة مع أنقرة بشأن انضمامها مع فنلندا إلى "الناتو". وشهدت المظاهرة تعليق رأس دمية في عمل استفزازي يستهدف شخص الرئيس أردوغان.
تمييز ضد طالبة تركية بسبب موقف أنقرة من السويد
ووصل التوتر المتصاعد بين البلدين إلى مستوى آخر، حين قام أستاذ جامعي سويدي في جامعة ستوكهولم برفض برنامج تدريبي لطالبة تركية بدعوى أن بلدها تعرقل انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، أرسلت الطالبة التركية بريدا إلكترونيا إلى الأستاذ بير كارلبرينغ في جامعة ستوكهولم، معربة فيه عن رغبتها في المشاركة بالمشروع البحثي الذي يرأسه.
وفي رده على الطالبة قال كارلبرينغ: "عزيزتي فاطمة، كنت أرغب باستضافتك؛ لكن يجب أن أرفض طلبك لأن تركيا تعيق انضمام السويد إلى الناتو، أنا آسف".
وبعدها، قدمت زهراء في 5 كانون الأول/ ديسمبر الماضي شكوى رسمية لدى الجامعة ضد الأستاذ كالبرينغ على تصرفه العنصري.
وفي 16 كانون الثاني/ يناير أكد وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو أن رفض طلب برنامج تدريب في السويد تقدمت به طالبة تركية يعتبر "مثالا سيئا على استغلال التعليم في السياسة".
وقدّمت الجامعة السويدية اعتذارا للطالبة فاطمة الزهراء، مشيرة إلى أن أحد أساتذتها استخدم “أسلوبا بعيدا عن الاحترافية وغير مقبول” في معرض رده على طلب الطالبة التركية.
تسليم مطلوبين لتركيا
واتهمت تركيا، السويد بعدم الإيفاء بتعهداتها في إطار المذكرة الثلاثية المبرمة مع أنقرة بشأن عضويتهما في حلف شمال الأطلسي "ناتو".
وفي 28 حزيران/ يونيو 2022، وقعت تركيا والسويد وفنلندا مذكرة تفاهم ثلاثية بشأن انضمام البلدين الأخيرين إلى "ناتو"، وذلك على هامش قمة زعماء الحلف، بالعاصمة الإسبانية مدريد.
وجاءت المذكرة بعد تعهد البلدين الأوروبيين بالاستجابة لمطالب أنقرة بشأن التعاون بملف مكافحة الإرهاب.
وفي 15 كانون الثاني/ يناير، قال أردوغان: "قلنا إن عليهم إعادة نحو 130 إرهابيا إلينا كي نصادق على عضويتهم في برلماننا، لكنهم لم يفعلوا".
وذكر بأن "المحكمة السويدية رفضت تسليم تركيا الإرهابي بولنت كنش المطلوب لدى أنقرة بتهمة الانتماء إلى تنظيم غولن الإرهابي".
وفي 8 كانون الثاني/ يناير، قال رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، إن تركيا التي تقف منذ أيار/ مايو الماضي أمام انضمام السويد وفنلندا إلى "الناتو"، دفعت بمطالب لا تستطيعها السويد ولا يمكنها قبولها.
وقال كريسترسون خلال مؤتمر بشأن الدفاع والأمن بحضور الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ إن “تركيا تؤكد أننا نفّذنا ما تعهدنا القيام به، لكنها تريد أمورا لا نستطيع ولا نريد تلبيتها”.
أكار: السويد وفنلندا ترفضان التعاون معنا
والاثنين، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، إن السويد وفنلندا ترفضان التعاون مع أنقرة من أجل مكافحة الإرهاب.
وأضاف خلال اجتماع مع قادة القوات التركية، أن تركيا تؤيد مبدأ توسع حلف شمال الأطلسي، مبينا أن أنقرة ليست عدوة للسويد وفنلندا ولا تعارض انضمامهما للحلف.
وتابع: "يريدون منا أن ندعمهم من أجل أمنهم، لكنهم يرفضون التعاون معنا من أجل مكافحة الإرهاب، ولا يمكننا قبول التطاول على رئيسنا وقرآننا وعلمنا داخل الأراضي السويدية".
ودعا الوزير التركي السويد وفنلندا للقيام بمسؤولياتهما والالتزام بالتعهدات المذكورة في المذكرة الثلاثية التي أبرمت على هامش قمة الناتو في مدريد صيف العام الماضي.
السويد لم تقرأ رسائل تركيا بشكل صحيح
الخبير التركي مته ساهتا أوغلو، في حديث لـ"عربي21"، أكد أنه إذا أرادت السويد أن تصبح عضوا في "الناتو" فعليها التوقف عن الاحتماء خلف الولايات المتحدة، والاستسلام للجماعات الإرهابية وعدد من السياسيين اليمينيين العنصريين.
وأضاف لـ"عربي21"، أن تركيا تنتظر الضوء الأخضر لشراء مقاتلات "أف16" من الولايات المتحدة، التي تستخدم عضوية فنلندا والسويد في الناتو كورقة ضغط للموافقة على الاتفاقية.
وأوضح أن السويد وفنلندا تحاولان إخضاع مسألة انضمامهما إلى "الناتو" من خلال الضغط على تركيا عبر وسائل الإعلام الأمريكية.
ولفت إلى أن السويد وفنلندا تخاطران بمستقبلهما من خلال التغاضي عن جرائم الكراهية التي ترتكب من خلال غطاء حرية التعبير ودعم الإرهاب.
وتابع بأن "الناتو" والولايات المتحدة والدولتين الاسكندنافيتين، لم تقرأ الرسائل الواردة من أنقرة بشكل صحيح، مشيرا إلى أن المجريات تشير إلى صعوبة مصادقة البرلمان التركي على بروتوكولات انضمام السويد وفنلندا إلى "الناتو" في المرحلة المقبلة.
ونوه إلى أنه من الخطأ المقارنة بين عضوية تركيا في "الناتو"، وعضوية السويد وفنلندا، مشيرا إلى أن المطالبين باستبعاد تركيا لا يدركون أن ذلك يعني انهيار الحلف الأطلسي.
وأكد أن انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو" ترك رسميا للبرلمان التركي لاتخاذ القرار المناسب، لكن بالنهاية القرار النهائي لأردوغان الذي إذا شعر بالإهانة والخداع فقد يلجأ لمعاقبة محاوريه.
ورأى الخبير التركي، أنه بنهاية المطاف ستوافق تركيا على عضوية فنلندا والسويد، والأمر مسألة وقت وضغوط تمارس.
الأعمال الاستفزازية تتزايد بحماية سلطات السويد
الخبير التركي المختص بشؤون مكافحة الإرهاب نديم شينار، ذكر في
مقال على صحيفة "حرييت"، أن السويد تدرك أنها إذا أصبحت في "الناتو" ستصبح أداة للهيمنة الإمبريالية الأمريكية، ومصيرها سيكون مثل أوكرانيا.
وتابع، بأن السويد لا تملك الشجاعة للاعتراض على الولايات المتحدة بشأن انضمامها إلى "الناتو"، وشرعت باستفزازات دنيئة ضد تركيا ليأتي قرار منع عضويتها في "الناتو" من أنقرة.
وأضاف أنه على الرغم من أن كلا البلدين اتخذا موقفا إيجابيا بالبداية، إلا أن الوقائع الميدانية تسير في الاتجاه المعاكس، مشيرا إلى قيام منظمة العمال الكردستاني بأعمال في ستوكهولم، واستمرار وجودها في السويد رغم الاعتراف بأنها "منظمة إرهابية"، وقرارات السلطات القضائية السويدية بمنع تسليم أعضاء "العمال الكردستاني" و"غولن" إلى تركيا رغم اتخاذ الترتيبات القانونية.
ولفت إلى أنه في الآونة الأخيرة ازدادت الأعمال الاستفزازية ضد تركيا من منظمة العمال الكردستاني في السويد، بشكل كبير في الأشهر الماضية، واستهدفت المنظمة الرئيس أردوغان والقرآن الكريم وبحماية من السلطات السويدية.