نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للكاتب ديفيد إغناتيوس، أشار فيه إلى أن التهديد
الصيني والروسي يدفع
اليابان لإعادة تسليحها للحفاظ على أمنها.
وأوضحت
الصحيفة أن كسر موقف اليابان بعد عام 1945 من التحفظ وضبط النفس في الأمور العسكرية، يتطلب الكثير. لكن الصين وروسيا أنجزتا ذلك بالضبط - من خلال إقناع القادة اليابانيين بأنهم بحاجة إلى قدرة "الرد" لحماية أنفسهم من التهديدات المتزايدة.
ويسعى الزعيم الياباني فوميو كيشيدا للحصول على موافقة البرلمان على إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي سنويا على الدفاع، وهو ما يضاعف تقريبا ما تنفقه اليابان.
ويقول كورت كامبل، الذي يشرف على السياسة الإقليمية لمجلس الأمن القومي التابع لبايدن: "هذه نقطة انعطاف" بالنسبة لآسيا؛ إنها تنقل اليابان من الاعتماد على قوتها الناعمة وأسلحتها الأمريكية إلى شراكة عسكرية حقيقية. ويعيد رسم الخريطة الأمنية، ويؤطر تحالف احتواء شبيه بحلف شمال الأطلسي في المحيطين الهندي والهادئ وكذلك المحيط الأطلسي.
لماذا تتخذ اليابان خطوة إعادة التسليح؟
يقول المسؤولون الأمريكيون؛ إن إحدى اللحظات المؤثرة للقادة اليابانيين كانت عندما أطلقت الصين وروسيا ست قاذفات ثقيلة بالقرب من اليابان في مناورة مشتركة في 24 أيار/ مايو، حيث كانت طوكيو تستضيف اجتماعا للشراكة "الرباعية" بين أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة.
وأعربت اليابان عن "مخاوف جدية" بشأن الرحلات الجوية، لكن الصين وروسيا فعلتا ذلك مرة أخرى في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، فأرسلتا قاذفتين صينيتين ثقيلتين وطائرتين روسيتين فوق بحر اليابان. هذه المرة أعربت طوكيو عن "مخاوفها الشديدة" مرة أخرى دون رد واضح.
وجاءت دعوة أخرى للاستيقاظ في آب/ أغسطس، عندما أطلقت الصين خمسة صواريخ على "المنطقة الاقتصادية الخالصة" اليابانية، خلال سلسلة من التدريبات العسكرية بعد أن زارت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي (ديمقراطية عن كاليفورنيا) تايوان.
وعلى الرغم من أن كيشيدا رئيس وزراء جديد وضعيف سياسيا، فقد تحرك بقوة لدعم أوكرانيا. أرسلت اليابان بسرعة مساعدات عسكرية وإنسانية، وفي آذار/ مارس نجحت في الضغط على ثمان من دول الآسيان العشر لدعم قرار للأمم المتحدة يدين الغزو الروسي.
أدرك كيشيدا مبكرا أن الهجوم الروسي على أوكرانيا يمثل مزجا بين العالمين الهندي والهادئ والعالم الأوروبي.
يقول كامبل: لقد رأى تحديا أساسيا للنظام العالمي. لذلك، بدلا من تبني النهج المعتاد بالاعتماد على الولايات المتحدة لإصلاح الأمور، كما يوضح، قرر كيشيدا "توحيد القضية مع أوروبا".
جوهر مشكلة الأمن في اليابان هو الصواريخ، وليس فقط من الصين؛ تختبر كوريا الشمالية بانتظام صواريخ باليستية تحلق فوق الأراضي اليابانية. قبل عقد من الزمان، استثمرت اليابان بكثافة في التقنيات المضادة للصواريخ، على أمل أن يخفف ذلك من حدة التهديد، لكن قبل عدة سنوات، أدرك المخططون العسكريون اليابانيون أن الخصم يمكنه التغلب على درع الدفاع الصاروخي. كانوا بحاجة إلى ما هو أكثر.
يجب أن تقدم استراتيجية "الرد" ذلك. ستزود الولايات المتحدة اليابان بـ 400 إلى 500 صاروخ توماهوك، يمكنها ضرب مواقع الصواريخ في الصين أو كوريا الشمالية.
تريد اليابان أيضا حماية أصولها الدفاعية الفضائية، التي تشمل قنابل موجهة بالأقمار الصناعية ونسخة يابانية من نظام تحديد المواقع العالمي الأمريكي، من ترسانة الصين المضادة للأقمار الصناعية المتوسعة. لذلك، ستوسع إدارة بايدن المعاهدة الأمنية الأمريكية طويلة الأمد مع اليابان لتغطية الهجمات في الفضاء.
سيؤدي التشدد الياباني الجديد حتما إلى رد فعل عنيف في الصين، حيث يوجد كراهية عميقة للقوة العسكرية اليابانية، يعود تاريخها إلى الاحتلال الياباني في الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات من القرن الماضي.
لا تزال اليابان دولة مسالمة للغاية، لكن ثقل الماضي آخذ في التراجع، ويريد اليابانيون الأصغر سنا جيشا أقوى للتعامل مع الجيران المتحاربين.
أظهر استطلاع أجرته وكالة جيجي برس الصيف الماضي أن 75% من المستطلعة آراؤهم الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 29 يؤيدون زيادة الإنفاق الدفاعي، وأن أكثر من 60% من تلك الفئة العمرية فضلوا "
قدرات الرد" اليابانية.
الصين في المراحل الأولى، مما قد يكون أكبر حشد عسكري في التاريخ. أنهى الغزو الروسي لأوكرانيا فعليا حقبة ما بعد الحرب الباردة، وتتفاعل اليابان مع هذه التطورات بعقلانية. لكن، حذار مع تآكل النظام العالمي، فإن سلسلة الفعل ورد الفعل قد بدأت للتو.