نشرت صحيفة
"برافدا" الروسية تقريرا عزت فيه محاولة الانقلاب في
البرازيل إلى الصراع القائم في الولايات المتحدة بين أنصار ظاهرة الترامبية والديمقراطيين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أعمال الشغب التي عاشتها البرازيل في الثامن من كانون الثاني/يناير الجاري لم يسبق لها مثيل؛ حيث اقتحم خلالها أنصار الرئيس السابق جاير
بولسونارو الذي خسر الانتخابات، البرلمان والمقر الرئاسي والمحكمة العليا واستولوا على ممتلكاتهم.
وأضافت الصحيفة أن الأحداث الجادة أجبرت الرئيس المنتخب لويس إيناسيو
لولا دا سيلفا على مغادرة العاصمة البرازيلية والتوجه نحو مدينة ساو باولو. وعقب تدخل قوات الأمن الفيدرالية، تم تفريق المحتجين، واعتُقل حوالي 400 شخص، وتمت إقالة حاكم منطقة برازيليا، إيبانيز روشا من منصبه، فيما تجري السلطات البرازيلية تحقيقاتها بشأن الجهات الممولة للمتآمرين.
"أنصار الترامبية"
وذكرت الصحيفة أنه في الحقيقة تكشف العديد من العوامل عن حيثيات الوضع الراهن، من بينها عدم دعم الغرب لتصرفات أنصار بولسونارو، ويظهر ذلك في إدانة المستشار الألماني أولاف شولتز اقتحام المباني الحكومية. وخلال تغريدة له على حسابه في تويتر كتب المستشار الألماني: "الهجمات القسرية على المؤسسات الديمقراطية بمثابة هجوم على الديمقراطية لا يمكن التسامح معه"، مضيفا أن ألمانيا تدعم الرئيس الحالي للبرازيل، لولا دا سيلفا.
ونقلت الصحيفة عن صحيفة نيويورك تايمز، أن بولسونارو يتواجد الآن في الولايات المتحدة تحديدا في فلوريدا، التي تعتبر معقل الجمهوريين رغم ترويج وسائل الإعلام التابعة للحزب الديمقراطي أن حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس مناهض لترامب. وفي الحقيقة؛ يتبنى ديسانتيس نفس توجهات ترامب وهو مدين له بمسيرته المهنية، بحيث يطلق عليه البعض لقب "ترامب المنضبط" و"ترامب الذكي".
وأشارت الصحيفة إلى أن بولسونارو يُعرف بكونه مناهضًا للعولمة والتطرف ومتمسكا بالقيم المحافظة وعدم دعمه لمجتمع الميم.
وترى الصحيفة أن الوضع الراهن يطرح العديد من التساؤلات، من بينها مدى حاجة الترامبية وروسيا إلى البرازيل. مع العلم أن الترامبية، وهي مصطلح سياسي يُشار به إلى الظاهرة والأيديولوجيا السياسية التي خلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ظاهرة دولية تدعمها بعض الجهات في جميع أصقاع العالم على وجه التحديد في البلدان الأوروبية على غرار فرنسا.
الجيش لا يدعم بولسونارو
وأوردت الصحيفة أن الجيش لم يدعم بولسونارو رغم التعديلات التي أجراها الأخير على مستوى القيادة بعد الانتخابات مباشرة رغم نفوذه كرجل عسكري سابق؛ حيث يبدو أن بولسونارو كان يتفق فقط مع جهاز الأمن في برازيليا، والذي عيَن لولا رئيسًا جديدًا له يقدم تقريره إليه مباشرة.
وتقر الصحيفة بأن الصراع الدولي القائم اليوم عبارة عن مواجهة بين النموذجين الليبرالي والمحافظ للتطور العالمي، يرفض خلالها كل طرف بشكل قاطع أيديولوجيات الطرف الآخر، مع العلم أن الأزمة الروسية الأوكرانية أحد مظاهر هذا الصراع. وفيما يتعلق بروسيا، فإن الحفاظ على الاضطرابات داخل الولايات المتحدة يخدم مصالحها كونه يحول انتباه واشنطن نحو مشاكلها ويمنح موسكو ساحة مناورة أكبر فيما يتعلق بأوكرانيا.
والجدير بالذكر، وفق الصحيفة، أن
روسيا لا تفرق بين وجود بولسونارو أو لولا على رأس السلطة كونها تستطيع التفاوض مع كليهما، وهو ما يفسر امتناع وزارة الخارجية الروسية عن التعليق على المستجدات في البرازيل في ظل الجهل بالتغييرات التي قد تطرأ على الوضع في غضون السنوات الأربع المقبلة لا سيما أن المجتمع البرازيلي، مثل أي مكان آخر في العالم الغربي، مقسم بالتساوي إلى ليبراليين ومحافظين.
وفي نهاية التقرير؛ نوهت الصحيفة إلى أن دعاة العولمة راهنوا في وقت سابق على لولا لكنه اتبع سياسة خارجية مستقلة خلال فترة رئاسته، تجلت في دعمه إيران وفنزويلا في عهد هوغو تشافيز وروسيا وإلقائه باللوم على فولوديمير زيلينسكي وحلف شمال الأطلسي في التوترات الجيوسياسية الحالية.