حذر سفير فرنسي سابق من أن أي انهيار قادم للجزائر، يعني انهيارا لفرنسا.
ونشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية،
مقالا للسفير السابق لدى
الجزائر غزافييه دريانكور، قال فيه إن "صداقته واحترامه للشعب الجزائري، تلزمه
بالتذكير ببعض الحقائق عن الواقع السياسي والأوهام الفرنسية وعواقبها".
وزعم دريانكور، أن "الجزائر
الجديدة بصدد الانهيار، وتجرّ
فرنسا معها في طريقها للانهيار، بشكل أقوى من تسبّب
الأزمة الجزائرية في سقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة عام 1958".
وأضاف أن "الواقع الجزائري ليس كما يُرسم لنا:
لقد سقط نظام بوتفليقة الفاسد في عام 2019، وبعد الاضطرابات، كما في أي ثورة، فإن
الجزائر الناتجة عن (الحراك المبارك) ستكون كما قيل لنا عنوانا للتقدم، والاستقرار
والديمقراطية".
وتابع: "جميع المراقبين الموضوعيين
يلاحظون أنه منذ عام 2020، ربما بعد أسابيع قليلة من الأمل، أظهر النظام الجزائري
وجهه الحقيقي: نظام عسكري، مدرّب على أساليب الاتحاد السوفييتي السابق، وحشي،
بواجهة مدنية فاسدة مثل سابقتها التي أسقطها الحراك، مهووسة بالحفاظ على
امتيازاتها، وريعها، وغير مبالية بمحنة الشعب الجزائري".
ويقول السفير السابق، إنه يوجد، اليوم، في السجون الجزائرية
سياسيون وموظفون وعسكريون يرتبطون بالنظام السابق، بالإضافة إلى صحافيين كتبوا
مقالات تنتقد أو تتحفّظ على سياسة النظام، وأيضاً بوجود آخرين نشروا رأيًا مخالفًا
على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف أن جائحة كورونا سمحت للجيش ببدء التطهير السياسي،
ثم استغل الظروف الدولية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا لإكمالها: كُمّمت أفواه
الصحافيين، واعتقلوا، أو حرموا من جوازات سفرهم، كما أغلقت صحف، مثل Liberté، بينما وضعت “الوطن” تحت الوصاية.
وتابع بأنه في
الأيام الأخيرة، أتى الدور على راديو M الذي اعتُقل مديره إحسان القاضي، ثم
موقع AlgériePart لاتهامه بتلقي أموال من الخارج لنشر
أخبار كاذبة من أجل "زعزعة استقرار البلاد".
علاوة على ذلك، فإنه تم حل جمعيات مثل "كاريتاس"،
التي أسستها الكنيسة الكاثوليكية قبل عام 1962، واتُهم البعض الآخر بتلقي أموال من
الخارج.
ولفت إلى أنه "في الخارج، أي في بلده فرنسا، فإن
الخطاب المناهض للفرنسيين، الذي كان انتهازيًا، وأحيانًا أخرق في عهد بوتفليقة، هو
اليوم في صلب النظام في عهد عبد المجيد تبون، والذي تكمن قوته في جعل العالم يعتقد
أن الجزائر ربما ليست ديمقراطية على النمط الغربي، لكنها تتحرك، وفقًا لوسائلها
الخاصة، نحو نظام استبدادي قليلاً، وبوليسي بشكل لطيف، ولكن دون أن يكون
ديكتاتورياً على الإطلاق".
وقال السفير السابق إن "عبقرية هذا النظام تتجلى خاصة في تمكّنه من جعل هذه الحكاية
تُبتلع من قبل الفرنسيين، الذين يفترض أنهم أكثر من يعرفونه".
وأضاف: "نعتقد أننا نعرف الجزائر بحكم احتلالنا لها، لكن الجزائر
تعرفنا.. سيكون عام 2023، بعد الزيارات الرسمية في 2022، وقت النشوة، مع زيارة
دولة سيقوم بها الرئيس الجزائري. لكن دعونا نكن بلا أوهام: قبيل الانتخابات
الرئاسية الجزائرية، سيشهد عام 2024 حتمًا أزمة جديدة، لأن الخطاب المناهض
للفرنسيين هو خميرة حملة انتخابية ناجحة".
وقال إن "الاعتقاد أنه بالذهاب إلى الجزائر والرضوخ
للجزائريين في ما يتعلق بملفات كالذاكرة والتأشيرات، ستكسب فرنسا نقاطا دبلوماسية،
وتجر الجزائر نحو المزيد من التعاون، هو مجرد وهم وأكذوبة. والعسكريون الذين
يديرون الجزائر ليست لديهم مخاوف أو قلق عندما يتعلق الأمر بفرنسا".
وتابع: "لم لا تتمسك حكومة
بلادي بخط الحزم الوحيد الذي تفهمه الجزائر، وهو ميزان القوة بدلاً من اللاواقعية
أو السذاجة".
وقال إن "أداء الجزائر سيئ، أسوأ بكثير مما يعتقده المراقبون أو
الصحافيون النادرون. إذ إن 45 مليون جزائري لديهم هاجس واحد فقط: المغادرة
والفرار".
وأضاف: "الذهاب إلى أين؟ إن لم يكن إلى فرنسا، حيث إن لكل جزائري عائلة.
ويتقدم عدد لا يحصى من الأشخاص اليوم للحصول على تأشيرة لغرض وحيد هو القيام برحلة
في اتجاه واحد، أي البقاء بطريقة أو بأخرى في فرنسا".
وخلص دريانكور إلى القول إن "فرنسا تواجه مفارقة مزدوجة: من
ناحية، التحالف بين جيش مناهض لفرنسا والإسلاميين الذين يكرهوننا، حيث يشترك
الاثنان في كراهية فرنسا، والإرادة القوية للقضاء على بقايا الاستعمار لغويا
وثقافيا، مع جعل فرنسا تدفع ثمن ماضيها الاستعماري، من خلال الهجرة والاعتذار".
وتابع: "المفارقة الثانية هي أنه بعد 60 عاماً من استقلال الجزائر، ما زالت مشكلة اتفاقات
إيفيان تراوح مكانها. وبالتالي، فقد انتصرت الجزائر في المعركة ضد المستعمر السابق:
تبقى (الجزائر) مشكلة بالنسبة لفرنسا، فهي تنهار، لكنها قد تجرّ باريس معها، يحذر
غزافييه دريانكور، قائلا إن الجمهورية الرابعة ماتت في الجزائر، فهل تستسلم
الجمهورية الفرنسية الخامسة بسبب الجزائر؟".