اقتصادي روسي: بوتين يخسر في لعبة الغاز وأردوغان ينتصر

يعتقد الاقتصادي الروسي المعروف فلاديسلاف اينوزمسب أن الرئيس الروسي خسر لعبة الغاز فيما يوسع الرئيس التركي انتصاراته.

ويضيف، مؤسس ومدير مركز دراسات ما بعد الصناعية، في مقال في صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية أن الحرب في أوكرانيا غيرت بشكل كبير في بنى الطاقة الأوروبية.

 فالعقوبات الأوروبية، مثلما هي ردود فعل روسيا، دمرت عمليا شراكة طاقة بدأت منذ السبعينيات واجتازت الحرب الباردة.

لكن بينما باتت أوروبا أكثر تعلقا بتوريد الغاز من النرويج، وليبيا، وقطر والولايات المتحدة، فإن لاعبا جديدا لم يؤخذ بالحسبان يصعد في هوامشها؛ تركيا، بحسب اينوزمسب، الذي يرى أن الرئيس أردوغان يتطلع الآن لأن يحصل لدولته على مكانة خاصة كمن توحد مسارات التوريد التي تربط أوروبا مع منتجي الغاز الجدد والقدامى على حد سواء.

"يرقص في عرسين"
ويصف اينوزمسب الرئيس أردوغان كمن يرقص في عرسين ويقول إنه من جهة، يدير علاقات حب وكراهية مع موسكو، سواء كحليف لروسيا أم لأوكرانيا: فهو ينظم "اتفاقات القمح"، ويوفر القناة الأكبر للاستيراد غير المسموح به من المنتجات الغربية. ومن جهة فإن الربح الأكبر الذي يمكن أن يجنيه هو بناء المربض عظيم الحجم للغاز الطبيعي في القسم الأوروبي من تركيا؛ منه، الغاز الروسي الذي يضخ في أنابيب "BlueStreem" و"TurkStreem" مثلما من أنبوب إضافي يوجد قيد التخطيط، سينقل إلى أوروبا الجنوبية وكذا إلى النمسا وألمانيا.

ويؤكد أنه في أثناء الزيارة الأخيرة إلى تركيا التي قام بها مدير عام "غازفروم" الكيسيه ميلر، قيس حجم استيعاب الأنبوب بـ 60 مليار متر مكعب في السنة.

هذا يعني أنه من حيث الطاقة الكامنة، فإن حجم الغاز الذي يمر عبر تركيا كفيل بأن يصل إلى 115 مليار متر مكعب في السنة.

عندما نأخذ بالحسبان تطلع تركيا لأن تصبح إحدى المشترين الأكبر للنفط الروسي لأجل أن تبيعه لأوروبا كمنتجات نفط، لا تقع تحت العقوبات فإن أردوغان كفيل بأن يصبح الوكيل الرئيس لمقدرات الطاقة الروسية في السنة القادمة (بالطبع إذا ما فاز في الانتخابات للرئاسة).

هذا يعني أن "لعبة الطاقة" الجريئة التي اتخذها بوتين في أوروبا لم تسفر عن هزيمته فقط، بل وأيضا عن انتصار لأردوغان. هذا النصر يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع دراماتيكي في نفوذ تركيا الجغرافي السياسي، وفق اينوزمسب.

الورقة القبرصية
يزعم اينوزمسب أن أنقرة تقف خلف فشل "حلف الغاز الثلاثي" الذي اقترحه بوتين على كازخستان وأذربيجان.

ويعتقد أنه في ظل الشراكة مع أذربيجان وجورجيا، تتطلع تركيا إلى زيادة قدرة المسارات عابرة القوقاز، بينما روسيا تبتز منتجات النفط الكازخستانية من خلال إغلاقات تعسفية للأنبوب في بحر قزوين الذي يسمح للشركات الكازخستانية أن تضخ إنتاجها إلى الميناء الروسي نوفوروسلساك في البحر الأسود.

كما تعول السلطات التركية على مرابض النفط والغاز المحتملة أمام شواطئها الجنوبية (مؤخرا فقط اكتشف هناك مربض جديد) وأمام الشاطئ الشمالي لقبرص حيث تحاول أنقرة بدء التنقيب منذ 2019.



يقول اينوزمسب إن أنقرة تتطلع لأن تعمل مع إسرائيل ولبنان في إنتاج الغاز الطبيعي من الحقول الكبرى أمام الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط إلى أوروبا، وذلك بعد تطوير علاقتها بتل أبيب ولقاء أردوغان ورئيس الوزراء في حينه يائير لبيد في أيلول/ سبتمبر في نيويورك.

الحقيقة هي أنه يحتمل ألا تتحقق تطلعات تركيا، لكن يبدو أن أنقرة تراهن على الجهد لأن تتحول إلى موردة غاز كبرى إلى أوروبا.

إذا حصل هذا سيعود الاتحاد الأوروبي لأن يتلقى توريد الغاز من "الجار القريب" بينما المنتجون الأمريكيون والشرق الأوسطيون يتوجهون إلى أمم آسيا وإلى طوق المحيط الهادئ.

ويختم مقاله بالقول إنه بينما تبدو روسيا كقوة متآكلة، مهانة بإخفاقاتها في أوكرانيا، تصعد تركيا سواء كزعيمة للعالم الإسلامي أم كقوة في الشرق الأوسط.