انطلقت في الجزائر اليوم فعاليات الملتقى الدولي حول فكر العلامة الجزائري
الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي، الذي اتخذ هذا العام عنوان "الحوكمة
واستقرار المجتمعات الأفريقية ووحدتها".
ويشارك في الملتقى الذي يرعاه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أساتذة
جامعيون وباحثون مختصون في مجال التراث الإسلامي من أكثر من 20 دولة منها نيجيريا،
مالي، فلسطين، السنغال، بوركينافاسو، باكستان، الهند والعراق.
وقد شدّد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في رسالة إلى الملتقى تلاها
وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، على أنّ الجزائر الجديدة تدرك أنّ
البعد الأفريقي يبقى خيارًا استراتيجيًا هامًا، وأكّد أن الجزائر التي خدمت أفريقيا في ماضي عهدها، ستواصل المسيرة في حاضرها ومستقبلها، مستلهمة كل ذلك من
أمجاد أسلافها.
وأضاف: "إنّ الجزائر الجديدة تدرك أنّ البعد الأفريقي يبقى
خيارًا استراتيجيًا هامًا يمكّن شعوبنا من تحقيق طموحاتنا المنشودة بتعزيز العمل
الدبلوماسي والسياحة الدينية والاستفادة من عمق الطرق الصوفية وامتدادها في أفريقيا، وهو ما يؤدي إلى تحقيق الانسجام في المواقف السياسية وتفعيل التعاون
الاقتصادي وترقية التبادل العلمي والثقافي وإرساء الاستقرار والأمن والسلم في
العالم".
وأبرز الرئيس تبون أنّ مشروع المغيلي متعدد الجوانب انبنى على
الوسطية في مواجهة الغلوّ والتطرف، كما تمكّن المغيلي من الاستثمار في البعد
الأفريقي.
ونوّه بمآثر العلاّمة الإمام المغيلي الشخصية العلمية البارزة الذي
ترك الكثير، ونهض بأدوار دعوية واجتماعية واقتصادية وسياسية خلال القرن الخامس عشر
الميلادي في أفريقيا.
وأشار إلى أنّ المغيلي بعدما نهل من الشيخين الثعالبي والسنوسي، نشر
تعاليم الإسلام في القارة السمراء على منوال ما قام به الشيخان التيجاني والأخضري
في مالي والنيجر وغانا والتشاد وغيرها.
وأضاف: "أسهم المغيلي في ازدهار الفقه والتصوف واللغة العربية،
كما امتدّ المشروع الإصلاحي المتكامل للمغيلي إلى الحوكمة الراشدة، وكانت له آثار
اقتصادية واجتماعية في سوق سيدي يوسف، على نحو ربط إقليم توات بكثير من الأقاليم
والبلدان".
ويناقش المشاركون في هذا الملتقى الدولي على مدار يومين الجوانب
الفكرية والسياسية والعلمية للشيخ الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني
(1425 ـ 1504) وهو أحد كبار العلماء الجزائريين في القرن الـ 15 ميلادي والمكانة
المرموقة التي كان يحظى بها داخل الوطن وخارجه في تلك الفترة خصوصا ببعض بلدان
القارة الأفريقية مثل مالي والنيجر ونيجيريا وبعض مواقفه التاريخية الشجاعة تجاه
قضايا مهمة برؤيته الإصلاحية الوسطية.
ووفق تقرير لوكالة الأنباء الجزائرية، فإن المداخلات المبرمجة خلال
الملتقى العلمي ستبحث عدة محاور على غرار "الإمام محمد بن عبد الكريم
المغيلي: السيرة والمسيرة"، "البعد الإصلاحي التحرري في الفكر المغيلي
وامتداداته الإقليمية والدولية"، "الفكر السياسي لدى الإمام المغيلي:
مشروع رائد في بناء الدولة وإرساء لأولى ركائز الحكم الراشد"، "مقاربة
المغيلي للوحدة والسلام في أفريقيا رسائل هادفة ونصائح خيرة في خدمة الإنسانية" .
للتذكير فإن الإمام المغيلي الذي ولد بتلمسان أواخر القرن الـ 14
ميلادي قد درس ببجاية ثم بمدينة الجزائر حيث أخذ العلم عن عبد الرحمن الثعالبي
الذي كلفه بنشر الطريقة القادرية بجنوب بلدان المغرب العربي، وبعد جولة كبيرة عبر
منطقة الساحل وافته المنية في 1504 بمدينة أدرار ودفن بزاوية كونتة تاركا وراءه
أكثر من 24 مؤلفا ورسالة.
وتتنافس المغرب والجزائر في إطار تأكيد حضورهما في الساحة الأفريقية،
ليس فقط في مؤسسات الاتحاد الأفريقي، وإنما أيضا حتى في المجال الديني عموما
والصوفي منه على وجه الخصوص.
ينبوع الغواية الفكرية.. تحليل لأسباب الانحرافات العقائدية والثقافية
جدلية الدين والواقع.. أيهما يستمد معياريته من الآخر؟
مخبر علمي بتونس عن "الظاهرة الدينية" في الإسلام والديانات الأخرى