تواصلت المظاهرات في
الصين احتجاجا على القيود الصحية التي تفرضها الحكومة ضد انتشار فيروس
كورونا، في الوقت الذي دعت فيه السلطات إلى "القمع" لاحتواء المطالبة بهامش حريات أكبر.
وأتت
الاحتجاجات جراء قيود صحية صارمة جدا مفروضة منذ ثلاث سنوات تقريبا في إطار مكافحة كورونا، وعلى خلفية استياء شعبي حيال النظام السياسي الصيني بعد شهر على التجديد لشي جيبينغ لولاية ثالثة غير مسبوقة على رأس الدولة.
في بكين وشنغهاي و ووهان وكانتون ومدن أخرى في البلاد اندلعت التظاهرات خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما باغت المنظومة الأمنية الصينية التي تمكنت بعد ذلك من اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أي تجمع جديد.
رغم ذلك فقدإ اندلعت مواجهات جديدة الأربعاء بين متظاهرين وعناصر من الشرطة في غوانغتشو (جنوبا) على ما أفاد به شهود ومقاطع فيديو نشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
في المقابل، ألغت عدة مناطق في غوانغتشو القيود عن بعض أو جميع الأحياء المغلقة بعد ظهر الأربعاء، بحسب إعلانات حكومية.
"مؤشر ضعف"
ولدى سؤاله خلال مقابلة مع "إن بي سي نيوز" عن الاحتجاجات، رد وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن بالقول إن "الناس في كل البلدان لديهم الحق في "التعبير عن استيائهم" عبر التظاهر بشكل سلمي.
وأضاف: "في أي بلد حيث يحدث ذلك ونرى الحكومة تقوم بتحرّك قمعي واسع لمنعه، لا يعد الأمر مؤشر قوة، بل مؤشر ضعف".
وما أشعل شرارة هذه الاحتجاجات في أرجاء البلاد، حريق اندلع في مبنى في أورومتشي عاصمة مقاطعة شينجيانغ في شمال غرب البلاد، أسفر عن سقوط عشرة قتلى، يُعتقد أن إجراءات كورونا حالت دون إنقاذهم.
وحمل رواد الإنترنت القيود الصحية المعمول بها في هذه المدينة مسؤولية عدم وصول فرق الإنقاذ بسرعة الأمر الذي نفته السلطات.
وكانت لجنة الشؤون السياسية والقانونية المركزية التابعة للحزب الشيوعي الحاكم، أعلى هيئة أمينة والتي تشرف على تطبيق القوانين المحلية في الصين، أكدت أنه "من الضروري اتخاذ إجراءات قمعية ضد نشاطات التسلل والتخريب التي تقوم بها قوى معادية (..) وإجراءات صارمة ضد الأفعال الإجرامية غير القانونية التي تعطل النظام الاجتماعي، طبقا للقانون، وتحمي بشكل جدي الاستقرار الاجتماعي العام".
"تعديل تدريجي"
إلى ذلك اعتبر متحدّث باسم صندوق النقد الدولي الأربعاء أنّه بإمكان الصين تعديل سياسة "صفر كورونا" التي تنتهجها لمكافحة الجائحة في وقت تلقي فيه القيود والإغلاقات بثقلها على النشاط الاقتصادي وتثير تظاهرات لم تشهدها البلاد منذ عام 1989.
وقال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي في رسالة: "من الممكن إجراء تعديل تدريجي وآمن لاستراتيجية كورونا" في الصين.
وأضاف أنّ "كورونا والقيود المرتبطة به صعبة على الناس (...) هذا هو الحال في كل مكان، وهو أصعب في الصين بسبب سياسة +صفر كوفيد+".
وفي وقت سابق، حذرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا من أنّ سياسة الصين غير المرنة لمكافحة كوروناقد تدفع المنظمة إلى خفض توقعاتها للنمو في البلاد.
وأوضح المتحدث باسم صندوق النقد الدولي أنّ "إجراءات الإغلاق التي أعقبت الموجات المختلفة في شنغهاي وأماكن أخرى في بداية هذا العام أضعفت النشاط الاقتصاد الوطني" و"أدّت إلى تداعيات إقليمية وعالمية بسبب اضطرابات سلاسل التوريد".
لكنّه أقرّ بأنّ "السلطات جعلت مذاك سياسات الإغلاق أكثر مرونة وأكثر توجيها".
تسلسل الأحداث
ظهر فيروس كورونا في الصين نهاية عام 2019 لتفرض الجمهورية الشعبية قيود وقائية صارمة، لكنها لم تسعفها في إيقاف موجة تلك الإصابات.
وفي 31 كانون الثاني/ يناير 2020، تصاعدت إجراء الصين بعد تسجيل ارتفاع كبير في عدد الإصابات بكورونا، مقابل مطالبة الأمم المتحدة بقيود تمنع انتقال الفيروس من الصين إلى حيث لا يوجد نظام رعاية صحية قوي.
وبدأت الصين بتصنيع لقاح "سينوفارم" المضاد لكورونا في أواخر عام 2020، لكن هذا اللقاح فشل في تحصين الشعب واعتبر أقل كفاءة من اللقاحات العالمية الأخرى.
وأمام ضعف فعالية اللقاح الصيني، عادت السلطات في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2022 لتشديد القيود في ظل اتساع تفشي المرض في إحباط لآمال سابقة على إنعاش الطلب على النفط.
وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، خفّضت الصين مستوى القيود رغم تزايد الإصابات في خطوة اعتبرت استرضاء للجمهور، مع استمرار الاحتجاجات منذ الحريق الذي أسفر عن سقوط عشرة قتلى.