اتخذت القوات التركية إجراءات لإجبار "هيئة تحرير الشام" على الانسحاب من منطقة عفرين شمال غرب سوريا، بعد سيطرتها على البلدة الخاضعة لمنطقة "غصن الزيتون".
ومع إرسال القوات التركية تعزيزات إضافية إلى الشمال السوري، توقفت الاشتباكات وغادرت عناصر هيئة تحرير الشام المنطقة وعادت إلى إدلب في اتفاق تم التوصل إليه.
وأمام هذه التطورات، اتهم المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، تركيا بأنها تسعى لتحويل هيئة تحرير الشام في إدلب، إلى "معارضة معتدلة".
وقال في مقابلة مع صحيفة "الوطن" الموالية للنظام السوري، إن "تركيا لم تنفذ كامل التزاماتها في الاتفاقيات التي وقعت عليها في موسكو بآذار/ مارس 2020"، وأن هناك محاولات تركية لتحويل "هيئة تحرير الشام" إلى "معارضة معتدلة"، مضيفا أن "تركيا تتمتع بدعم من بعض الدول الغربية للمضي في هذه المحاولات".
اتهامات لتركيا غير صحيحة
صحيفة "آيدنليك" التركية، قالت إن تركيا واجهت من جديد اتهامات بـ"التعاون والتغاضي وإفساح المجال" لمسلحي هيئة تحرير الشام المصنفة على قوائم الإرهاب.
اقرأ أيضا: روسيا: سعي تركي لتحويل "تحرير الشام" لمعارضة معتدلة
وتابعت بأن تركيا واجهت اتهامات غير صحيحة بأنها أفسحت المجال لهيئة تحرير الشام، مشيرة إلى أن الجيش التركي تدخل ميدانيا وأوقف تقدمها في منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون، ووقفت حاجزا بين ريف حلب وإدلب غبر إرسال شحنات إضافية إلى المنطقة.
اعتقال أشخاص على صلة بهيئة تحرير الشام
والاثنين، أصدرت السلطات التركية في أنقرة مذكرة اعتقال 11 شخصا بتهمة الانتماء لهيئة تحرير الشام في عملية متزامنة، تم اعتقال تسعة منهم ويجري البحث عن اثنين آخرين.
وخلال العملية ضبطت الجهات الأمنية عددا من الوثائق التنظيمية والمواد الرقمية، فيما قالت النيابة العامة إن المتهمين على صلة بمناطق النزاع.
ورأت الصحيفة التركية أن اتفاق 5 آذار/ مارس 2020 بين روسيا وتركيا في موسكو يعد إحدى الضربات الكبرى التي توجهها أنقرة لهيئة تحرير الشام، حيث إنه شكل ضربة كبيرة للقدرات اللوجستية للهيئة.
وتابعت بأن تركيا وجهت ضربة لتجارة هيئة تحرير الشام، وأعاقت الشحنات من سيلفيغوزو (معبر باب الهوى)، وحولت حركة التجارة عبر معبر "أونجو بينار"، ما أثر على تجارة الهيئة التي تقدمت مؤخرا إلى إعزاز.
ويعتبر معبر باب الهوى الحدودي، الذي تسيطر عليه هيئة تحرير الشام العنصر الأكثر استراتيجية في الإمبراطورية المالية للمنظمة.
اقرأ أيضا: ما مخاطر دخول "تحرير الشام" لمناطق العمليات التركية بسوريا؟
وبعد استيلاء المنظمة في جزيران/ يونيو على البوابة وهي أهم معبر إنساني وتجاري مع تركيا، فقد قررت أنقرة تقييد مرور السلع، واكتفت بإدخال المساعدات الإنسانية، ومنذ ذلك الوقت تجري مراقبة بالطائرات المسيرة مع عمليات تفتيش شاملة للمنتجات غير الغذائية.
نقاط عسكرية تركية لوقف تحركات هيئة تحرير الشام
الكاتب التركي سادات أرغين، في تقرير على صحيفة "حرييت"، ذكر أن القوات التركية أقامت نقطتي مراقبة عسكريتين في المنطقة من أجل تعزيز سيطرتها على الخط الحدودي بين إدلب ومنطقة غصن الزيتون ووقف تحركات هيئة تحرير الشام على هذا الخط.
وفي تعليقه على اعتقال السلطات التركية لأشخاص بتهمة الانتماء لهيئة تحرير الشام، رأى الكاتب التركي أنه لا ينبغي فصل هذا التطور مع التطورات الأخيرة في شمال سوريا، ويشير ذلك إلى أن أنقرة بدأت بزيادة الضغط على الهيئة ليس فقط في الميدان السوري بل أيضا داخل تركيا.
وأشار إلى أن تعامل مكتب المدعي العام مع هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية يتماشى أيضا مع التزامات تركيا الدولية. فقد تم إدراج المنظمة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية بقرار رئاسي وقعه الرئيس أردوغان في 31 كانون الثاني/ يناير 2018.
لماذا سعت هيئة تحرير الشام لتوسيع نفوذها؟.. 3 عوامل
الخبير التركي سرحات إركمين، أرجع التطورات الأخيرة إلى عوامل عدة؛ أولها "الصراع اللامتناهي على السلطة داحل الجيش الوطني السوري".
وأوضح الأكاديمي التركي، أن الجيش الوطني السوري يضم العديد من الجماعات المختلفة عن بعضها ولديها مطامع قيادية ونزاعات قبلية واختلافات اقتصادية واجتماعية، وعداوات ناشئة عن تقاسم "الغنائم" منذ سنوات، لكن النقطة المشتركة الوحيدة بينها هي معارضة نظام الأسد.
وأضاف أنه منذ العام 2018 بذلت محاولات عدة لإعادة تنظيم الجيش الحر في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ثم نبع السلام في 2019 وجمعهم تحت سقف واحد، وكان إطلاق اسم "الجيش الوطني السوري" المعارض نتيجة لهذه المبادرات، ولكن رغم ذلك فلا تزال هذه المجموعات غير قادرة على تطوير تنظيم عسكري موجه نحو هدف واحد.
العامل الثاني كما يرى الأكاديمي التركي، يكمن في أن هيئة تحرير الشام تشعر بأنها مضطرة للتوسع والسيطرة على المزيد من المناطق من أجل الحفاظ على بقائها.. واقتصاديا هي بحاجة للسيطرة على مناطق مثل عفرين والأعزاز والباب.
اقرأ أيضا: "تحرير الشام" تتقدم في مناطق عمليات تركيا شمال سوريا
وأوضح أن إدلب منطقة لا توجد فيها موارد طبيعية، والإنتاج الزراعي غير كاف، والإنتاج الصناعي يكاد يكون صفرا، وهي بحاجة للسيطرة على طرق التجارة لتغطية الأجور والمعدات والنفقات الأخرى لعشرات الآلاف من المسلحين، ويعد باب الهوى غير كاف، لذلك فهي حاولت فتح معبر حدودي مع نظام الأسد، ولكن بسبب ردود الفعل المحلية والموقف الروسي فإنها لم تستطع تحقيق هذا الهدف، ولهذا فإن الهيئة بحاجة للسيطرة على بوابات أخرى تعد شريان حياة اقتصاديا مثل عفرين وإعزاز والباب، وهي أغنى بكثير من إدلب من أجل البقاء اقتصاديا.
ويتعلق العامل الثالث، في تقليص روسيا تواجدها العسكري في سوريا بسبب الحرب بأوكرانيا، وقد شعرت هيئة تحرير الشام أيضا بالقدرة على إظهار القوة في محيطها.
إدلب محل خلاف روسي-تركي
ولفت إركمين إلى أنه رغم التوافق الروسي-التركي في بعض القضايا، إلا أن الخلافات ما زالت مستمرة في بعضها لاسيما بشأن إدلب، حيث تعتقد أنقرة أنه إذا دخلت قوات النظام إليها فهذا يعني أن موجة هجرة ستبدأ لثلاثة ملايين شخص، لذلك فهي تفضل استمرار الوضع الراهن على حاله.
ومع ذلك، فإنه بالنسبة لروسيا ونظام الأسد، فإن السيطرة على الجزء الجنوبي من إدلب على الأقل لها أهمية استراتيجية لكل من حلب واللاذقية.
وأكد أن أهم ورقة رابحة لروسيا هي وجود هيئة تحرير الشام في إدلب. وطالما بقيت الهيئة فإن إدلب تبقى هدفا روسيّا.
ورأى أن الصيغة الوحيدة التي يمكن أن تنقذ هيئة تحرير الشام هي تغيير اسمها، وتحويل وجهتها إلى الشمال والشرق إلى مناطق لا تعطيها دمشق وموسكو أهمية من الدرجة الأولى.
"تايفون".. صاروخ باليستي تركي "سري" يثير قلق اليونان
وزير جيش الاحتلال يزور تركيا الأربعاء المقبل لأول مرة منذ 2012
تركيا تنفي استخدام أسلحة كيميائية ضد "العمال الكردستاني"