أكدت والدة مهاجم الروائي سلمان رشدي، أن ابنها أصبح مزاجيا وانطوائيا بعد زيارة للشرق الأوسط في عام 2018، حيث عزل نفسه في الطابق الأرضي ببيت العائلة في فيرفيو في نيوجيرزي.
وقالت سيلفانا فردوس، والدة هادي مطر، في مقابلة مع صحيفة "ميل أونلاين" الأمريكية، أجراها بن أشفورد، إنها توقعت أن يكون ابنها "مندفعا" ونشيطا بعد عودته من الرحلة، لكنه عاد بمزاج انطوائي، وكان يغلق الباب على نفسه رافضا الحديث مع عائلته لأشهر.
ولم تعرف فردوس عن محاولة الطعن لرشدي إلا عندما داهم "أف بي آي" بيت العائلة، مساء الجمعة، وفقا للصحيفة.
وقالت سيلفانا: "تلقيت مكالمة من ابنتي عندما كنت في العمل وقالت لي إن (أف بي آي) في البيت، حينها صدمت".
ومنذ صدور رواية "آيات شيطانية" عام 1988، التي سخر فيها رشدي من الإسلام، وإصدار آية الله الخميني فتوى بقتله عام 1989، فقد باتت حياة رشدي في خطر، حيث قضى 10 أعوام مختبئا وبحراسة دائمة له من الشرطة البريطانية، بحسب الصحيفة.
وقالت سيلفانا التي ولدت في لبنان، إنها لا تعرف ما إذا كان ابنها قد قرأ روايات رشدي أم لا، لكنها لاحظت تدينه منذ رحلته السابقة وقد وجه لها انتقادات لأنها لم تربّه على الالتزام الديني.
وقالت: "لا أصدق أنه قادر على القيام بأمر كهذا، لقد كان هادئا ومحبوبا من الجميع. وكما قلت لـ أف بي آي، إنني لن أزعج نفسي بالحديث إليه مرة أخرى، فهو مسؤول عن أفعاله".
وأضافت: "لدي بنتان قاصرتان وأريد العناية بهما، وكل ما نريده هو محاولة الانتقال من هنا بدونه".
وتابعت: "دعني أقول الحقيقة، لم أسمع أبدا بهذا الكاتب ولم أقرأ أيا من كتبه، ولا أعرف أن كاتبا بهذا الاسم موجود، ولا أعرف ما إن كان ابني قد قرأ أيا من كتبه".
وولد هادي مطر في الولايات المتحدة لوالدين لبنانيين هاجرا من بلدة يارون في جنوب لبنان، وهي تعتبر معقل حزب الله الذي تدعمه إيران.
ونشأ في أمريكا، ودرس في مدرس كوداهي في كاليفورنيا قبل أن تُطلق والدته من والده حسن مطر في عام 2004، وعاد زوجها السابق إلى الشرق الأوسط، وانتقلت إلى نيوجيرزي بحثا عن بداية جديدة.
وفي تلك الرحلة التي قام بها عام 2018 لزيارة والده تحول من الابن المحبوب إلى المزاجي والانطوائي.
وقالت: "في الساعة الأولى التي وصل فيها إلى هناك اتصل بي وقال إنه يريد العودة، ولكنه بقي 28 يوما، لكن العلاقة مع والده لم تكن جيدة حيث إنه شعر بالوحدة وتوقعت عودته مندفعا لإنهاء دراسته والحصول على شهادته والعمل".
وأوضحت: "لقد أغلق الباب على نفسه في الطابق الأرضي ولم يتحدث معي أو مع شقيقتيه لأشهر.. ولا أستطيع إخبارك أي شيء عن حياته بعد ذلك لأنه كان منعزلا عني منذ عام 2018، وعندما أقترب منه لتحيته يقول لي مرحبا، وفي بعض الأحيان كان يتجاهلني ويمضي".
وزادت: "كان ينام في النهار ويستيقظ ويأكل في الليل، وكان يعيش في طابق التسوية ويطبخ طعامه بنفسه".
ولاحظت سيلفانا أن ابنها أصبح متدينا وكان ينتقدها لعدم غرس التدين فيه وتدريسه الدين الإسلامي، كما أنه منعها من الدخول إلى عالمه الأرضي الواقع تحت بيت مكون من أربعة غرف سعره 700 ألف دولار تعيش فيه مع شقيقتيه التوأم وعمرهما 14 عاما، وفقا للصحيفة الأمريكية.
وأضافت: "جادلني مرة وسألني عن سبب تركيزي على التعليم وعدم التركيز على الدين، وكان غاضبا لعدم تعليمه الإسلام وهو صغير".
وقالت: "أنا لبنانية وأعيش هنا منذ 26 عاما وأعيش حياة بسيطة وأنا أم وحيدة، أحاول الحفاظ على سقف فوق رؤوسنا وطعام على الطاولة للأطفال ولا أهتم بالسياسة ولست متدينة، أنا مسلمة ولكن هذا كل ما في الأمر، ولا أدفع أولادي نحو الدين أو أفرض شيئا على ابني. ولا أعرف أحدا في إيران وكل عائلتي هنا".
اقرأ أيضا: طعن الكاتب المثير للجدل سلمان رشدي في نيويورك (شاهد)
والجمعة، هجم مطر على مسرح في نيويورك، كان معدا لكلمة يلقيها رشدي ضمن مهرجان أدبي، حيث طعن المؤلف الحائز على جائزة بوكر عدة مرات قبل أن يتم اعتقاله.
ونقل رشدي بالطائرة إلى المستشفى وزود بالتنفس الاصطناعي قبل أن يزال عنه ويتحدث مع وكيله الأدبي.
ويعتقد أن مطر كان يستخدم رخصة قيادة مزورة باسم حسن مغنية قبل أن يقوم بعملية الاغتيال الفاشلة، وقد جمع بين اسمي حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله وعماد مغنية القيادي العسكري المعروف.
ورغم تحمسه الديني إلا أنه لم يغير شكله، حيث إنه يلبس ملابسه بطريقة مختلفة، ما دفع أمه للتعبير عن أملها في أن هذه مرحلة في حياته.
وقالت أمه التي تعمل مساعدة تدريس ومترجمة للعربية في مدرسة عليا: "كنت أشجعه على الدراسة والعمل، وحصل على عمل قبل عدة أشهر في مارشالز".
كما أنه أخبرها بأنه سيعود إلى المدرسة في أيلول/ سبتمبر لمواصلة تعليمه في أمن السايبر، وحينها "شعرت أنه كان يعاني من كآبة طويلة وأن الوقت قد حان لتعافيه والعودة للحياة وعائلته"، على حد تعبيرها.
وتابعت بتأثر: "لم أشاهد الفيديو ولا أريد مشاهدته، كل ما أعرفه أن هذا هو القدر".
وختمت: "طلب مني أف بي آي التوقيع على وثيقة أنهم أخذوا جهاز كمبيوتر وبلاي ستيشن وبعض الكتب ومواد أخرى بما فيها سكاكين.. آسفة لما حدث لرشدي وآمل أن يتعافى.. لكنني لا أستطيع القول أو فعل أكثر من هذا لأن هذه ليست فعلتي".
أهالي يارون.. صمت مطبق
وفي السياق، أكد مراسل صحيفة "الغارديان" في الشرق الأوسط، مارتن شولوف، أن بلدة يارون جنوب لبنان التزمت الصمت حول هادي مطر.
وقالت الصحيفة إن البلدة التي ترعرع فيها والدا مهاجم سلمان رشدي هي "مكان معاد" تنتشر فيه الرموز الشيعية بين القصور والبيوت التي ثقبها الرصاص والناس القلقين الذين لا يرحبون بالزوار.
وتقع يارون في مركز الحرب اللبنانية التي مضى عليها أكثر من أربعة عقود مع إسرائيل، حيث لعبت تلالها ووديانها دورا مهما في الكثير من المعارك، وتنتشر صور شهدائها في معظم شوارعها إلى جانب العلم الأصفر الدائم الحضور، لحزب الله.
وقال شولوف إن والدي مطر وعائلته الممتدة تعيش وسط حي راق، لكنه محافظ جدا، حيث تطل القصور التي بنيت حديثا من قمم التلال، بينما بدت الشوارع نظيفة وعمال الطرق منشغلون بأعمال الصيانة، وهو أمر نادر في بلد يعاني انهيارا اقتصاديا.
لكن يارون تعتني بنفسها، وهو ما فعلته عندما زارت "الغارديان" مكتب رئيس البلدية في مركز البلدة، حيث قال: "لا أريد الحديث في هذا الموضوع"، في إشارة إلى عائلة مطر.
وقال مساعد لرئيس البلدية قبل زيارة الصحيفة يوم الاثنين: "طلبت مني (أم مطر) عدم التحدث للإعلام وإبعاد الصحافيين" عن يارون.
وبحسب الغارديان، فإنه سواء لعب حزب الله دورا في توجيه مطر لعملية الطعن أو أن الفتوى التي أعلنها آية الله الخميني قبل 33 عاما كانت دافعا له، فإن الإعلام المؤيد للدولة في إيران نفى يوم الاثنين أي دور للدولة في المحاولة الأخيرة، لكنه أكد أن رشدي يستأهل ما حدث له بسبب كتابه "آيات شيطانية"، والذي وصف فيه الرسول وعائلته بعبارات مشينة وتكفيرية.
ولفتت الصحيفة إلى أن إعلام حزب الله لم يوفر جهده في وصف الهجوم بأنه "طعنة بالرقبة" أو "انتقام الله".
NYT: ما الذي أخطأت في فهمه الولايات المتحدة بشأن إيران؟
مدير CIA: روسيا تسعى لشراء مسيرات إيرانية مسلحة.. وهذا مقلق
صحيفة: على أمريكا نسيان الاتفاق النووي مع إيران ودفنه