لا
يزال قصر معاشيق في العاصمة السياسية اليمنية المؤقتة عدن؛ يخضع حتى اللحظة لحصار
تفرضه قوات عسكرية وأمنية تشكلت وفق عقيدة انفصالية، واستناداً إلى توجيهات تصدر
عن المجلس الانتقالي الجنوبي تتحكم هذه القوات بالداخل إلى هذا القصر وتحدد قواعد
السلوك فيه، إلى الحد الذي تستطيع معه أن تفسد حفلة بسيطة في ذكرى تأسيس الجمهورية
اليمنية، وبوسعها أن تتحكم بالمنتج السياسي السيئ الذي سيصدره هذا القصر إلى
اليمنيين.
ففي
ظل ظروف الحصار المفروضة على المقر الرئاسي، يعكف رئيس مجلس القيادة الرئاسي
الدكتور رشاد العليمي، ومعه عدد من أعضاء المجلس ومنهم عيدروس الزُّبيدي صاحب
النفوذ الحقيقي العسكري والأمني في عدن، على وضع اللمسات الأخيرة لتعديلات في بنية
الحكومة وتغييرات في المناصب القيادية للدولة؛ بدأت بتغيير وزير الدفاع الذي يندرج
ضمن حصة الرئيس هادي، إلى جانب وزراء الداخلية والخارجية والمالية، حيث عهدت حقيبة
الدفاع لشخصية جنوبية توافقية هي الفريق محسن الداعري.
يعكف رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، ومعه عدد من أعضاء المجلس ومنهم عيدروس الزُّبيدي صاحب النفوذ الحقيقي العسكري والأمني في عدن، على وضع اللمسات الأخيرة لتعديلات في بنية الحكومة وتغييرات في المناصب القيادية للدولة؛ بدأت بتغيير وزير الدفاع الذي يندرج ضمن حصة الرئيس هادي
التغيير
شمل أيضاً وزراء النفط والمعادن، والكهرباء، والأشغال العامة، وذهبت حقيبتان منهما
لصالح المجلس الانتقالي، فيما يحتدم النقاش في القصر الرئاسي المحاصر حول بقية
المناصب السيادية من حصة الرئيس المعزول
عبد ربه منصور هادي. وهو أمر مثير
للاستغراب؛ لأنه يبدو وكأنه عملية تصفية شاملة للحساب مع الرئيس الذي أجبر على التنازل
عن السلطة لكنه لم يترك وزراء مرتبطين بسياساته أو مواقفه، فالرجل كان مطواعاً ومنقاداً
ومتآمراً في معظم سنوات حكمه التي أمضاها في الخارج.
وفي
الوقت نفسه، فإن الوزراء الذين طالهم وسيطالهم التغيير في إطار الحقائب الوزارية
السياسية الأربع المحسوبة على حصة الرئيس، لا يمثلون جزءا من مشروع الرئيس المعزول،
بقدر ما مثلوا حالة توافقية بين المشاريع السياسية المتضادة التي تتوزع بين التمسك
بالجمهورية ووحدة التراب الوطني، والدعوة إلى الانفصال، دون أن يعني ذلك أن هؤلاء
الوزراء يظهرون بقدر متساوي صلابة في الموقف حيال الثواب التي تتأسس عليها الدولة
اليمنية الراهنة.
يبدو
أن
التحالف وعبر الدور النشط للسفير السعودي محمد آل جابر، يركز على تمكين شخصيات
تدور في ولائها السياسي من مشروعين أساسيين؛ أحدهما المشروع الانفصالي الذي يمثله
المجلس الانتقالي الجنوبي، والآخر، يتمثل في محاولة تمكين الورثة السياسيين
والعسكريين للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بما يعنيه ذلك من إمكانية لإعادة
إنتاج التحالف السلطوي الجهوي الذي أسسه صالح بإشراف سعودي نهاية السبعينيات، بهدف
خلق معادلة سياسية وعسكرية تؤسس لصراع مع
الحوثيين يدور حول السلطة والنفوذ؛ أكثر
من كونه مواجهة وطنية تاريخية حاسمة مع الخطر الإمامي المدعوم من إيران.
التحالف وعبر الدور النشط للسفير السعودي محمد آل جابر، يركز على تميكن شخصيات تدور في ولائها السياسي مشروعين أساسيين؛ أحدهما المشروع الانفصالي الذي يمثله المجلس الانتقالي الجنوبي، والآخر، يتمثل في محاولة تميكن الورثة السياسيين والعسكريين للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بما يعنيه ذلك من إمكانية لإعادة إنتاج التحالف السلطوي الجهوي الذي أسسه صالح
وهذا
يدفعني إلى الاعتقاد الذي آمل أن أكون خاطئاً بشأنه، ومفاده أن التحالف لا يريد أن
يستكمل معركته العسكرية والسياسة الشاملة في اليمن خلف قيادة سياسية يثق بها، بقدر
ما يرغب في وضع حد لهذا الفصل الطويل من تدخله العسكري، في ظل مباركة دولية، ووفق
سيناريو يضفي على نهاية حربه في اليمن طابع الانتصار الأخلاقي وليس العسكري.
وهذا
الأمر يقتضي من التحالف مواصلة نهج الخديعة الاستراتيجية، الذي تحول بموجها من داعم
عسكري للشرعية إلى وصي سياسي مطلق عليها.
والمتوقع
وفقاً لما نراه اليوم هو أن يواصل التحالف، عبر مجلس القيادة الرئاسي، تغيير واجهة
الشرعية في كامل مناصبها المؤثرة، بما يخدم أهدافه في بناء تحالف سياسي جديد داخل
الشرعية، والدفع به نحو إنجاز صفقة سياسية تشرعن لمخطط تفكيك الدولة وتقاسم جغرافيتها
بين قوى الأمر الواقع، وإضفاء المشروعية على مخطط الهيمنة والنفوذ الخارجي على
مناطق جغرافية يمنية حاكمة استراتيجيا، وفي مقدمتها منطقة باب المندب ومحافظة
أرخبيل سقطرى ومحافظة المهرة.
هذا للأسف سيبقي معركة الاستنزاف بنفس وتيرتها المعتادة بين المتقاتلين، الأمر الذي يبقي معه الحسم العسكري في نطاق السيطرة، من حيث تعيين الطرف الذي سيؤول لصالحه هذا الحسم، لأن الأمر برمته سيكون مرتبطاً بالصفقة السياسية التي تحدثنا عنها ويهيئ لإنجازها التحالف عبر مجلس القيادة الرئاسي واللقاءات التشاورية السرية التي تجري في مسقط مع الحوثيين
وفيما
لم يتبق على نهاية الفترة الثانية من
الهدنة سوى يومين فقط، فإن المشهد اليمني قد
ينفتح على مرحلة جديدة من العنف، إذا نفذ الحوثيون تهديداتهم بعدم تجديدها. وهذا
يعني أنهم قد يستخدمون فائض القوة الذي توفر لديهم على مدى الأشهر الأربعة
الماضية، من ناتج التحشيد ونقل الأسلحة وتغذية الجبهات الرئيسية وتخزين الوقود لتشغيل
آلة الحرب، وتوفر المال من عائد بيع المشتقات النفطية.
لا
أتوقع إذا ما تجددت المعارك ردة فعل قوية من جانب
السلطة الشرعية؛ وهي بهذا القدر
من الإرباك وعدم التماس والتوافق الراسخ على مواجهة الحوثيين. والأمر في تقديري سيعتمد
بدرجة أساسية على الجهوزية الميدانية الذاتية للمدافعين عن معاقل الشرعية في كل من
مأرب وتعز والضالع، مع تدخل تكتيكي محتمل لطيران التحالف.
وهذا
للأسف سيبقي معركة الاستنزاف بنفس وتيرتها المعتادة بين المتقاتلين، الأمر الذي يبقي
معه الحسم العسكري في نطاق السيطرة، من حيث تعيين الطرف الذي سيؤول لصالحه هذا الحسم،
لأن الأمر برمته سيكون مرتبطاً بالصفقة السياسية التي تحدثنا عنها ويهيئ لإنجازها
التحالف عبر مجلس القيادة الرئاسي واللقاءات التشاورية السرية التي تجري في مسقط
مع الحوثيين بإشراف أممي وأمريكي.
twitter.com/yaseentamimi68