بدا الاحتلال الإسرائيلي من بين أكثر الجهات متابعة لحيثيات قمة طهران وتفاصيلها، التي جمعت قادة إيران وتركيا وروسيا.
وصحيح أنها شكلت بالنسبة لها "قمة المصالح" بين المشاركين فيها، لكن تزامنها مع المباحثات النووية الإيرانية من جهة، وصفقتهم مع الروس بشأن الطائرات بدون طيار، وتحرك الأتراك الوشيك في شمال شرق سوريا، يجعل ما بحثه الرؤساء الثلاثة خلف أبواب مغلقة شأنا إسرائيليا، كما أكده معلقون إسرائيليون.
وللاحتلال مع روسيا تفاهم خاص بشأن الهجمات الإسرائيلية في الأجواء السورية، مع عدم الإضرار بالقوات الروسية المنتشرة هناك، في حين ليس واضحا بعد للإسرائيليين ما الذي قاله الأتراك لمضيفيهم الإيرانيين بشأن عناصرهم الأمنيين الذين كانوا ينوون اختطاف إسرائيليين على أراضيهم، والقضاء عليهم.
اقرأ أيضا: قمة طهران: مواصلة التعاون للقضاء على "الإرهابيين" بسوريا
صحيح أن البيان الختامي الذي ألقاه القادة الثلاثة ربما تمت صياغته مسبقا، لكن لعل فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان لا يتطلعان للتوسط في المواقف المتعارضة بينهما.
وذكرت خبيرة الشؤون الشرق أوسطية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سمدار بيري، أن "انعقاد قمة طهران شكل محط اهتمام إسرائيلي، لأنها ترافقت مع إعلانات تركية متزايدة بشأن تنفيذ عمل عسكري مكثف ضد الأكراد في سوريا".
ولفتت إلى أنه "هذه المرة لن تقتصر العملية فقط على قوات برية، ولكن بشكل رئيسي طائرات مهاجمة من الجو، تمهيدا لطرد الأكراد من الجزء الشمالي الشرقي من سوريا، التي تشهد انتشارا روسيا مكثفا خاصة في الموانئ البحرية، أما الإيرانيون فيخططون لزيادة وجودهم بموافقة روسية لتحسين مواقعهم ضد إسرائيل".
وأضافت في مقال ترجمته "عربي21"، أن "ما يمنح قمة طهران أهمية استثنائية لدى الإسرائيليين أنها بحثت في الأساس الوضع داخل سوريا، جارتهم الشمالية، في حين أن الروس الغارقين في حرب أوكرانيا يسابقون الزمن للحصول على مئات الطائرات بدون طيار إيرانية الصنع لتوسيع ساحات القتال، أما الإيرانيون الذين يعانون من وضع اقتصادي سيئ للغاية، فيسعون للحصول على مساعدة اقتصادية من روسيا، في حين ستكون تركيا سعيدة بالانضمام للاتفاقيات الاقتصادية، وكل ذلك يحصل على مرأى ومسمع تل أبيب، دون أن تحرك ساكنا".
نير دفوري الخبير العسكري في "القناة 12"، أكد أن "قمة طهران كشفت عن حاجة الروس للإيرانيين، وهذا التبادل في المصالح قد يكون خطيراً على إسرائيل، خاصة أن بوتين سعى إلى طرق جديدة للرد على العقوبات الأمريكية، حتى وجد في إيران، الماهرة في توزيع أسلحة متطورة، مثل الطائرات بدون طيار، ضالته التي يبحث عنها، وهذه المسألة بالذات مثار خشية إسرائيلية لأنه قد يكون على حساب حرية عدوانها المتواصل في سوريا، فضلا عن زيادة إمداد إيران لحلفائها في المنطقة بتكنولوجيا هذه الطائرات".
اقرأ أيضا: هل تحول قمة طهران دون تنفيذ أنقرة عمليتها بسوريا؟
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "قمة طهران كشفت أن تركيا شاركت فيها كردّ فعل مضاد على جولة بايدن في المنطقة، وعدم زيارتها، وإقامة تحالف منبوذ يترك تأثيره على الشرق الأوسط، في حين أكدت القمة أن إيران تروج لدبلوماسيتها في المنطقة من خلال انتشار أسلحتها المتطورة، حيث ستقوم بتدريب القوات الروسية على استخدامها، أما روسيا فقد وجدت نفسها معتمدة على التجارة مع الهند والصين لمواجهة العقوبات الأمريكية، لكنها تبحث عن طرق جديدة من خلال التقارب مع إيران وتركيا".
ولا يخفي الإسرائيليون قلقهم من الجوانب الأمنية التي تطرقت اليها قمة طهران، وما زالت حبيسة الأدراج حتى الآن، لكن تقارب طهران وموسكو يشكل مصدر قلق إسرائيليا، لا سيما في ما يتعلق بمستقبل الصراع على سوريا، وفي الوقت ذاته العودة للاتفاق النووي، فضلا عما شهدته الأشهر الأخيرة من زيادة في حجم تعاونهما العسكري.
وترصد تل أبيب ما تقوم به البحرية الروسية من تأمين السفن الإيرانية في البحر المتوسط في طريقها إلى سوريا، والآن أضيف لذلك تطور ثقيل العيار تمثل بصفقة السلاح المهمة والخطيرة، خاصة بعدما واجهت الصناعة العسكرية في روسيا صعوبة في تطوير الطائرات بدون طيار كالتي تنتجها إسرائيل، وسبق لها أن لجأت إليها لتزويدها بها، دون جدوى، واليوم بعد أن حصلت موسكو على مرادها من طهران، فإن هذا تطور مقلق للغاية لإسرائيل.
يذكر أن قمة طهران تزامنت مع إرسال روسيا برسائل لضبط النفس إلى تل أبيب، خوفا من تصعيد سريع مع طهران في الساحة الشمالية، صحيح أنه على الأقل في الوقت الحالي، لا تزال موسكو تحد من تمركز إيران في سوريا، وتتيح لإسرائيل مساحة كبيرة للمناورة في المنطقة، لكن قمة طهران تعيد للأذهان هجوم الموساد ضد قاعدة عسكرية لإنتاج طائرات بدون طيار في مارس بمحافظة كرمنشاه شمال طهران.
ودمر حينها الموساد مائتي طائرة مسيرة خططت إيران لإرسالها لمبعوثيها في أنحاء الشرق الأوسط، بحسب الرواية الإسرائيلية.