صحافة دولية

الغارديان: مناخ بريطانيا يتداعى وستتحول إلى "حمام ساخن"

من المتوقع أن تصل درجة الحرارة اليوم في لندن إلى 40 درجة مئوية

نشرت صحيفة "الغارديان" مقال رأي قال فيه إن هناك حقيقة مخيفة عن ارتفاع معدلات الحرارة في أوروبا وبريطانيا التي ستصل فيها هذه الأيام إلى 40 درجة مئوية، وهو أعلى قياس مسجل في تاريخ البلد، بشكل دفع السلطات إلى رفع درجة الخطر إلى الأحمر في معظم مدن إنكلترا والمقاطعات الأخرى والأصفر في معظم البلاد.

وقال: "لا توجد طريقة للهروب، فمناخ بريطانيا الذي كان معتدلا يتداعى الآن، ونحن بالتأكيد نسير على طريق تحول بريطانيا إلى حمام ساخن والإشارات كلها حولنا".

وقبل ثلاثة أعوام فقط وصلت درجة الحرارة إلى 38.7 مئوية (101.7 فهرنهايت) في مدينة كامبريدج، ولم تسجل مثلها من قبل. وبعد عام، قدم علماء الأرصاد الجوية في مكتب الأرصاد البريطانية تصورا ساخرا بأن درجات الحرارة في بريطانيا ستصل إلى أعلى من 40 درجة مئوية في عام 2050. ولكن سرعة تحقق هذا يجعل من التصور المستقبلي حاضرا بيننا.

وقال إن تحذير مركز الأرصاد الجوية يوم الاثنين، هو أول تحذير أحمر (خطر) لإنكلترا، وهناك مخاطر من أن تؤثر الأجواء الحارة والقاسية على قدرة الإسعاف للرد على المتأثرين بالجو وضربات الشمس الواجب نقلها إلى غرف الطوارئ في المستشفيات، وهناك احتمال لحصول وفيات.

ويقول الأكاديمي: "هذه هي البداية، فعندما يصبح أطفالنا في عمرنا فسيحنون للجو "اللطيف/ البارد" كما في عام 2022، لأن درجات حرارة أعلى من 40 درجة مئوية لن تكون شيئا غريبا للكتابة عنها".

والحقيقة القاسية هي أن تجاهل كل الانكسارات في المناخ والتي ستنتشر في كل مكان لن يكون ممكنا من الناحية العملية. وحتى لو تم الالتزام بكل الوعود والتعهدات التي قدمت في قمة المناخ 26 بغلاسكو، فسنكون محظوظين لو ظللنا في مرحلة ارتفاع معدلات الحرارة بدرجتين، ولو تم اجتياز نقطة الانكسار وبدأت المعدلات بالارتفاع فإن الأرقام ستكون أعلى.

ومن هنا فقد أصبحت بريطانيا "الحمام الساخن" حقيقة، وكلما واجهنا هذه الحقيقة كان من الأحسن. و"يجب أن أكون واضحا فكلامي ليس لإثارة القلق ولا ما يقوله منكرو التغيرات المناخية "إباحية المناخ" بل هو تقرير للأمور كما هي".

 

اقرأ أيضا: فرنسا وبريطانيا تتوقعان درجات حرارة هي الأعلى بتاريخهما

وأضاف الأكاديمي أنه في العقود المقبلة ستكون مواسم الصيف حارة وتطول مدتها، وستتفوق على بقية الفصول وتقصر من موسم الشتاء الذي يستمر لأشهر تتخلله العواصف الضارة والفيضانات المدمرة.

ومن المفترض أن يكون الطقس الحار هو حال شهري تموز/ يوليو وآب/ أغسطس، وعندما تجعل معدلات الرطوبة العالية ودرجات الحرارة العالية الاستحمام بالشمس والعمل في الأماكن المفتوحة عملية غير مرغوبة بل ومميتة.

وقال إن البيوت المعزولة بشكل سيئ لن توفر إلا راحة قليلة وستتحول إلى مصائد حرارية تجعل من العيش فيها أمرا صعبا.

وسيصبح نصب الخيام في حديقة البيت أو الحدائق العامة أمرا عاديا، لأن الليالي الحارة تجعل من الصعوبة بمكان النوم في داخل البيوت.

وبالنتيجة سيهرب السكان من المدن لتجنب حر الجزيرة، وهو ما سيحولها إلى حمامات بخار (ساونا) لا تطاق. ومع تحول الهجرة إلى الشمال والتلال كما هو متوقع فستكون الظروف الباردة هي النقطة المتميزة في بيع العقارات. إلا أن تحول بريطانيا إلى حمام ساخن ليست عن حرارة الصيف التي لا تطاق. فالتقدم في الانكسارات المناخية سيؤثر على كل واحد وستدخل نفسها في كل مظاهر الحياة، من النقل إلى الطاقة التي ستخضع لهجوم الطقس القاسي، بشكل يجعل من الرحلة العادية والروتينية أمرا إشكاليا وانقطاع التيار الكهربائي أمرا يوميا. وستعاني الصحة الوطنية، وسيواجه عشرات الآلاف من الناس الضعاف والمعرضين للخطر من مشاكل زيادة معدلات الحرارة والرطوبة. وستنتشر حالات تسمم الطعام وتلوث المياه، وستجد الأوبئة التي تتوطن في المناطق الحارة مثل الملاريا وحمى الضنك موطئ قدم لها.

ومن المتوقع زيادة الإصابات النفسية نظرا لتحول ظروف الحياة إلى وضع يائس للكثيرين، وستظهر التوترات على الأفراد والعائلات.

وستلتقي مجموعة من العوامل المكونة من التصحر والأمطار الغزيرة والعواصف الهائجة والفيضانات والأوبئة التي تزدهر في الأماكن الحارة ويظهر أثرها على المحاصيل الزراعية، وتعني حروب المناخ أن وصول الإمدادات من الخارج أمرا غير يقيني. وقد شاهدنا ارتفاع الأسعار والفجوات في المتاجر نتيجة للحرب في أوكرانيا.

وسيحمل الانهيار المناخي ظروفا أسوأ. وتتوقع دراسة أن عام 2050 هو العام الذي يحتاج فيه العالم إلى مزيد من الطعام، وستنخفض المحاصيل بنسبة 30%. وليس هذا أكثر من كونه وصفة للجوع والاضطرابات الاجتماعية والنزاعات الأهلية ولن تكون بريطانيا محمية من كل هذا.

ويرى الكاتب أن الحرارة والجفاف ستكونان علامة حمام بريطانيا الساخن. وهذا لا يعني توقف المطر، ففي الصيف، ستكون الأمطار الغزيرة التي تغذيها العواصف شديدة بدرجة لا يمكن معها للمياه اختراق التربة وينساب معظمها فوق السطح لكي تغذي الفيضانات المميتة والمدمرة.

وسيشهد فصلا الخريف والشتاء عواصف قوية وما يطلق عليها الأنهار الجوية وتجلب معها الأمطار التي تستمر لأيام متتالية بدرجة تجعل الأنهار العادية تفيض بما فيها وعلى قاعدة لم تعرف إلا في أوصاف التوراة.

وستجد المجتمعات التي تعيش على الشاطئ نفسها أمام معركة خاسرة لمواجهة العواصف المتكررة، والأمواج العاتية وزيادة معدلات ارتفاع منسوب البحر، بشكل يعمل على تآكل المنحدرات الصخرية ويجرف معه التضاريس المتدنية.

ويرتفع منسوب البحر في كل عامين بسنتميتر وهو معدل مضاعف عن سنوات 1993- 2002، وفي غضون 80 عاما سيكون منسوب المياه مترا أعلى وربما وصل إلى مترين أو أكثر. وهو ما سيجلب بحر الشمال قريبا من اليابسة ويهدد المجتمعات المقامة على مناطق متدنية مثل لانكشاير وبوسطن وسبادلدينغ.

ومع زيادة منظور الانهيار المناخي، فهناك حاجة للتكيف واستثمار الحكومة وبشكل ضخم في البنى التحتية القوية والحفاظ على الصحة والحياة العامة، لكن هناك إشارات قليلة عن هذا.

فنظام البيوت لا يزال غير مهيأ لمعدلات الحرارة العالية، وفيضانات السهول لا تزال تضرب البيوت. ولا تزال البنى التحتية للطاقة والنقل عرضة للفيضانات والحرارة القاسية والرياح العاصفة.

ولا توجد هناك خطط لشبكة مياه تعوض المياه أثناء الجفاف. وفي الحد الأدنى، يجب أن يكون كل قرار يتخذ من الحكم المحلي إلى أعلى قائما على بناء مناعة ضد الانهيارات المناخية وتخفيض انبعاثات الحرارة، لكن هذا لا يحدث.

و"لو شعرت بالخوف مما قدمت فإنني نجحت في عمل ما أريد، فالكثيرون منا لا يزالون يعتقدون أن الاحتباس الحراري العالمي يعني أن العالم سيصبح أكثر دفئا وأننا بطريقة ما سنجد طريقنا فيه. وهذا خطأ، وعليك الشعور بالخوف ولكن لا تتخذ هذا مبررا للجمود، وقم بتمرير هذا الشعور وابدأ بالمساهمة في معالجة التغيرات المناخية الطارئة. والأمور ستكون مروعة ولكننا لو عملنا معا فسنمنع مستقبلا خطيرا من أن يتحول إلى كارثة".