لم أضحك حين قرأت عن أولئك اللصوص الذين سرقوا أكثر من دزينة من التماثيل من معبد هندوسي قديم في الهند ثم أعادوها، لا لأن الشرطة اعتقلتهم، بل لأن الكوابيس طاردتهم في أثناء نومهم!
خبر ليس مضحكا، بل يعبر عن حقيقة إنسانية تشمل البشر كلهم اسمها الكوابيس. هل الكوابيس في أثناء النوم هي الضمير الذي لا ينام أم المخاوف من المجهول؟ السارقون فقدوا القدرة على النوم والقدرة على الحياة بسلام، وصارت «الأحلام المخيفة»، كما يقولون، تطاردهم في أثناء النوم. وهكذا أعادوا المسروقات (14 تمثالا ثمينا دينيا)، وتركوا مع المسروقات التي أعادوها رسالة في طلب المغفرة!
«كوابيس بيروت».. كوابيسي!
روايتي «كوابيس بيروت» لم تكن كلها عملا أدبيا خياليا، ولا أظن أن ترجمتها إلى عشرات اللغات سببها (الإبداع الأدبي) وحده، بل عشتها حقا بنفسي، والكوابيس تأتي بين النوم واليقظة، وربما في مرحلة النوم العميق حين يستيقظ العقل الباطن. ولا يدهشني أن السارقين أعادوا إلى المعبد التماثيل التي سرقوها تحت وطأة الكوابيس، أي إن النوم هجرهم إلى أرض أخرى مرعبة تتوعدهم وتخيفهم.
من طرفي، لم أسرق شيئا سبب كوابيسي، بل سُرِقتْ مني بيروت أيام الحرب الأهلية اللبنانية؛ أي الحس بالأمان، وأهدتني الكوابيس التي وجدتها مادة خصبة لعمل روائي بدلا من الشكوى لصديقاتي في بيروت من سوء نومي وكوابيسي.. ترى، هل ثمة من يتحول نومه إلى كوابيس في بيروت هذه الأيام اللبنانية الرديئة؟
حدث الزلزال وتوهموه كابوسي!
لا تتوهم اللامألوف المرعب، هو بالضرورة مجرد كابوس.. بل قد يكون ما يبدو لك كابوسا، حقيقة معيشة حتى ولو لم يصدقك أحد في البداية ريثما يتأكد من صدقك. وهو ما حدث لي منذ أعوام.
كنت قد شاهدت ليلتها فيلما عن الروح الشريرة التي تحاول أن تتلبس جسد صبية بريئة ولا تتركها تنام، بل تهز سريرها، (فيلم عن رواية طارد الشياطين). حين استيقظت وسريري يهتز كما في الفيلم/الرواية، وكما حدث لبطلتها، كنت واثقة أنني لا أرى كابوسا، وأنها الحقيقة، وأيقظت ابني وزوجي وقلت لهما: ثمة زلزال في بيروت، وسخرا مني وقالا إنه أحد كوابيسك الكثيرة. ولكن حين خرجنا إلى الشرفة وجدنا الجيران كلهم مستيقظين، وأنه حقا شبه زلزال خفيف مر ببيروت وأيقظ البعض وأنا منهم؛ لأن نومي (خفيف) كما يقال، أي إن فراشة قد تمر بي وأنا نائمة توقظني.. ويا صديقي القارئ، لا تخف من كوابيسك ولا تهملها، بل صادقها وحاول أن تفهم مبعثها، فقد يساعدك ذلك على إراحة ضميرك في اكتشاف ما يعذبك وتريد إهماله وعدم الاعتراف به.
أسود.. أبيض.. ما الفرق؟
ذلك (الفيديو) الذي يمثل الطالب الأبيض الذي يتبول على كتب زميله في الصف؛ لأنه؛ أي زميله الطالب، أسود، استفزني دون أن أكون سوداء البشرة. فهو دليل على أن التمييز بين أصحاب البشرة السوداء أو البيضاء ما زال مستمرا لمصلحة أهل البشرة البيضاء، الذين يتوهمون تفوقهم على (السود) بحيث يستطيعون التبول حتى على كتب زملائهم في الصف. وذلك يستفزني دائما دون أن أكون سوداء البشرة.
أعتقد أنه حان الوقت للبشرية لتتجاوز حكاية أهل البشرة البيضاء والسوداء، فالبشرة قشرة، والمهم الإنسان لا قشرته. ولو كانت لي ابنة أرادت الزواج من رجل أسود البشرة لسألتها عن كل شيء عنه (دراسته، أخلاقه، سلوكه معها)، ولما قلت لها كلمة عن لون بشرته.
ممثلان يؤديان دورا في محكمة!
أتمنى ألا تبالي التلفزيونات العربية التي لا أعرف حقا ما تبثه بحكم إقامتي في باريس منذ أكثر من ربع قرن بكثير.. فبعضها لا يستحق استعراض بعض نجوم (هوليوود)؛ لمشاكلهم الشخصية، وطلاقهم، وغير ذلك مما هو شخصي، لكن غسيله العائلي يتم غالبا على الشاشات المتلفزة، وهكذا شاهدنا منذ أسابيع فصلا من حكاية طلاق الممثلين جوني ديب وزوجته سابقا أمبير هيرد، وكلاهما شاب وشهير. في نظري، المال هو جوهر القضية؛ هي تطالبه بتعويض 100 مليون دولار لأنه كان زوجا عنيفا، ومثلت أمام المحكمة دورها السينمائي الأفضل حيث بكت وناحت. أما جوني ديب، فطالبها بـ 50 مليون دولار لأنها أساءت إلى سمعته! ومثلت أمبير هيرد أمام المحكمة أفضل أدوارها السينمائية في نظري حيث بكت وهي تروي كم أساء معاملتها بالتفصيل، وأفضل عدم ذكر تلك التفاصيل بما فيها الجنسية.
ولم يقصر جوني ديب في ذكر أمور مشابهة ضدها.
فانيسا بارادي: الضحية الحقيقية الصامتة!
عاش جوني ديب مع المغنية الفرنسية فانيسا بارادي سنين طويلة، وأنجبا أولادا دون أن يتزوج منها، ولهما ابنة جميلة تريد أن تكون ممثلة (من يلومها).. عاش جوني ديب مع فانيسا دون أن يتزوج منها، وما كاد يلتقي بأمبير هيرد حتى تزوج منها، ورحلت المسكينة المغنية الفرنسية المشهورة فانيسا بارادي إلى بلدها (باريس) ومعها ليلي روز وجاك، ولداهما. وقامت بعمل نبيل إذ شهدت لصالح جوني ديب قائلة؛ إنه لم يكن يوما عنيفا معها كما تزعم أمبير هيرد في المحكمة.
أي إنها شهدت لمصلحته، لكنه لم يقدر تضحيتها، وأهانها حين أعلن أنه كان يخونها حين كانت معه. وأعتقد أنها شهدت لمصلحته أكراما لأولادهما.. والسؤال هو: لماذا لم يتزوج منها وهي أم أولاده، وما كاد يلتقي أمبير هيرد حتى تزوج منها؟
ألا يستحق ما يلقاه كعقاب غير مباشر على إساءته لامرأة سابقة في حياته عاشت معه أعواما طويلة؟ ترى، هل ينتقم القدر أحيانا للمظلوم على نحو مباشر دون أن يسعى المظلوم إلى ذلك الانتقام؟
لكن جوني ديب ربح القضية، وحكمت له المحكمة بمبلغ كبير تدفعه أمبير هيرد؛ لأنها أساءت إلى سمعته. أما فانيسا بارادي، فلم يدفع لها أحد تعويضا عن عشرة أعوام مهدورة من عمرها.
(القدس العربي)