نشرت مجلة "تايم" تقريرا لديباسيش روي تشاودري، علق فيه على ردود أفعال العالم الإسلامي على التعليقات الصادمة التي أطلقها عنصران من حزب بهارتيا جاناتا (بي جي بي) الحاكم في الهند ضد النبي محمد عليه الصلاة والسلام، قائلا إن غضب العالم الإسلامي لن يحمي مسلمي الهند.
تشاودري، مؤلف كتاب "أن تقتل ديمقراطية: طريق الهند نحو الاستبداد"، قال إن هذا الغضب "مؤقت، حيث تتفوق المصالح التجارية على مصالح المسلمين الذين يعيشون تحت كابوس مستمر للهندوس المتطرفين".
وقال إن دولا مثل السعودية وإيران مع طالبان أفغانستان لا تسنح لها الفرصة كل يوم لكي تحاضر الآخرين حول التسامح، لكن بي جي بي بزعامة ناريندرا مودي الداعي للتفوق الهندوسي، فعل المستحيل ونجح في توحيد كل العالم الإسلامي في شجبه للهند.
ووجدت الدول الإسلامية المتنافسة، تركيا والسعودية وإيران قضية مشتركة، مما أدى إلى موجة شجب لم يشهدها العالم الإسلامي منذ الجدل الذي أحدثته مجلة "شارلي إبيدو" عندما نشرت صورا مسيئة للرسول، مما وضع الحكومة الهندية في وسط معركة دبلوماسية تندلع نيرانها منذ أسبوع.
اقرأ أيضا: الهند.. مظاهرات بدول إسلامية احتجاجا على الإساءة للنبيﷺ
وتوسعت القائمة الغاضبة إلى 16 دولة إسلامية، وقدمت منظمة التعاون الإسلامي بأعضائها الـ57 احتجاجا منفصلا. وردت السفارات الهندية المحاصرة بطريقة غير مقنعة وهي أن "الآراء لا تعكس موقف الحكومة" وأن الآراء التي صدرت عن متحدثتين باسم الحزب الحاكم لا تعبر إلا أن عن جماعة هامشية.
وكان المسلمون في الهند والبالغ عددهم 200 مليون نسمة الهدف الرئيسي للسياسة الداعية لتفوق الهندوس. وقام الحزب بعسكرة قضايا اجتماعية حساسة وقامت قيادته وبشكل منتظم بشيطنة والحط من إنسانية المسلمين واستخدموا الرسائل السياسية المعادية للإسلام وتشجيع الرعاع لارتكاب العنف ضد المجتمع المسلم. وتم توجيه آلة الدولة نحو تعذيب المسلمين والتوحش ضدهم.
ففي يوم الإثنين علقت كلية حكومية دراسة 24 مسلمة حضرن بالحجاب إلى الفصول الدراسية. وقبل يوم أدين خمسة رجال شرطة بتعذيب شاب مسلم عمره 22 عاما حتى الموت. وقالت والدته: "لقد أدخلوا عصا في مؤخرته وعرضوه لصعقات كهربائية متكررة".
وفي تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي "الحرية الدينية الدولية" "تحدث الهجمات على المجتمعات الدينية بما في ذلك القتل والهجمات والاستفزازات طوال العام". وعلق وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن على صدور التقرير الأسبوع الماضي قائلا إن "الهجمات على الناس وأماكن العبادة تتزايد".
وعادة ما تستخف حكومة مودي بالانتقادات الأجنبية، واعتبرت تعليقات بلينكن بأنها "غير مدروسة". وأدارت النقد نحو الولايات المتحدة التي قالت إن "هناك قضايا مثيرة للقلق" مثل "الهجمات المدفوعة بالعنصرية والعرق وجرائم الكراهية وعنف السلاح".
ومع انتصارات مودي الانتخابية فقد ضاعف الحزب من مشروعه الداعي لحماية الأغلبية. فمن دعوات الإبادة المفتوحة إلى أغاني البوب المعادية للمسلمين والشائعات التي يطلقها مقدمو برامج التلفزيون والتشهير بالمسلمين الذي يقوم به قادة الحزب، بشكل جعل خطاب الكراهية في كل مكان. وحفز الحزب الكراهية وكافأ الموهوبين في نشره، ولهذا السبب صعدت كل من شارما وجيندال في المنظمة.
ويحتاج الأمر إلى موهبة كبيرة لكي تطلق حكومة طالبان أفغانستان على حكومة الهند بالمتعصبين. ومع زيادة الدعاية عن مودي ومناعته المفترضة وصعود الهند إلى مرتفعات عالية في ظل قيادته الفولاذية، فإن عددا من أنصاره لا يفهمون قراره للتضحية بنسائه لكي يرضي حفنة من الدول المسلمة.
وتطالب التغريدات على تويتر بشن حرب على قطر والمقاطعة التجارية والتي انتشرت مثل النار في الهشيم على منصات التواصل الاجتماعي. وانتشرت هاشتاغات عن شارما وبهارتيا جاناتا على المنصات، وأخذ عدد من أنصار الحزب يصفون مودي بالجبان.
ويقول الكاتب إن توقعات أنصار مودي منفصمة عن التزامات الهند الاقتصادية والإستراتيجية. وتمثل الدول الخليجية الست، السعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت وعمان نسبة 15 بالمئة من تجارة الهند الخارجية، وتقدم لها نسبة ثلث احتياجاتها من الطاقة وتشغل 9 ملايين هندي، يحولون نسبة 65 بالمئة من تحويلات الهنود من الخارج، وحوالي 80 مليار دولار سنويا. لكن الدول المسلمة معنية بالنمو الاقتصادي الهندي ولا تريد أن تتأثر علاقتها مع نيودلهي.
ولم تهتم الدول المسلمة بزيادة قهر واستهداف المسلمين خلال السنوات الثماني التي حكم فيها مودي، بحسب "التايم".
وحاولت بعض الدول مثل الإمارات والسعودية جذب مودي وقوت علاقاتها مع نيودلهي. لكن هذه الدول ربما أجبرت على التحرك كخطوة وقائية تمنع من ردة فعل المحافظين في داخلها.
ووصف الأزهر تعليقات المتحدثة باسم بي جي بي بأنها "إرهاب حقيقي" ويمكن أن تغرق كل العالم في "حرب مهلكة". ووصف مفتي عمان القوي تعليقات المتحدثة باسم الحزب الهندوسي بأنها "فحش وقح" تجاه الإسلام وشكل من الحرب وأعلن عن حرب لمقاطعة المنتجات الهندية.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
BBC: الإسلاموفوبيا ألحقت الأذى بسياسة الهند الخارجية
لماذا استمعت الهند لدول الخليج وتجاهلت مواطنيها المسلمين؟
ما وراء ترويج الهندوس لنظرية "الاستبدال" بحربهم ضد المسلمين؟