تقوم الدنيا على تصريحات متحدث باسم الحزب الحاكم في الهند مست مقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبيته، وهذه التصريحات ليست الأولى من نوعها، في الهند، وغيرها من دول.
هناك حالة تطاول على المسلمين في كل مكان، وإذا اثيرت هذه القضية يتم وصفك بالتطرف، وكأن التسامح يعني قبول التطاول على الإسلام، وتشويه سمعته، والتطاول على مقام النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبيته، وإذا عبرت عن ضيقك أو غضبك، يراك البعض متطرفا.
هناك محاولات دائمة لمس سمعة الإسلام، وعلى الرغم من أن ملياري مسلم في العالم، لا يؤذون أحدا، ولا يتدخلون في حياة أحد، إلا أن استهدافهم في حالات كثيرة، يبدو مثيرا ومؤسفا جدا.
من حرق نسخ القرآن الكريم، إلى بث فيديوهات تطعن بالقرآن، وتفسيراته وبعضها يصر على وجود أخطاء لغوية وتعبيرية، ويمتلكها عرب في المهاجر، مرورا بالطعن في الموروث الإسلامي، والاستهزاء بالعبادات، وغير ذلك، ومحاولة تصغير المسلمين في دولهم، وتحويلهم إلى طوائف منبوذة، وخفض عدد تأشيرات السفر الممنوحة لهم في العالم، واضطهادهم في دولهم التي يحملون مواطنتها كما في الهند التي تمثل نموذجا بشعا للطبقية وتصنيف الناس، هذا في الوقت الذي يعيش فيه ملايين الهنود في العالم العربي، دون أن يؤذيهم أحد ولو بكلمة واحدة.
مصطلح الاسلاموفوبيا مصطلح يعني الخوف من المسلمين، وهو مصطلح شاع بعد حوادث كثيرة جرت في أوروبا، بسبب المبالغات في ردود الفعل بعد تفجيرات نيويورك، التي لا يقبلها المسلمون اصلا، ولا يعقل ان يتم تحميل كلفتها إلى ملياري مسلم، في هذا العالم، وتعرض المسلمون وقتها إلى مضايقات وأزمات في الدول التي يعيشون فيها، ولو عدنا بالذاكرة إلى الحوادث التي تعرض لها المسلمون في العالم، على مستوى الأفراد، والمؤسسات، والمساجد، لوجدناها كثيرة وممتدة.
لست مع المظلومية، فالتصرف على أساس أن المسلمين يتعرضون للظلم فقط، أمر لا يناسب أمة عددها يصل إلى ملياري شخص، ولديها إمكانات سياسية واقتصادية هائلة، وبإمكانها بكل بساطة احترام نفسها أولا، ووقف هذه الاساءات عبر كثير من الطرق، كما أن نسب الأخطاء التي يرتكبها أفراد، ومدها على عموم المسلمين، لا يبدو أمر عاقلا أبدا، خصوصا، في الدول التي لديها أعداد كبيرة من المسلمين ويحملون جنسية تلك الدول، وبحيث يصير استهداف هؤلاء عملا غبيا يراد منه تحطيم بنية تلك الدول، وادخالها في صراعات وردود فعل قد لا تحمد عقباها داخليا.
الشعور بالغضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يكون فقط بالتعبير اللغوي كما هي حالة هذا المقال، بل بالانتساب حقا الى النبي، وهو الذي جاء ليتمم مكارم الأخلاق، وحين مدحه رب العالمين في القرآن، قال له ” وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ” وهذا يدعونا نحن كأفراد أن نتحلى بأخلاق الرسول في قضايا كثيرة، إذا كنا نحبه حقا، والالتزام بما جاء به، خصوصا، أن الغيرة هنا، تفرض علينا التنبه لأنفسنا، في الوقت الذي نبلور فيه ردود فعل ازاء تجاوزات العالم بحق المسلمين.
جرأة العالم على المسلمين لم تأت من فراغ، لاننا في حالة استضعاف، ولا أحد يدافع عن الإسلام كقيمة إنسانية ودينية، الا ما ندر، والدول الإسلامية والعربية تعبر عن رد فعلها بأدنى الدرجات حتى لا تفسد علاقاتها مع بعض الدول، وهكذا سيكون متوقعا حدوث مثل هذه التجاوزات، دون أن ننفي هنا أن هناك بعض القضايا التي يستغلها خصوم الإسلام، للنيل منه.
الدول التي تعتدي على حرية مواطنيها، كما الهند التي تستهدف المسلمين في فترة الحزب الحالي، ستذهب إلى التقسيم والتشظية نهاية المطاف، فلا دولة عاقلة تظن أن هكذا تجاوزات ستبقى في اطار الفردية ورد الفعل الفردي، وهذا يثبت أن العقل السياسي الغائب في الهند، يأخذ البلاد إلى مصير لا يعلم به الا الله، خصوصا، أن عدد مسلمي الهند يتجاوز 170 مليون نسمة يتم مس مشاعرهم يوميا، والتنكيل بهم، فيما يريد الهنود أن يسكتوا، ويسكت معهم كل المسلمين.
اما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أعز قدرا ومكانة، واجل شأنا من كل هؤلاء، وما خاصمه أحد الا دفع الثمن، ولو متأخرا، والأدلة على ذلك كثيرة.
(الغد الأردنية)