أوردت صحيفة، "جروسالم بوست" يوم 28-4-2022 خبراً نشره الصحافي، زفيكا كلن وهو مختص في شؤون الهجرة يقول: "عاد إلى روسيا خلال الشهرين الفائتين حوالى 1800 يهودي روسي، بعد حصولهم على جواز سفر إسرائيلي، ولم يسكنوا في إسرائيل، هؤلاء حضروا بتذكرة سفر مجانية، وسكنوا في الفنادق مجاناً، وتلقوا خدمات بنكية، أربعون في المئة من اليهود المهاجرين إلى إسرائيل غير موجودين في إسرائيل العام 2020، وكذلك 41% من المهاجرين من يهود روسيا أيضاً عادوا إلى روسيا العام 2019".
ذكرني الخبر بعضو الكنيست الإثيوبي من حزب العمل، أديسو مسالا من العام 1996 - 1999، حين قرر العودة مرة أخرى إلى إثيوبيا ومغادرة إسرائيل نهائياً بسبب التمييز العنصري ضد الفلاشاه الإثيوبيين في إسرائيل، لأن الحاخامية الكبرى في إسرائيل، لا تعترف بيهوديتهم وتعيد تهويدهم من جديد، كذلك فإن نجمة داود الحمراء لا تقبل دماء المتبرعين الإثيوبيين، تُلقى دماؤهم في المجاري، حتى لا تنقل الأمراض!
عدتُ مرة أخرى إلى ما رصدته في كتابي، "الصراع في إسرائيل" عن ظاهرة الهجرة العكسية من إسرائيل، حيث ازدهرت الهجرة العكسية في بداية الألفية الثالثة لسببين، الأول هو بداية استيلاء الحارديم على مقاليد السلطة، وبخاصة حزب شاس، حين ضاقت مساحة الحريات في إسرائيل، أما السبب الثاني فهو السماح بنشر الأرشيف الإسرائيلي المليء بالمجازر والقهر والعنصرية!
هذان السببان دفعا معظم المتنورين والكتاب والمفكرين الإسرائيليين إلى الاعتقاد بأن استيلاء الحارديم على السلطة سوف يقوض دولة إسرائيل ويُهدد وجودهم، إذن، لا مفر من إيجاد بدائل عن دولة إسرائيل (الهشة) فقد اقترحت الأستاذة المحاضرة في جامعة حيفا، ميخال أورين إعادة تأسيس دولة إسرائيل في مدينة بايروبدجان في روسيا. وهي مقر اليهود الرئيس!
لقيَ اقتراحها ترحيباً واسعاً بين الكتاب والمفكرين اليساريين، وعارضه المكارثيون، طاردوا صاحبة الفكرة، وحجبوا عنها وسائل الإعلام! (صحيفة معاريف 15-8-2000).
لم تقتصر فكرة الهجرة من إسرائيل على اليساريين في بداية الألفية الثالثة، بل شملت أيضاً بعض الحارديم ممن فكروا في بيع بيوتهم في المستوطنات (للعرب).
عُقد أيضاً مؤتمرٌ في فرنسا في قلعة، النورماندي في شباط 2004، شارك فيه فلاسفة ومفكرون من اليهود ممن يعيشون في الخارج لبحث فكرة إعادة يهود إسرائيل إلى أوروبا، وناقشوا في هذا المؤتمر ظاهرة اللاسامية وأرجعوا سبب تفشي ظاهرة اللاسامية إلى عنصرية حكومة شارون وقمع السكان العرب في إسرائيل، وأكدوا أن الاحتلال الإسرائيلي هو سبب تفشي الإرهاب في العالم، (هذا الخبر نشرته صحيفة، هآرتس 17-2-2004).
سأظل أذكر ما قاله الكاتب الإسرائيلي الراحل، عاموس عوز يوم 9-5-2014:
"عصابات المستوطنين الحارديم من مجموعات، تدفيع الثمن التي تنفذ اعتداءات ضد الفلسطينيين هم النازيون الجدد العبريون، وإذا لم تُنشأ دولة فلسطينية الآن فستكون هنا بعد سنوات قليلة دولة عربية واحدة فقط"!
كذلك قال رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، إيهود باراك في صحيفة، يديعوت أحرونوت يوم 4-5-2022: "أخشى ألا تجتاز دولة إسرائيل عمرها الثمانين، فتتفكك قبل وصولها سن الثمانين"!
ما سبق هو استشرافٌ من إسرائيليين لمستقبل إسرائيل، فهم يُحذرون، ويوقظون مخططيها وسياسييها من سباتهم، لكي يغيروا المسار، قبل فوات الوقت!
ما ورد في المقال لا يدخل في باب النبوءات الشعبية الشائعة المنسوبة للدين والمؤسَّسة على نظرية التواكل والكسل، وتجنب العمل، لأن مثل هذه النبوءات (الطوباوية) تصب في مصلحة العنصريين المحتلين، كذلك فإن الاعتقاد بهذه النبوءات الطوباوية بلا إعداد وعمل هو أفضل هدية لهم، لأنه يُقوي المحتلين ويمنحهم الوقت لتنفيذ مخططاتهم!
(الأيام الفلسطينية)