رأى الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي معن بشور، أن إعلان دول كبرى وإقليمية عن خروجها من التعامل بالدولار في مبادلاتها التجارية والتوجه نحو عملات أخرى كالروبل الروسي واليوان الصيني وربما الريال السعودي، ليس قراراً اقتصادياً له انعكاساته المالية النقدية فحسب، بل هو أيضا قرار سياسي كبير.
وأوضح بشور في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن "المسؤولين في واشنطن، يدركون أكثر من غيرهم، مدى انعكاسه على النظام المالي العالمي القائم منذ إقرار نظام "بريتيدون وودز" في 22 تموز (يوليو) عام 1944 والذي تقوده واشنطن عبر بعض الصناديق الدولية "المشهورة" وعبر اعتماد الدولار كعملة عالمية للتبادل".
وأضاف: "في هذا القرار سيتراجع طلب الكثيرين على الدولار، وستتراجع الحاجة إلى الدولار، كما ستتراجع قيمة الدولار، وهذا ما سيؤثر إلى حدٍ كبير على نفوذ الدولة الأمريكية على العالم كله، ما يفتح آفاقاً لتطور اقتصادي مستقل في كل القارات، ومتحرّر من الهيمنة الأمريكية".
وأكد بشور أن استبدال الدولار بعملات أخرى له ما بعده، وقال: "كثيرون يعتقدون أن دولاً عربية كالعراق وليبيا أخذت قراراً باستبدال الدولار بعملة أخرى أو سلّة عملات أخرى دفعت ثمن هذا القرار حصارا وحروباً واحتلالات وقتلاً وتدميراً، كما جرى مع العراق بعد عام 1990 ثم عام 2003، وكما جرى مع ليبيا بعد عام 2011، لذلك يجب أن تتركز الأنظار اليوم على تداعيات هذا القرار باستبدال الدولار بعملات أخرى، ويجب أن يكون العرب بشكل خاص أكثر استعداداً لمواجهة هذه التداعيات لأن لها انعكاسا مباشرا على صناديقهم السيادية وعلى قدراتهم المالية."
وشدد بشور في ختام تصريحه لـ "عربي21"، على أن العالم يتغير، وقال: "نعتقد أنه من واجب الجميع أن يدرك هذه الحقيقة، وأن يدرك أيضاً أننا أمام "بداية تاريخ" جديد ولسنا أمام "نهاية تاريخ" كما قال يوماً المفكر الأمريكي ذو الجذور اليابانية فرنسيس فوكوياما"، وفق تعبيره.
وفي 24 فبراير/ شباط الماضي، أطلقت روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.
وتشترط روسيا لإنهاء العملية، تخلي أوكرانيا عن أي خطط من شأنها الانضمام إلى كيانات عسكرية بينها حلف شمال الأطلسي "الناتو"، واتخاذ موقف الحياد التام.
وكانت تقارير إعلامية قد كشفت النقاب عن أن تنسيقًا مُكثّفًا يجري حاليًّا بين الصين وروسيا ودول مُنظّمة شنغهاي، والاتحاد الاقتصادي الأوراسي للتخلّي بشَكلٍ مُتسارع عن الدّولار في التعاملات المالية والتجارية.
وقد أقدمت موسكو على عدة خطوات لمواجهة العقوبات الغربية، وأبرزها منع التّحويلات الماليّة من المُستثمرين داخِل روسيا إلى الخارج، وإجبار الشّركات المُصدّرة على تحويل 80 بالمِئة من دخلها من العُملات الأجنبيّة إلى “الروبل” وزيادة أسعار الفائدة من 10 بالمِئة إلى 20 بالمِئة لوقف تراجع قيمته.
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن "الصين وروسيا تعملان مُنذ خمس سنوات تقريبًا على إقامة نظام مالي بديل مُوازٍ لنظام "سويفت" الأمريكي الغربي، عماده الاعتِماد على العُملات الوطنيّة والتخلّي بشَكلٍ تدريجيّ عن العُملة الأمريكيّة (الدولار)، وحقّقت تقدّمًا ملحوظًا من المُتوقّع أن يتزايد بفضل العُقوبات الأمريكيّة الأوروبيّة على روسيا، وربّما لاحقًا على الصين.
إقرأ أيضا: قلق أوروبي من تحويل الروبل الروسي إلى العملات المشفرة
"إغلاق الأجواء".. أداة غربية لمعاقبة روسيا.. والأخيرة ترد
زيلينسكي يطالب بحرمان روسيا من حق التصويت في مجلس الأمن
البنتاغون: روسيا تواجه مقاومة أوكرانية صلبة