نشر معهد بروكينغز مقالا للمختص في
شؤون الأمن والإستراتيجيا بروس ريدل قال فيه إن الحرب انتهت في اليمن بانتصار
الحوثيين ولا أحد يمكنه وقف النزاع، فالأمر بيد اليمنيين لا أي قوة خارجية. وأضاف أن هناك حاجة لقرار جديد من مجلس الأمن يعترف بالواقع على الأرض وينهي التدخل
الخارجي ويرفع الحصار.
وقال: "انتصر الحوثيون في حرب اليمن
وهزموا معارضيهم في الحرب الأهلية، السعوديون والإماراتيون الذين تدخلوا ضدهم عام
2015 بدعم من الولايات المتحدة. وهو إنجاز لافت لميليشيا لا تملك قوة جوية أو
بحرية. وهي قصة نجاح مدهشة مثل حزب الله في لبنان".
وأشار إلى أن الحوثيين هم شيعة زيديون،
اتخذوا من جبال اليمن مركزا لهم ومنذ عدة قرون وقاتلوا للسيطرة على اليمن بنجاحات
متباينة، وخاضوا الحرب ضد العثمانيين ومن ثم الوهابيين في السعودية. ومع انهيار
الدولة العثمانية في عام 1918، أعلنت مملكة زيدية باسم الدولة المتوكلية حكم شمال
اليمن. وفي عام 1962 قام زعيم دعمته مصر بإنهاء حكم الدولة المتوكلية وأعلن عن
ولادة الجمهورية العربية اليمنية وعاصمتها صنعاء.
وأرسلت مصر المسلحة بالسلاح السوفييتي
جنودها لدعم الانقلاب، لكن المؤيدين للملكية فروا إلى الجبال القريبة من السعودية
وخاضوا حربا للسيطرة على البلاد بدعم من الرياض ضد التدخل المصري، وانتهت الحرب
بانتصار الجمهوريين، وبعد سلسلة من الانقلابات وصل إلى السلطة جنرال مؤيد
للجمهورية اسمه علي عبد الله صالح عام 1978، وحكم اليمن أو أساء حكمها لمدة 33
عاما. ووحد الشمال مع الجنوب في 1990 ومال نحو دعم صدام حسين في حرب العراق الأولى
عام 1991 ونجا من محاولة انفصالية في الجنوب دعمتها السعودية عام 1994.
وظهرت الحركة الحوثية في التسعينات من
القرن الماضي تحت زعامة شخصية جذابة وهو حسين الحوثي الذي سميت الحركة باسمه، وكان
هدف التمرد هو مكافحة فساد صالح. ويرى الكاتب أن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003
أدى إلى تشدد الحركة كما فعل في مناطق عدة من العالم العربي. وتبنى الحوثيون شعار
"الله أكبر الموت لأمريكا الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود والنصر
للإسلام".
وأعلنت الحركة عن اسمها الرسمي "أنصار
الله"، وكانت نقطة تحول في تاريخ الحركة التي لم يسمع بها أحد خارج اليمن
وواحدة من التداعيات غير المقصودة لمغامرات جورج دبليو بوش في العراق. وفي عام 2003
شن صالح سلسلة من الهجمات لقمع الحركة وتدميرها. وفي 2004 قتلت قوات صالح حسين
الحوثي.
وتم استخدام القوة الجوية والبرية لقمع
التمرد وبخاصة في إقليم صعدة. وانضم السعوديون إلى الحملات بدون نجاح. وبعد
الإطاحة بصالح في انتفاضات الربيع العربي عام 2011، وعين مكانه نائبه في
شباط/فبراير 2012 عبد ربه منصور هادي، بدأ الحوثيون عام 2014 بالتعاون السري مع
صالح ضد هادي. وكان نفاقا واضحا من الطرفين، حتى بمعايير السياسة في الشرق الأوسط.
لكن التحالف كان مؤقتا حيث قتل صالح عام 2017 عندما حاول تغيير موقفه والعودة إلى
المعسكر السعودي. وتساءل الكاتب عن السبب الذي جعل الحوثيين ينتصرون؟ ويشير إلى
نموذج حزب الله في لبنان الذي استطاع طرد الإسرائيليين من جنوب لبنان عام 2000،
حيث أصبح واحدا محفزا ومدربا لهم بالإضافة لإيران التي كانت مصدر دعم آخر
للحوثيين. وبخاصة بعد اشتراك الحركة وطهران مع العدو المشترك وهي السعودية.
اقرأ أيضا: أمريكا تدعم الإمارات بطائرات مقاتلة بعد هجمات الحوثيين
لقد ألقى انتصار حزب الله بظلاله على الحوثيين
بعدة طرق، فسجل الجماعتين في حقوق الإنسان ليس جيدا، وقدمت الحركتان نفسيهما على
أنهما مدافعتان عن الوطن ضد الغزاة الأجانب: إسرائيل والسعودية اللذين دعمتهما أمريكا.
فقد نجح حزب الله بطرد إسرائيل بعد عقدين من المقاومة ودمرت دولة الجنوب الموالية
لإسرائيل. وبات يهدد إسرائيل بمئات الآلاف من الصواريخ والطائرات بدون طيار. أما
الحوثيون فقد استطاعوا التحكم بالحرب منذ بداية الحملة السعودية عام 2015 ووسعوا
مناطقهم وهم يقتربون من السيطرة على آخر معقل حكومي في الشمال، وهي مدينة مأرب
الغنية بالنفط.
واستخدم الحوثيون الصواريخ والمسيرات
لضرب أهداف ضد السعودية والآن أبو ظبي، وبدعم من إيران وحزب الله. وانتصارات
الحوثيين يجب ألا تعمينا عن ثمن الحرب الباهظ في اليمن، وبحسب صندوق التنمية
التابع للأمم المتحدة، فقد قتل حوالي 377.000 يمني بنهاية عام 2021، ومعظمهم
بطريقة غير مباشرة ونسبة 70% هم أطفال تحت سنة الخامسة. وكان الحصار السعودي لليمن
سببا أساسيا للكارثة الإنسانية وحرم البلد من الغذاء والدواء.
وماذا بعد؟
يجيب ريدل أن المعركة على مأرب هي
المرحلة القادمة في الحرب، فقد حقق الحوثيون تقدما مهما في ميناء الحديدة ولا يبدو
أنهم على عجلة من أمرهم في مأرب. ولا يعرف إن كان لدى الحوثيين مطامح في الجنوب
السني، وإن كانوا سيطالبون بالأراضي التي سيطرت عليها السعودية في ثلاثينات القرن
الماضي، مع أنهم لم يعبروا علنا عن هذا.
ويقول ريدل إن إدارة جو بايدن تعهدت بتحقيق
السلام في اليمن كأولوية، لكنها لم تفعل الكثير على هذا المسار. وواصلت سياسة
سلفها ببيع الأسلحة للسعوديين. وفي الوقت نفسه، فالحوثيون ليسوا متعجلين في إنهاء
حرب انتصروا فيها. ولا يمكن لأي سياسة إنهاء الحرب في اليمن، وتحقيق السلام هو
قرار يمني وليس أمريكيا علاوة على أنه سعودي. فاليمن هو مجتمع منقسم ولا يبدو أنه سيتحد مرة أخرى. وربما كان صالح هو الزعيم اليمني الوحيد الذي حكم يمنا موحدا.
وعلى المجتمع الدولي تركيز اهتمامه على أهداف وتشجيع اليمنيين للتعاون وليس توحيد
البلاد.
وأفضل مكان للحل هو مجلس الأمن الدولي
وقرار يعترف بالوقائع المتغيرة لا الموجودة في القرار السابق والذي مال لخدمة
المصالح السعودية. وأول مبدأ في القرار الجديد هو الدعوة لإنهاء التدخل الخارجي،
مما يعني رفع الحصار عن اليمن ووقف الغارات السعودية داخله. ويجب وقف كل الدعم
العسكري لحكومة هادي. وهذا يعني وقف تدخل حزب الله وإيران والتوقف عن تقديم الخبرة
للحوثيين في مجال الصواريخ والمسيرات. ويجب مغادرة كل الخبراء اليمنيين مع السماح بالطيران بين صنعاء وطهران ومشاريع التطوير بما فيها المشاريع الإيرانية لتطوير
ميناء الحديدة.
ويجب الحفاظ على الآلية الحالية للتحقق والتفتيش
في اليمن كما هي وتوسيع صلاحيتها وزيادة عدد العاملين فيها لكي تقوم بالتفتيش في
الموانئ والقواعد الجوية والتأكد من عدم وجود خروقات. وفي حالة رفض السعودية وقف
غاراتها ورفع الحصار، فعلى الولايات المتحدة وقف كل أشكال الدعم العسكري للمملكة
وسحب الجنود والمتعهدين العسكريين كما فعلت في أفغانستان.
ويجب أن يشمل هذا الصيانة الفنية لسلاح
الجو الملكي السعودي، مما سيترك أثره المباشر على الطيران العسكري السعودي الذي لن
يكون قادرا على شن غارات، وسيشل الحرس الوطني والجيش السعودي أيضا. ولن تتأثر
البحرية السعودية لأن مصادر شرائها وصيانتها متنوعة، لكنها ستواجه مصاعب. ويعتقد
الكاتب أن التعامل مع الحوثيين لن يكون سهلا في مرحلة ما بعد الحرب، فموقف الحركة
المعادي من أمريكا متجذر بقرار غزو العراق، وفاقمها دعم حرب لمدة سبعة أعوام شنتها
جارة اليمن من خلال الطيران والحصار. وتظل الأولوية الأمريكية هي وقف الحصار
والسماح بوصول المساعدات إلى اليمنيين.
"إنترسيت": فقاعة الأمن بالإمارات خُرقت بعد تورطها باليمن
صحيفة: لماذا يستهدف الحوثيون الإمارات بالوقت الحالي؟
القوات المدعومة من الإمارات توقف العمليات الشمالية باليمن