تسببت الأزمة الحالية بين روسيا، وأوكرانيا، واحتمالية اندلاع حرب بينهما، في مأزق حقيقي بقطاع الطاقة.
وذكر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن الأسبوع المقبل قد يكون حافلا بالاستعارات المتعلقة بالطقس. "فالسُحب الداكنة تحوم فوق أوكرانيا وأسواق النفط والغاز الطبيعي".
وأوضح المعهد في تحليل لسايمون هندرسون، أن "أزمة أوكرانيا متعلقة برمّتها بالرئيس الروسي بوتين وغروره الضخم، لكن قوته لا تكمن فقط في عناصر قواته البالغ عددها مائة ألف جندي ومدرعاته قرب الحدود، بل تكمن أيضا في الغاز الطبيعي الذي تعتمد أوكرانيا على روسيا في تزويده، إلى جانب العديد من الدول الأوروبية الأخرى التي تشتري الغاز من روسيا، الذي يتم نقله عبر خطوط الأنابيب التي تمر عبر أوكرانيا".
وتابع أنه "في الواقع، يأتي حوالي 40 في المائة من الغاز الطبيعي المستهلَك في أوروبا من روسيا. وما يعزز هذه الهيمنة هو أن ألمانيا تشكل الزبون الرئيسي لهذا الغاز، وهو ما يفسر تسجيل "غيابها" عن معظم الضغوط الدبلوماسية التي تستهدف موسكو".
وأضاف: "بالتأكيد، إذا ارتسمت على وجهوكم ابتسامة ساخرة حول تاريخ برلين، إلّا أن النتيجة هي أن عمليات النقل العسكرية البريطانية تجنبت التحليق في المجال الجوي الألماني الأسبوع الماضي؛ من أجل تسليم صواريخ مضادة للدبابات إلى أوكرانيا. ويأتي المزيد من هذه الذخائر من الولايات المتحدة لكن مسارات رحلاتها الجوية غير واضحة".
وقال إنه "في غضون ذلك، تناهز أسعار النفط 90 دولارا للبرميل الواحد، ولا يُستبعَد احتمال أن يقفز هذا الرقم إلى 100 دولار ليتصدّر عناوين الأخبار. وهذا أمرٌ جيد للتجار وروسيا وجهات أخرى".
ولخص هندرسون الأزمة الحالية، بعبارة "أزمة طاقة لا تركز على الشرق الأوسط. لكن ذلك لا يعني أنها لن تُحدث تداعيات في تلك المنطقة. فارتفاع أسعار النفط جيد بالنسبة للبلدان الغنية بالنفط وسيئ، أي مزعزع للاستقرار، لتلك التي لا تنعم بالثروة الهيدروكربونية".
ولفت إلى أن إيران ستستفيد بدرجة أكبر، إذا كان ينظر إليها على أنها تتحمل الضغط الأمريكي لتقييد أنشطتها النووية. ويبدو أن المحادثات في فيينا على وشك الانتهاء دون التوصل إلى اتفاق.
اقرأ أيضا: كيف يؤثر تصاعد التوتر بين روسيا وأوكرانيا على تركيا؟
تداعيات عالمية
في سياق متصل، نشرت مجلة "إيكونوميست" مقالا قالت فيه؛ إنه نادرا في تاريخ الصراع البشري ما تعلقت الكثير من الأشياء على أهواء رجل واحد، متسائلة: "هل يوشك فلاديمير بوتين على غزو أوكرانيا كما توحي القوات الروسية المحشودة على حدودها؟ أم أنه يخادع لينتزع التنازلات من جاره الغربي؟ لا أحد يستطيع التأكد من نوايا بوتين. حتى وزير خارجيته يبدو أنه ظل في حالة تخمين".
وتابعت أنه ربما يخطط بوتين لغزو واسع النطاق، مع توغل القوات الروسية في عمق أوكرانيا للاستيلاء على العاصمة كييف والإطاحة بالحكومة.
أو قد يسعى إلى ضم المزيد من الأراضي في شرق أوكرانيا، وإنشاء ممر يربط بين روسيا والقرم، شبه الجزيرة الأوكرانية التي انتزعها بوتين في عام 2014. أو قد يرغب في حرب صغيرة، حيث "تنقذ" روسيا الانفصاليين المدعومين من الكرملين في دونباس، وهي منطقة شرق أوكرانيا، من الفظائع الأوكرانية المفترضة - وفي الوقت نفسه تضعف قدرات القوات المسلحة الأوكرانية.
وأوضحت أنه "لأن بوتين لديه المبادرة، فمن السهل استنتاج أنه يتمتع بالميزة. في الواقع، إنه يواجه خيارات محفوفة بالمخاطر. حرب كبيرة تنطوي على مخاطر غير عادية. لكن حربا أصغر تحد من هذه المخاطر قد تفشل في وقف انجراف أوكرانيا نحو الغرب. وإذا لم تجلب حرب صغيرة استسلام الحكومة في كييف، فقد ينجر بوتين حتما إلى حرب أكبر".
وحذّر من أن "الغزو الروسي الكامل سيكون أكبر حرب في أوروبا منذ الأربعينيات، وأول إسقاط لحكومة أوروبية منتخبة ديمقراطيا من قبل غزاة أجانب منذ ذلك الحين. لن يعاني الروس من الخسائر فقط، خاصة في أثناء التمرد الطويل، ولكن أيضا سيتسببون في مقتل عدد لا يحصى من الأوكرانيين – سلافيون مثلهم، الذين تربط الكثير منهم روابط عائلية".
وتابع أن روسيا ستعاني من عقوبات شديدة. "ستتعرض بنوكها لعقوبات قاسية، وسيحرم اقتصادها من القطع الأمريكية ذات التقنية العالية. قد يُمنع فاحشو الثراء، بمن فيهم بوتين نفسه، من الإنفاق والادخار في الخارج. سيعاني الروس العاديون من مستويات معيشية متدنية، كانت تتراجع أصلا على مدى السنوات السبع الماضية".
اقرأ أيضا: اتفاق أمريكي أوروبي لتأمين الطاقة.. ما هي خيارات واشنطن؟
موسكو "محبطة" من واشنطن.. وبلينكن يلوح برد قاس بشأن أوكرانيا
محادثات روسية أمريكية مرتقبة حول أوكرانيا في سويسرا
مجلة أمريكية: نزاعات قد يزداد استعارها في 2022 (إنفوغراف)