أثار قرار البرلمان الليبي باستبعاد المجلس الأعلى للدولة من التزكيات الخاصة لاختيار رئيس جديد للحكومة، أسئلة حول تداعيات ونتائج الخطوة ومدى قانونية الأمر وموافقته للاتفاق السياسي الذي ينظم العلاقة بين المجلسين.
ورغم أن البرلمان أكد أن اختيار حكومة جديدة سيتم عبر التشاور مع مجلس الدولة، إلا أن مقترحا طرح للتصويت على الأمر نتج عنه رفض الأمر واستبعاد الأعلى للدولة والاكتفاء بشرط حصول المترشح لمنصب رئيس الحكومة المقبلة على تزكية من 25 نائبا في البرلمان.
ورأى مراقبون لقرارات البرلمان الليبي أن الخطوة غير قانونية كونها خالفت الاتفاق السياسي الذي ينص في بعض مواده على ضرورة تشاور المجلسين في اختيار المناصب السيادية والتنفيذية، متوقعين أن يسبب استبعاد مجلس الدولة من اختيار الحكومة الجديدة انقساما مؤسسيا جديدا بعد خطوات من التقارب.
والسؤال: ما تداعيات استبعاد "الأعلى للدولة" من ملف الحكومة؟ وكيف سيؤثر على باقي الملفات الثنائية بين المجلسين مثل الدستور والمناصب السياسية والانتخابات؟
"فلسفة الانفراد"
من جهته قال عضو البرلمان الليبي، زياد دغيم إن "هذا القرار يتماهى مع فلسفة مجلس النواب والتي تقوم على انتهاء الاتفاق السياسي برمته وخارطة الطريق، وهذه الفلسفة ترتكز على الموقف الدولي الداعم لحق البرلمان منفردا في إصدار قوانين الانتخابات وهي الاستحقاق الأهم في مستقبل ليبيا والتئام البرلمان بكل أطيافه السياسية منذ جلسة سرت"، وفق قوله.
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21" أن "هذه الفلسفة ستستمر تواليا لبقية الاستحقاقات والتي تخص الملف الدستوري وملف الانتخابات"، كما رأى.
"حكومة موازية"
في حين أكد عضو مجلس الدولة وعضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، إبراهيم صهد أن "قرار مجلس النواب فيما يتعلق بتشكيل الحكومة يفتقد القانونية، فهو مخالف لنصوص الاتفاق السياسي الليبي ومخالف أيضا لخارطة الطريق التي أقرها الحوار السياسي في تونس".
وبيّن خلال تصريحه لـ"عربي21" أن "مجلس النواب لا يملك الحق في الانفراد بقرارات في هذا الشأن، وأخشى أن تقود مثل هذه القرارات إلى تشكيل حكومة موازية أو إلى ما هو أبعد من ذلك، ومجلس الدولة سيجد من المستحيل أن يغض الطرف عن هذه القرارات الارتجالية المستفزة"، وفق تعبيره.
"عبث وانقسام مؤسسي"
من جهته، قال عضو لجنة التواصل بهيئة صياغة الدستور الليبي، سالم كشلاف إن "عقيلة صالح لا ينظر إلى ما ينص عليه الإعلان الدستوري أو الاتفاق السياسي لكنه يتحرك وفق أجندة معينة ومصالح محددة تهدف لإبقائه في السلطة، وجاء قرار استبعاد المجلس الأعلى للدولة من الشراكة السياسية ونقضه لتفاهماته مع رئيس المجلس خالد المشري في المغرب مؤخرا ليؤكد هذا الأمر".
اقرأ أيضا: مجلس نواب ليبيا يفتح باب الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة
وأضاف: "وليس هذا القرار فقط هو ما يسبب أزمة أو انقسامات بل أيضا محاولة عقيلة إنهاء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور المنتخبة من الشعب وإحلال لجنة معينة منه تتولى كتابة مشروع دستور آخر بديلا عن المزمع عرضه على الاستفتاء، لكن هذه التصرفات ستجعل عقيلة وحيدا في مواجهة كل هذه الأطراف التي لن ترضى بتجاوزاته وعبثه بالمشهد لأن استمراره سيؤدي إلى الانقسام المؤسسي والسياسي"، وفق قوله لـ"عربي21".
"مماطلات فقط"
وقال المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش إن "العقبة التي تواجه مجلس النواب حاليا هي عدم اعتراف مجلس الدولة أصلا بسحب الثقة من الحكومة الحالية حيث تم بعيدا عن المادة 5 من الاتفاق السياسي الذي يلزم البرلمان بالتشاور مع مجلس الدولة قبل سحب الثقة أو إقالة الحكومة وحتى الدبيبة رفض القرار".
ورأى في تصريح لـ"عربي21" أن "مجلس النواب لا يقف على أرضية صلبة في موضوع الشروع في تشكيل حكومة جديدة منفردا، لذا الهدف الحالي لعقيلة هو ربما المماطلة وإضاعة الوقت لحين الوصول إلى تاريخ 21 يونيو وهو تاريخ انتهاء المرحلة التمهيدية ليستفرد بتشكيل حكومة معللا ذلك بوجود فراغ سياسي"، كما قال.
وتابع: "وإذا حدث ذلك سيكون المسار الدستوري والانتخابات هما الضحية وكذلك مزيدا من الانقسام السياسي والعسكري وربما حرب عبثية في العاصمة والتي سيدفع ضريبتها المواطن البسيط"، حسب تقديره.
مسؤول ليبي: نزع الثقة عن الحكومة مرهون بـ"مجلس الدولة"
الجزائر تعيد افتتاح قنصليتها في طرابلس لأول مرة منذ 2014
محلل ليبي: مساءلة السايح لا قيمة لها.. و"المجالس" عبثية