نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا تحدث عن هجوم "تنظيم الدولة" على سجن يأوي الآلاف من مقاتلي التنظيم السابقين في سوريا، وسلسلة ضربات وجهت ضد القوات العسكرية في العراق المجاور.
وتتزايد الدلائل على عودة ظهور "تنظيم
الدولة" في سوريا والعراق يوما بعد يوم، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات على خسارة
المسلحين لآخر رقعة من أراضيهم، والتي امتدت يوما ما عبر أجزاء شاسعة من البلدين،
وتُظهر حقيقة أن التنظيم تمكن من شن هذه الهجمات المنسقة والمعقدة في الأيام
الأخيرة، أن ما كان يُعتقد أنه خلايا نائمة متباينة بدأ يظهر مرة أخرى كتهديد أكثر
خطورة.
اقرأ أيضا: ماذا وراء هجوم تنظيم الدولة على سجن "غويران" بالحسكة؟
وقال كاوا حسن، مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز ستيمسون، وهو معهد أبحاث بواشنطن: "إنها دعوة للاستيقاظ للاعبين الإقليميين واللاعبين الوطنيين، حيث أن "تنظيم الدولة" لم ينته وأن القتال لم ينته.. إنها تظهر قدرة التنظيم على الصمود للرد في الزمان والمكان الذي يختارونه".
وانتشر القتال يوم الثلاثاء بين جماعة
يقودها الأكراد تدعمها أمريكا ومسلحين من سجن غويران المحاصر في شمال شرق سوريا
إلى الأحياء المجاورة، مما أدى إلى اندلاع أكبر مواجهة بين الجيش الأمريكي وحلفائه
السوريين وتنظيم الدولة منذ ثلاث سنوات.
وانضم الجيش الأمريكي إلى القتال بعد
أن هاجم مسلحون سجنا مؤقتا في مدينة الحسكة، في محاولة لتحرير زملائهم المقاتلين، ويسيطر
تنظيم الدولة الآن على نحو ربع السجن ويحتجز مئات الرهائن، كثير منهم من الأطفال
تم احتجازهم عند سقوط آخر معقل للتنظيم الذي انضمت إليه عائلاتهم في عام 2019.
وشنت أمريكا غارات جوية وقدمت معلومات
استخباراتية وقوات برية في مركبات برادلي القتالية للمساعدة في تطويق السجن.
وحتى مع حدوث مناوشات حول السجن يوم
الثلاثاء، اندلع القتال بين مقاتلي التنظيم على بعد حوالي 150 ميلا، في الرصافة، التي
تبعد حوالي 30 ميلا خارج مدينة الرقة.
استعراض القوة لم يقتصر على سوريا
شهد العراق، تزامنا مع هجوم التنظيم على السجن، اقتحام موقع للجيش العراقي
في محافظة ديالى، مما أسفر عن مقتل 10 جنود وضابط في هجوم يعتبر الأكثر دموية منذ
عدة سنوات على قاعدة عسكرية عراقية، حيث اقترب مسلحو التنظيم من القاعدة عبر ثلاث
جهات في وقت متأخر من الليل بينما كان بعض الجنود نائمين.
وأثار الهجوم مخاوف من أن بعض الظروف
نفسها في العراق التي سمحت بصعود تنظيم الدولة في عام 2014 تفسح المجال الآن له
لإعادة التشكيل.
وفي كانون الأول/ ديسمبر خطف مسلحون
أربعة صيادين عراقيين في منطقة جبلية بشمال شرق العراق بينهم عقيد في الشرطة، قبل قطع
رأسه، ثم نشروا عملية الإعدام المروعة عبر الإنترنت.
وأبرزت الهجمات في العراق، التي نفذتها
الخلايا النائمة لتنظيم الدولة في المناطق الجبلية والصحراوية النائية، نقص
التنسيق بين القوات الحكومية العراقية وقوات البشمركة الكردية في إقليم كردستان
العراق، حيث وقعت العديد من الهجمات في منطقة متنازع عليها تطالب بها كل من
الحكومة الكردية العراقية والحكومة المركزية.
وقال أرديان شاكوفسي، مدير المعهد
الأمريكي لمكافحة الإرهاب، إن العديد من المسلحين الذين تم اعتقالهم في الهجمات
منذ أن فقد التنظيم آخر أراضيه قبل ثلاث سنوات يبدو أنهم أصغر سنا، ومن عائلات ذات
أعضاء أكبر سنا مرتبطين بتنظيم الدولة.
وتابع: "إذا كان الأمر كذلك، فهذا
جيل جديد من مجندي تنظيم الدولة، يغير الحسابات والتهديدات بعدة طرق".
وكافح العراق للتعامل مع عشرات الآلاف
من المواطنين العراقيين من أقارب مقاتلي تنظيم الدولة وعوقبوا بشكل جماعي ووضعوا
في معسكرات الاعتقال، التي يُخشى الآن أن تكون أرضا خصبة للتطرف.
وأدى الفساد في قوات الأمن العراقية
إلى ترك بعض قواعدها بدون إمدادات مناسبة وسمح للجنود والضباط بإهمال واجباتهم،
مما ساهم في انهيار فرق الجيش بأكملها التي تراجعت في عام 2014 بدلا من محاربة التنظيم.
وفي سوريا، قالت ما تعرف بقوات سوريا
الديمقراطية، "قسد"، إنها نفذت، الثلاثاء، عمليات تمشيط في أحياء الحسكة
القريبة من السجن، ما أسفر عن مقتل خمسة من مقاتلي التنظيم كانوا يرتدون أحزمة
ناسفة.
وقالت المليشيا إنها حررت يوم الاثنين
تسعة من موظفي السجون الذين احتجزهم تنظيم الدولة وقتلت تسعة متشددين آخرين، بينهم
انتحاريان، في غارات حول السجن، وقال المتحدث باسم "قسد"، إن 550 معتقلا
شاركوا في الحصار استسلموا حتى الآن.
وهناك ما يقدر بنحو 3500 محتجز في
السجن المكتظ، كما يوجد هناك ما يصل إلى 700 قاصر، حوالي 150 منهم من مواطني دول
أخرى تم نقلهم إلى سوريا كأطفال صغار عندما غادر آباؤهم أوطانهم للانضمام إلى التنظيم،
في حين توجه ما يقدر بنحو 40 ألف أجنبي إلى سوريا للقتال أو العمل مع "تنظيم
الدولة".
وخارج السجن، القوات الأمريكية التي
انخرطت مرة أخرى في معركة مع مقاتلي "تنظيم الدولة"، هي جزء من القوة
المتبقية للتحالف العسكري بقيادة أمريكا،
والتي تم سحبها إلى حد كبير من البلاد في عام 2019، حيث يوجد حاليا حوالي 700 جندي
أمريكي في المنطقة، وتعمل في الغالب من قاعدة في الحسكة، و200 جندي آخر بالقرب من
الحدود السورية مع الأردن.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية
(البنتاغون) إن عربات برادلي القتالية المدرعة المخصصة لدعم "قسد" يتم
استخدامها كحواجز حول السجن بينما شددت الميليشيات الكردية حصارها للسجن، وقال
مسؤول في التحالف إن المركبات تعرضت لإطلاق نار وردّت على النيران.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي
للمراسلين في واشنطن: "لقد قدمنا دعما أرضيا محدودا، وتم وضعه بشكل استراتيجي
للمساعدة في الأمن بالمنطقة".
قصف أمريكي على "سد الطبقة" بسوريا كاد أن يتسبب بكارثة
أتلانتك: على جونسون تذكر أن مصلحة بلاده تدعوه للرحيل
"تنظيم الدولة" يواصل الاستفادة من حقول نفطية بسوريا