فارقت آيات الرفاعي ذات الـ19 عاما الحياة في دمشق بعد أن أشبعها زوجها وأمه ضربا فضلا عن استعبادها لشهور خلت، أما الطالبة الأردنية في معان فتقول رواية زميلاتها إنها أسلمت الروح لبارئها بعد أن رفضت مديرة سكن الطالبات إحضار الإسعاف في وقت متأخر إلى السكن، ويقال إن مديرة السكن متقاعدة من إدارة أحد السجون.
بسنت في مصر فضلت الانتحار بعد تعنيف والدتها لها إثر انتشار صور مخلة لها، وهي تقسم أنها مفبركة ومن فعل شاب رفضت الارتباط به، فقرر الانتقام منها بفبركة تلك الصور ونشرها على منصات التواصل.
في العراق عقدت الفتاة قرانها على الرجل الذي شوه وجهها بمادة كيميائية! لا أدري كيف ولماذا، ولكن هكذا طوى البعض هذه الصفحة باختصار!
هذه القصص كلها عرفناها خلال الأيام الماضية فقط، وما لا نعرفه أكثر من أمور بقيت حبيسة الجدران وطي الكتمان، وهي لا شك تبقى حالات فردية ولا تعمم ولكن أيضا يجب ألا تهمل أو تترك.
هذه القصص كلها عرفناها خلال الأيام الماضية فقط، وما لا نعرفه أكثر من أمور بقيت حبيسة الجدران وطي الكتمان، وهي لا شك تبقى حالات فردية ولا تعمم ولكن أيضا يجب ألا تهمل أو تترك
لماذا هذا الاستئساد المجتمعي على المرأة، واتهام كل من يرفض ذلك أو يدافع عن حقها بأنه نسوي أو "نسونجي"، وكلاهما سيان عند من يوزع الاتهامات على مخالفيه بلا ذمة أو ضمير؟
تقديم الذكر والانتقاص من الأنثى
مع أن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن
النساء شقائق الرجال، وأن خيركم خيركم لأهله، ومع أنه صلوات ربي وسلامه عليه كان قدوة عملية في سيره بحاجة بيته وحمله لمشترياته ومساعدته في كل أعمال المنزل، حتى خياطة حذائه وملابسه، إلا أننا أبناء مجتمع يصف الرجل الذي يقوم بذلك حاليا بأنه "محكوم"، ويشجع الابن المراهق على النوم على الأريكة بينما شقيقاته يسهرن على خدمته.
أحدهم أقسم لي أنه وصل السبعين من عمره ولم تطأ قدمه المطبخ؛ فضلا عن التفكير بمساعدة أهله بأي شأن من شؤون المنزل، فمن أين كل هذا الاستبداد، ولماذا يصر البعض على ربطه بالدين والدين منه براء؟
نحتج على قمع الأنظمة وصمت الشعب، وكثيرون منا يمثلون نماذج طغيان مصغرة داخل بيوتهم، ولديهم قابلية للتجبر على نطاق أوسع لو سنحت لهم الفرصة
الفتاة التي تطلب حقها أو تريد توزيع المهام بالتساوي داخل المنزل تعتبر متمردة وجب تحطيم رأسها، قبل أن تفضح ذلك العقل البائس في حياتها الزوجية إن طالبت بحقوقها!
مشروع طاغية لو سنحت الفرصة
نحتج على قمع الأنظمة وصمت الشعب، وكثيرون منا يمثلون نماذج طغيان مصغرة داخل بيوتهم، ولديهم قابلية للتجبر على نطاق أوسع لو سنحت لهم الفرصة.
كيف لنا انتظار أمثال صلاح الدين من أمهات يُضربن أمام أطفالهن ويعاملن معاملة الدواب عند البعض ولا نعمم؟ وإذا أراد بعضهم ذكر شيء مرتبط بزوجته قال "حاشاك" أو ما شابه، كأنه يذكر حيوانا والعياذ بالله.
التغيير الذي ننشده جميعا لا يمكن أن يؤتي أكله ويحقق نتاجه إذا لم ينطلق أولا من تحقيق معايير العدل واحترام كرامة الإنسان من داخل بيوتنا وعائلاتنا
أعتقد أن في رقبة كل صاحب علم أو دين أو كليهما مسؤولية مضاعفة في تبرئة الدين أولاً من هذه التصرفات الوحشية، والتي يربطها بعضهم زورا وعدوانا به، ثم بيان خلق النبي صلى الله عليه وسلم في إكرام المرأة والرفق بالابنة ولين المعشر وحسن التربية، إذا أردنا جيلا أفضل قادرا على الوقوف في وجه الظلم ورفض الطغيان.
إن التغيير الذي ننشده جميعا لا يمكن أن يؤتي أكله ويحقق نتاجه إذا لم ينطلق أولا من تحقيق معايير العدل واحترام كرامة الإنسان من داخل بيوتنا وعائلاتنا، تلك اللبنة الأولى - كما يقال - في الإصلاح المنشود، حتى نرزق بأبناء وبنات كما قال عنهم الرئيس الراحل محمد مرسي رحمه الله: لا يقبلون الضيم ولا ينزلون على رأي الفسدة.