هوّن مستشار البيت الأبيض المعني بالأزمة الصحية، الدكتور أنتوني فاوتشي، إلى حد ما من خطورة المتحور الجديد، أوميكرون، مشيرا إلى أن "المؤشرات" الأولى في جنوب أفريقيا في ما يتعلق بخطورته والإصابة به "مشجعة بعض الشيء"، لكنه أشار إلى أن هذه مجرد بيانات أولية.
وتسبب المتحور الجديد بحملة إغلاقات دولية للقادمين من عدة دول أفريقية، فيما عادت لدى البعض الآخر سياسات التشدد والعودة لبعض إجراءات الوقاية من الفيروس التي كانت العديد من الدول قد تخلت عنها.
وقال فاوتشي في مقابلة على شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إنه "من الواضح، في جنوب أفريقيا، أن أوميكرون تنتشر بسرعة أعلى"، مشيرا إلى ارتفاع عدد الإصابات في ذلك البلد.
وأضاف: "لكن حتى الآن، ورغم أنه من السابق لأوانه استخلاص أي استنتاجات مؤكدة، فلا يبدو أنها تنطوي على درجة عالية من الخطورة".
وأردف: "حتى الآن، المؤشرات المتعلقة بالخطورة مشجعة بعض الشيء". لكنّ خبراء طبيين أشاروا في الأيام الأخيرة إلى أن التركيبة السكانية لسكان جنوب أفريقيا شابة، ورجحوا أن تسجل حالات إصابة خطرة في الأسابيع المقبلة.
أعراض معتدلة
من جهة أخرى وبعد أكثر من 15 يوما على اكتشافه، لا تزال البيانات المتعلقة بخطورة متحور أوميكرون قليلة أو غير كافية، لكن دراسة صغيرة أجريت على الأشخاص الذين أدخلوا المستشفى بسبب المتحور في جنوب أفريقيا تظهر أن الأعراض قد تكون "أكثر اعتدالا" من الأعراض التي ظهرت نتيجة الإصابة بالمتحورات السابقة من كوفيد -19.
ويحذر العلماء والباحثون من أنه من السابق لأوانه الجزم بطبيعة أو مدى خطورة الإصابة بمتحور أوميكرون، على الرغم من أن إجماعا بدأ يظهر بأنه أكثر قابلية على العدوى من سابقيه.
وقال الأطباء في مجمع مستشفى في تشوان في مركز تفشي أوميكرون في مقاطعة غوتنغ، في جنوب أفريقيا أنه من بين 42 شخصا يعالجون من كوفيد-19، منذ 2 كانون الأول/ ديسمبر، ولم يحتج 70 بالمئة منهم إلى الأكسجين للتنفس بشكل طبيعي.
ومن بين أولئك الذين احتاجوا الأكسجين، كان تسعة يعانون من الالتهاب الرئوي الناجم عن كوفيد 19 والأربعة الباقين كانوا على الأكسجين لحالات التي لا علاقة لها بالفيروس.
ونقلت صحيفة وال ستريت جورنال عن، فريد عبد الله، مدير مكتب أبحاث الإيدز والسل في مجلس البحوث الطبية في جنوب أفريقيا، والمؤلف الرئيسي للدراسة إن "هذه الصورة لم تشاهد في الموجات السابقة"، وأضاف "خلال موجات الإصابة السابقة في جنوب أفريقيا، احتاج معظم الموجودين فى المستشفى إلى الأكسجين".
وكشف تحليل لـ166 مريضا بكوفيد - 19 تم إدخالهم إلى نفس المستشفى خلال الفترة من 14 نوفمبر الى 29 نوفمبر أن معظمهم تحت سن الخمسين ولم يتم تطعيمهم.
وأدخل معظمهم لأسباب أخرى غير كوفيد – 19، وكان متوسط إقامتهم في جناح كوفيد-19 بعد التشخيص 2.5 يوما، مقارنة بمتوسط إقامة المريض البالغ 8.5 أيام خلال الأشهر الـ 18 السابقة.
وسجلت 10 وفيات خلال هذه الفترة. وكان خمسة منهم من البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما، وأربعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 26 و36 عاما، وتوفي طفل واحد، ولكن وفاته سجلت على إنها "لا علاقة لها بكوفيد".
وذكر التقرير أن تفشي المرض جديد، ومن ثم فمن المحتمل أنه "سيظهر النمط التقليدي الأكثر شدة مع مرور الوقت لدى الفئات الآكثر ضعفا".
وعلى غرار معظم سكان أفريقيا، فإن سكان جنوب أفريقيا أصغر سنا من سكان أوروبا وأميركا الشمالية. ويبلغ متوسط العمر في جنوب أفريقيا 28 عاما، وفقا للأمم المتحدة، وهو أصغر بـ 10 سنوات مما هو عليه في الولايات المتحدة.
ويقول مسؤولو الصحة العامة إن القابلية على الانتشار مثيرة للقلق، خاصة مع كون اللقاحات لم تغط كل سكان العالم حتى الآن، وكون بعض تلك اللقاحات قد لا يعمل بشكل جيد ضد أوميكرون.
ونقلت صحيفة وال ستريت جورنال عن أطباء قولهم إن "هناك ملايين الأشخاص غير المطعمين، وهذا يشكل خطرا على حياتهم، لكنه يشكل أيضا خطرا لازدياد انتقال العدوى".
وأعلنت الإدارة الأميركية، الأسبوع الماضي، عددا من الإجراءات لمكافحة أوميكرون، بما في ذلك تمديد اشتراط أن يرتدي المسافرون على متن الطائرات والحافلات والقطارات كمامات حتى منتصف مارس المقبل بدلا من السماح بانتهاء صلاحية هذا الشرط في 18 يناير كما هو مخطط له.
وستظل غرامات المخالفين ضعف مستوياتها الأولية، وغرامة لا تقل عن 500 دولار لغير الممتثلين، وما يصل إلى 3000 دولار في حال تكرار الفعل.
وفي الولايات المتحدة، قال المسؤولون الفيدراليون إنه تم اكتشاف حالات أوميكرون في 16 ولاية.
وستنفذ الولايات المتحدة، اعتبارا من الاثنين، شرطا جديدا يقضي بأن يظهر المسافرون جوا إلى الولايات المتحدة اختبارا Covid-19 سلبيا صدر قبل يوم واحد من الصعود إلى الطائرة.
وذكرت السلطات الصحية الهولندية إنه تم اكتشاف أوميكرون لدى 18 راكبا من بين 61 راكبا كانوا على متن رحلتين من جنوب افريقيا.
وذكرت وزارة الصحة الهولندية ان الركاب المصابين بأوميكرون يعانون من اعراض خفيفة أو لا تظهر عليهم أية أعراض على الإطلاق تقريبا، وسيتم إخراج بعضهم من الحجر الصحي.
وفي النرويج، أدى تفشي المرض في حفلة عيد ميلاد في 26 نوفمبر - حضرها بالكامل أشخاص ملقحون - إلى ظهور إصابات لدى أكثر من 120 شخصا.
وقال مساعد مدير منطقة حكومة بلدية أوسلو، بحسب وال ستريت جورنال، إنه تم التأكد من أن ما لا يقل عن 13 من هذه الحالات هى حالات أوميكرون وأن "من المتوقع تأكيد إصابة المزيد بالمتحور".
وقالت "الآن ما يأملون في القيام به هو إبطاء الانتشار. واضاف "ربما فاتهم اتصال وثيق اخر".
وذكرت وكالة الأمن الصحي البريطانية إنه تم اكتشاف 246 حالة اصابة بأوميكرون في بريطانيا.
وكشف تحليل نشر يوم الجمعة لمجموعة فرعية من 22 حالة فى إنجلترا إنه لم يتم نقل أي منها الى المستشفى.
وتجري حاليا دراسات مخبرية لمعرفة ما إذا كانت المتحورة الجديدة، التي تحوي طفرات كثيرة تقلق العلماء، أكثر قابلية للانتشار، إضافة إلى مدى مقاومتها للمناعة الناتجة من العدوى الأولى أو اللقاح، وما إذا كان تأثيرها أكثر خطورة.
من جهته، قال رئيس شركة موديرنا، ستيفن هوغ، في تصريح لتلفزيون "إيه بي سي" الأمريكي: "أظن أن هناك احتمالا مرتفعا أن نشهد انخفاضا في فعالية اللقاحات".
وأضاف: "ما لا أعرفه هو مستوى" التراجع، وتابع متسائلا: "هل سيكون مثل ما شهدنا مع دلتا التي ظلت اللقاحات فعالة ضدها، أم إننا سنشهد انخفاضا في الفعالية بنحو 50 بالمئة، ما سيعني أنه يتعين علينا تعديل اللقاحات؟".
وبدأت موديرنا، مثل شركات أدوية أخرى بينها فايزر، العمل بالفعل على تكييف لقاحها، إذا لزم الأمر.
ورصدت متحورة أوميكرون حتى الآن في 15 ولاية أمريكية على الأقل، وحوالي 40 دولة حول العالم، بعد رصدها لأول مرة في جنوب أفريقيا.
وأغلقت الولايات المتحدة قبل أسبوع حدودها أمام هذا البلد وسبعة بلدان أخرى في أفريقيا الجنوبية. وقال فاوتشي، الأحد، إنه يأمل في رفع هذا الحظر "في غضون فترة معقولة".
اضافة اعلان كورونا
وعلى صعيد آخر، كشفت الرسوم التوضيحية، التي أجرتها مجموعة وكالات الصحة العامة والمؤسسات الأمريكية المسماة COVID-19 Genomics UK Consortium، أو COG-UK، عن العدد الهائل من المتغيرات في التركيب الجيني للفيروس.
في الإطار نفسه، حذر العلماء من أن متحوّر "أوميكرون" يحتوي على أكبر عدد من الطفرات التي رأوها على الإطلاق.
من جهتها أكدت عالمة الفيروسات ميس عبسي، لـ"عربي21"، وهي أستاذة وباحثة في الأدوية وتطوير العلاجات، أن المتحور الجديد "أوميكرون" يتميز باكتسابه لمجموعة من المتغيرات في فترة قصيرة نسبيا وهي متغيرات موجودة في بعض المتحورات الأخرى، أهمها "بيتا" و"دلتا".
وبحسب ميس عبسي، فإن "أوميكرون" يحتوي على عدد أكبر من الطفرات بالبروتين الشوكي الذي يستخدمه الفيروس للدخول إلى الخلايا، إذ يقدر عدد التغيرات بالسلالة الجديدة بـ33 متغيرا متفوقا بذلك على التغيرات في باقي السلالات.
والطفرات هي تغيرات في الفيروس قد تمنح أو لا تمنح الفيروس قدرات إضافية، مثل الانتشار بشكل أسرع.
ومع وجود العديد من الطفرات، فإنه يثير احتمالات أن "أوميكرون" لديه عدد من المزايا الإضافية مقابل المتحورات السابقة من "كوفيد-19".
ورغم أن أغلب الحالات المسجلة بجنوب أفريقيا وأوروبا لإصابات "أوميكرون" رافقتها أعراض خفيفة إلى متوسطة الشدة، إلا أن القلق ما زال يسيطر حتى الآن على مدى فعالية اللقاحات ضد المتحور الجديد، والتي لن يعرفها العلماء على وجه اليقين لأسبوعين آخرين.
ويخشى الخبراء من أنه يمكن أن يجعل اللقاحات أقل فعالية بنسبة 40% في أفضل سيناريو، بناء على المقارنة مع المتحور "بيتا".
طبيب هندي يصاب بمتحور أوميكرون رغم عدم سفره
مفاجأة بشأن أعراض أوميكرون.. وموديرنا: نجاعة اللقاح متدنية
"الصحة العالمية" تحذر من خطر مرتفع بسبب متحور "أوميكرون"