نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للصحافي المقيم بتونس، سايمون سبيكمان كوردال، قال فيه إن زواج المصلحة بين الرئيس قيس سعيد، والشرطة التي طالما أفلتت من المحاسبة قد يزيد من الأمور سوءا.
وأضاف الصحفي أنه عندما خرج المئات من الشباب التونسي الذين يعيشون في أحياء الطبقة العاملة في تونس بداية العام الحالي واحتجوا ضد الطبقة السياسية وفشلها في معالجة الوضع الإقتصادي الضعيف وتراجع مستويات الحياة، ردت الشرطة بالقمع واعتقلت المئات من المتظاهرين، وتعرض بعضهم لتعذيب جسدي على يد الشرطة.
وقاد هذا التعامل إلى موجة احتجاجات جديدة، ضد وحشية الشرطة. وكانت هذه الإحتجاجات مهمة في تغذية شعبية الرئيس، حيث وقف غير مبال حين اعتقلت الشرطة المتظاهرين وقمعتهم.
ورغم أنه مدفوع بوعود الإصلاح السياسي الشامل، يبدو سعيّد عالقا في "زواج مصلحة" مع نفس قوات الأمن التي أوقفت الحركة في البلد بداية هذا العام، حسب المقال.
ومنذ تموز/ يوليو الماضي، اعتمد الرئيس وبشكل مطلق على الشرطة لتمرير إجراءات حاسمة لمكافحة الفساد وفرض الإقامة الجبرية ومنع السفر، واعتقال الساسة ورجال الأعمال المتهمين بارتكاب أخطاء، وهو الوعد الذي قدمه لتأمين انتصاره في 2019.
ونقل الكاتب عن الأمين بنغازي، من منظمة محامون بدون حدود قوله: "يعتمد سعيد الآن وبشكل كامل على القوات المسلحة وأجهزة الأمن".
اقرأ أيضا: إضراب عام بعقارب التونسية وتنديد بقمع احتجاجات "النفايات"
وأضاف: "لم يكن البرلمان ذي فائدة كبيرة لكن أفراده قد يذكرون انتهاكات الشرطة هناك".
ومقابل دعم سعيد، قد تجد الشرطة نفسها في وضع جيد، كما يشك الكثيرون، للمطالبة وأخيرا بالحماية القانونية التي طالبت بها نقاباتها منذ وقت طويل، والتي رفضها البرلمان.
ويرى الكاتب أن هناك أدلة متزايدة عن محاولة اتحادات قوات الأمن التونسية استغلال الزخم الذي خلقه تدخل الرئيس في تموز/ يوليو الماضي لصالحها.
ويقول بنغازي: "لو نظرت إلى مجموعات فيسبوك، فهناك رسالة واضحة، فاتحادات الشرطة تطالب بوقف الدعم الأجنبي لمنظمات حقوق الإنسان وجماعات الإصلاح ومحاكمة أفرادها".
وخلال 10 أعوام من عدم الإستقرار السياسي وتعاقب الحكومات، تم تشكيل اتحادات الشرطة في أعقاب ثورة 2011، وتزايدت قوتها لدرجة أنها باتت توفر حماية مطلقة لمنتسبيها من أجل عدم تقديمهم للمحاكمة.
ولم يتم ضبط أو معاقبة إلا عدد قليل منهم رغم الوفيات الغامضة والتعذيب والضرب التعسفي للمعتقلين.
ويقول إريك غولدستاين، القائم بأعمال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن حصانة الشرطة في تونس تعتبر مصدر قلق حقيقي و "نحن على معرفة بأعداد لا تحصى من الإتهامات ضد ضباط الشرطة ولا شيء يحدث على ما يبدو. وهناك حديث عن فتح ملفات تحقيق بدون متابعة. وكما نرى فلا توجد هناك محاسبة"، حسب ما ذكر بالمقال.
اقرأ أيضا: حرق مركز أمني بتونس بعد مقتل متظاهر باحتجاجات "النفايات"
ويرى كوردال أن تونس أمامها طريق طويل للتخلص من الدولة البوليسية التي وجدت قبل الثورة. ولم يعد التعذيب سياسة، والتظاهرات تجري بدون مضايقة بعد تدخل سعيد في أيلول/سبتمبر الماضي، إلا أن الهجمات التي تقوم بها الشرطة ضد الأفراد مستمرة.
وبحسب استطلاعات الرأي الخاصة فسعيد لا يزال يحظى بشعبية مع أن طرق تنظيم هذه الاستطلاعات تظل غامضة. وفي المناطق المهمشة حول العاصمة فشعبيته تصل إلى حد العبادة. ويطالبه البعض بمواصلة حكمه المستبد إلى ما لا نهاية. وينظر إليه سكان حي التضامن الذي اندلعت فيه تظاهرات بداية العام بالمنقذ.
واستخدم الرئيس مشاكل مثل هذه المناطق في حملته الإنتخابية، ولكن هنا قد يكون الإمتحان له مع تحذيره والبنك المركزي من إجراءات التقشف،
ويعتقد الصحفي أن أمل تونس في مستقبل جديد قد يتصادم مع العناصر التي لم يعد بناؤها وإصلاحها من مرحلة ما قبل الثورة بنتائج قد تقود لانفجار.
ويقول بنغازي إن الكثيرين الذين يعيشون على الهوامش، يرون في الدولة عدوا، وينظر إليها على أنها عصا الشرطي وسيكونون ضحايا التقشف كما كانوا دائما.
MEE: كيف تصدّر الإمارات ومصر الانقلابات للمنطقة؟
"لوفيغارو" تكذب رواية الرئيس التونسي حول "نفق المرسى"
MEE: ابن زايد والسيسي يصدّران الانقلابات إلى دول أخرى